في فيلم لا أتذكر اسمه قالت الفنانة إسعاد يونس وهي غاضبة لسمير غانم الذي كان يلعب دور زوجها: اللهم نجي الجحش من الوحش فرد عليها مستغرباً: «هو أنا جحش» لترد عليه: «يعني أنا اللي وحش» لينتهي المشهد عند هذا الحد ويستمر الفيلم والزواج بين الزوجين اللذين لم يتصالحا لأنهما باختصار لم يتخاصما.تذكرت هذا المشهد وأنا أرى الفجور في الخصومة حيال دكتورة جامعية استشهدت بالمثل السابق في حسابها على تويتر على سبيل المزح الواضح لمن تابع سلسلة تغريداتها التي تتضمن مُزحات ثقيلة من نوع: «الشبشب يالا»... والكثير من «الريتويتس» لباسم يوسف فكانت كمن أرادها طرباً، وصارت نشبارب مزحة قالت لصاحبها «يا ويلك يا سواد ليلك» إذ انهالت عليها الشتائم ويا ليت الشتائم اكتفت بصيغة البهائم بل طالت العرض والذمة المالية وتجاوزتها لتصل إلى شعبها والشعوب المجاورة، وكأننا شعب الله المختار الذي يجوز له ما لا يجوز لغيره «لأن الزين عندنا والشين حوالينا».عادت واعتذرت ومسحت لكن المسح بكرامتها الأرض كان مع سبق الإصرار والترصد بشكل يشبه الصيد في المياه العكرة التي جرفت حتى الصرح الأكاديمي الذي أقحم نفسه خصماً فاستدعى الاستاذة ليحاكمها على تغريدة ممسوحة، وليته اكتفى باستقالتها المرسلة بل أصر على رفضها وتسجيل غيابها وفصلها يعني بالعربي: «هيعدموك وبعدين يسجنوك» ويفهموننا إن اكرام الميت دفنه!صراحة لم أفهم كل هذه القسوة في مجتمع اعتاد تاريخياً على «التجحيش» الذي تحول إلى «مجحشة» وتوحش حيال من تغرب ليساهم في تطويره ويحبط لصدمته فيه ثم يقول الحقيقة متستراً بالمزح الذي يحمل الحقيقة بين جنباته. فمستوى طلبتنا التعليمي لا يتطور إلا مع تطوير مكانة معلميه لا أن نجعلهم «ملطشة» لمن هب ودب ونستكثر عليهم أن يكونوا بشراً طبيعيين يقومون بالمزح البريء، ويعتذرون إن أخطأوا أو فُهموا بالخطأ، لا أن يدعوا المثالية في العلن ويمارسوا في السر كل ما ينتقدونه علانية!تطور العلم يكون باستدعاء المعلم وتوعيته بأن خطأه بعشرة لأنه قدوة لا باستعدائه فقط لأنه وافد، وفي المقابل استضافة الذين خالفوا كل قيم المجتمع في المؤسسات التعليمية للحديث عن قصص نجاحهم فقط لأنهم حققوا الشهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإن كانت عبر الرقص واستخدام الهاتف النقال خلال قيادة السيارة والتصوير في غرف النوم مرتدين البيجاما!وبمناسبة الوافدين وإحلالهم بالمواطنين فقط لأنهم مواطنون دون اعتبار لكفاءة وخبرة أتذكر هنا أنني وجيلي درسنا على أيدي معلمات فلسطينيات غادرن بعد احتلال الكويت وحل محلهن معلمات كويتيات أيامي كانت أمي وأمهات صديقاتي يرتدين العباءة كل يوم بعد صلاة المغرب ليتبادلن الزيارات بينهن غير مشغولات بأمر تدريسنا البتة من المناهج الحكومية ،اليوم صديقاتي لا يغادرن المنزل لأنهن مشغولات بتدريس أبنائهن الذين يدفعن لهم دم قلبهن في المدارس الخاصة والدروس الخصوصية ولا يزال المستوى التعليمي يتراجع بتراجع مستوى المعلمين.فرق كبير بين من يتغرب ليعمل بشرف وضمير لإعالة أسرته، وبين من يذهب للعمل فقط ليزيد من دخله الذي ينفقه في التسوق عبر الانستغراملا أعمم هنا ولا احصر الكفاءة بجنسيات معينة، لكنني أشعر بالغثيان إزاء العنصرية والعنجهية والكيل بمكيالين والظلم المراد به التكسب الشعبي وتأجيج الشعب على خطئه بدلا من تهدئته وتوعيته بفظاظته على المقيم الشريف فيه، والذي لو فتح فمه بحرف ينتقد فيه الطقس لتعالت الأصوات سفروهم وفي المقابل لا نرضى منهم المعاملة بالمثل في بلادهم حين نزورها ولا نعي أن ردود الفعل لأفعالنا قد تكون أقوى وأقسى لولا ستر ربي ولولا أن الآخرين «مكبرين» أدمغتهم عن أفعالنا.أخيراً أعرف أن كلامي لا يعجب كثيرين، وأعرف انني لو لم أكن كويتية، وكتبت هذا الكلام لقمتم بتسفيري على الفور، وأعرف كذلك أنني لو لم أكن أنثى لقمتم بـ»تجحيشي».reemalmee@