ما الجديد الذي يمكن أن أكتبه لك اليوم عزيزي القارئ؟أتساءل وأنا في غرفتي وأمامي كثير من التبغ وقليل من البن وبواقي الطعام وكتاب مفتوح على صفحة 46.. عنوان الكتاب ليس مهما!أقرأ خبر في صحيفة «الراي» يقول (أطباء كويتيون يتدربون على عيون القردة والخنازير).. أمسك القلم ولكني لا أجد الأوراق.في جريدة السفير لفت نظري خبر آخر (استقالة رئيس الوزراء الإيطالي بعد هزيمته في الاستفتاء الدّستوري) أدخل على رابط الخبر فلا أجده.أشعر بالملل فأغادر المنزل تاركاً ورائي قهوة حارة وابنتي التي تبكي كي تأتي معي، وابني الذي يبكي لبكائها... وزوجة تحاول للمرة العاشرة أن تضبط تردد إحدى القنوات.أركب السيارة وأنا أفكر، مالذي يمكن أن أكتبه لك اليوم؟في الفترة الأخيرة أصبحت أنظر إلى عداد البنزين في السيارة أكثر من الساعة، ثم أردد في سري بعض الكلمات التي لا أستطيع أن أخبرك بها!بسرعة 80 كليو متراً أسير مغمض العينين، فأسمع طرق أيادٍ متواصلاً على باب السيارة.. ورغم ذلك فلا أسأل نفسي، من الذي يطرق باب سيارتي وهي تسير بهذه السرعة؟وفي مقهى من الدرجة العاشرة أجلس القرفصاء على كرسي من الدرجة الأولى بالتأسيس وأنظر في اللاشيء علني أجد شيئاً أكتبه لسيادتك.أنظر حولي فلا أسمع إلا نقاشات بعض الوافدين حول غلاء المعيشة، ومجموعة من الشباب تتابع مباراة في دوري من الدرجة الثانية بصفة أصلية، وفي إحدى الزوايا يجلس نادل المقهى وهو يبتسم للفراغ!كيف يمكن أن أحدثك عن شعوري وأنا أجد العالم الواقعي أمامي الآن يتلاشى على أصوات طرق أيادٍ وكأنها تطرق باباً ليس من المفترض أنه موجود! من أين يأتي هذا الصوت الذي يشوش الصورة؟فأدخل من فوري إلى العالم الافتراضي (تويتر) فأجد استبياناً يقول (من هو رئيس مجلس الأمة المقبل)-الغانم-المويزري-الروميالمشاركون في التصويت 159 شخصاً ورغم ذلك فعندما حاولت أن أشارك كتب لي (أنت محظور)!أمرر الشريط للأعلى فأجد «هشتاق» يطالب فيه الناس بالحرية لخليفة.نعم.. لقد عرفت الآن ما الذي ينبغي علي أن أكتبه لك، إنها الحرية.العالم يحتاج إلى مزيد من الحرية.ولكن هناك عصافير كثيرة تغرد في قفصي الصدري قائلة (ادفع ثمن إيجار شقتك.. بدلاً من أن تدفع ثمن أرائك)، فأمسح ما كتبت.. ثم أقف على قدم واحدة وأدفع حسابي ولا أترك بقشيشاً للنادل، وفي الطريق أنظر لعداد البنزين مرة أخرى وأفكر، ما الذي يمكن أن أكتبه لك اليوم عزيزي القارئ؟أدير محطات الراديو التي في السيارة علي أجد شيئاً عبر الأثير، برنامج مسابقات غير مسلٍ،رجل يغني بصوت أمرأة، إذاعة القرأن الكريم تتكلم عن حقوق الحيوان... أرفع الصوت كي أسمع ولكنه ينخفض، أرفعه أكثر فينخفض أكثر ويختفي تدريجياً تزامناً مع طرق أيادٍ على الباب.. إنه ليس باب السيارة هذه المرة بل باب غرفتي!!فتحت الباب، وجدت دموع ابنتي قد جفت،وزوجتي تسألني (نطرق الباب منذ مدة، فلماذا لا تفتح؟).. وقهوتي أمامي مازالت حارة!!القلم موجود.. والأوراق فارغة.فأتساءل..هل غادرت المنزل حقاً؟؟كاتب كويتيmoh1alatwan@