ما أجمل أن يهمس الشعر الآتي عبر العصور المتعاقبة على إيقاع الموسيقى والغناء والرقص!فللمرة الرابعة قدّم فريق «أصوات» الإبداعي، الذي يعمل تحت مظلة «لابا» للفنون الأدائية التابعة لأكاديمية «لوياك»، أمسية فنية ثقافية أمس الأول، احتضنت قدراً عالياً من الإمتاع ممزوجاً بهدف نبيل وفائدة محققة.الأُمسية التي أُقيمت بالتعاون بين «لوياك» والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، حملت عنوان «كلام الأمس واليوم»، تألقت على خشبة مسرح الفنان «عبدالحسين عبدالرضا»، وسط جمهور غفير من كل الفئات العمرية.العرض كان متميزاً للغاية، وكان أشبه بالأوبريت المصغر، إذ جمع بين أنواع متباينة من الفنون: الرقص الاستعراضي والغناء والرقص الشرقي والشعر والتمثيل، في مزيج تلقاه الجمهور بمزيد من التفاعل والإعجاب والتصفيق، خصوصاً أن الرقصات جاءت مرتبطة بقصة وحدث، ولم تكن رقصاً للرقص فحسب، كما كانت تسير على أنغام الموسيقى الحية مع المغني عبدالعزيز المسباح، وعازف العود كمال، وعازف القانون إسلام، وعازف الكمان محمد، إلى جانب تجانسها مع أبيات الشعر الذي نظمه شعراء كبار من الحاضر والماضي ليعود إلى العصور البعيدة كالعباسي والأموي والجاهلي، لتنساب في الأمسية بحور الشعر من عنترة بن شداد وعروة بن الورد، ثم حسان بن ثابت، حتى وصلنا إلى نزار قباني ومحمود درويش!بدأت الأمسية مع رائعة أم كلثوم «الأطلال» بصوت الشاب عبدالعزيز المسباح، ليستمتع الحضور بقصة متكاملة متناغمة في جميع أطرافها، فها هو الراوي يقف على هضبة الزمن محاولاً أن يستدعي الأحداث، وفي الوقت نفسه كان منتظراً وصول أحد أصدقائه - واحد من الشعراء المجهولين - ومن هنا بدأت الأحداث تتوالى مع طرح العديد من القضايا منها على سبيل المثال شرب «الخمر» الذي هو من المحرمات، موضحاً أن تناوله كان عند عنترة بن شداد يمثل الشجاعة، بينما هو عند طرفة بن العبد كان يمثّل الفقر، ومع ذلك الطرح كانت الأغاني المعبرة عن الحالة والرقصات مع أبيات الشعر تخرج إلى الحياة.على هامش الأمسية، صرحت رئيسة مجلس إدارة «لوياك» فارعة السقاف بأن «ما قدمه فريق (أصوات) هو عملية تغيير نوعي في الفن والثقافة بالكويت، وهو بداية حركة وثقافة وفن جديد، فعندما تندمج ثقافتان مع تعزيز استخدام اللغة العربية تكون النتيجة هي ما ولد فوق خشبة المسرح»، مردفةً: «رأينا كيف امتزج الشعر مع الموسيقى مع الرقص في آن واحد، وهو ما يسمى (التثقيف والترفيه معاً)، فأنت من الممكن أن تحضر عرضاً ما وتشعر بالمتعة والترفيه، لكن قد لا تحصل على ثقافة، كما أنك قد تتثقف من عمل فني، لكن ينتابك الشعور بالملل»، ومؤكدةً: «أما أن تندمج الثقافة مع المتعة، فهذا لم يحصل إلا هنا في (كلام الأمس واليوم)، نعم أقل ما يمكن أن نطلقه على ما شاهدناه هو الترفيه التثقيفي الراقي، لأنه عندما تجتمع الثقافة والفن والوعي في عمل متقن فإنني أفتخر بأن أكون من المشاركين في صناعته».وأكملت السقاف: «إن (لابا) حقاً تخلق حالة فنية جديدة في الكويت، وتصنع تراثاً عربياً جديداً يحافظ على الأصالة ويلبسها ثوب المعاصرة»، مواصلةً: «شكراً لكل من أسهم في (كلام الأمس واليوم) من الكويت وفرنسا التي فيها ستكون محطتنا المقبلة لتقديم العرض هناك، ومنها إلى بيروت»، ومتابعةً: «أمنيتي من الحكومة الكويتية أن تتبنى هذا العرض العالمي وتدعم الطاقات الشبابية في (لوياك)، لأنهم قادرون دوماً على تقديم الأفضل وتنفيذ المهمة على أكمل وجه».من جانبه قال مغني الراب الجزائري «نايلي» الذي أدى دور الشاعر: «وجودي في هذا العرض هو تجربة فنية جديدة تماماً، خصوصاً أنني في الأساس مغني راب، لكن ما حمَّسني كي أكون عنصراً من عناصر هذا العمل هو وجودي في الكويت والالتقاء بمجموعة من الشباب من ثقافات وجنسيات متعددة اجتمعوا على حب الفن وتقديم رسالة سامية وهادفة»، مواصلاً: «بهذا العرض نبرهن على أننا عن طريق الإبداع والفن نستطيع أن نبني جسوراً بين الثقافات».وزاد «نايلي»: «قدمنا العرض بطريقة معاصرة، حيث فكرة العرض كانت مقارنةً بين أخلاق وثوابت وعادات المجتمعات العربية في الماضي، والحال التي وصلنا إليها اليوم، لربما في بعص الأحيان نُفاجَأ بأننا ربما إن تطورنا تكنولوجياً نجد أنفسنا بالمقابل نعود إلى الوراء أخلاقياً، وفقدنا أموراً كثيرة.
فنون
قدَّمته فرقة «أصوات» ونظَّمته «لابا» على مسرح عبدالحسين عبدالرضا بالتعاون مع «المجلس الوطني»
«كلام الأمس واليوم»... همْس الشعر يعانق الرقص والغناء
04:47 م