أرجع رئيس المنتدى الإعلامي المصري عضو المجلس العسكري إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر اللواء طارق المهدي نفور الشعب المصري من حكم الإخوان إلى «الجوع الشديد للسلطة والمال والتعالي على الشعب والسلطات»، لافتا إلى أن ذلك كان سببا في لجوء الشعب إلى المؤسسة العسكرية.وحذر المهدي في حوار مع «الراي» من أهداف الأشخاص الذين يرددون أن المؤسسة العسكرية لن تترك الحكم مرة أخرى لأي مواطن مدني، لافتا إلى أنه «يريدون فك ارتباط الجيش عن الشعب، مع أن جيش مصر خرج من رحم الشعب وهو جزء لا يتجزأ منه».ورأى أن الانتقادات التي توجه للجيش نتيجة انخراطه في أمور بعيدة عن مهامه الرئيسية مثل توزيع السكر وبيع اللحوم وغيرهما من السلع «في غير محلها»، مشيرا إلى ان «هدف الجيش توفير السلع الأساسية بأسعار معقولة في أقل فترة زمنية للحد من جشع التجار».وفي ما يتعلق بقضية تيران وصنافير وتأثيرتها على العلاقة بين مصر والسعودية، قال «دع عنك ما يتم تناوله عبر وسائل الإعلام عن طبيعة العلاقة بين البلدين الشقيقين، حيث لا يجدي نفعا ان نحول كل خلاف إلى نقيصة، فموضوع الجزيرتين شديد الفنية ولا يمكن لدولة بحجم مصر ان تقول إن الجزيرتين سعوديتان دون وجود بيانات وأوراق تؤكد ذلك»، مؤكدا أن «مصر دولة مؤسسات وأتاحت للقانون المصري المجال للحكم في هذه القضية والقرار النهائي سيكون له».وتطرق المهدي إلى العديد من القضايا المثارة على الساحة السياسية المصرية، والعلاقة القوية التي تربط مصر والكويت وغيرها من المسائل التي شغلت الرأي العام العربي، وهو ما يتضح من الحوار التالي:• ما سبب زيارتكم للكويت؟- زيارتي للكويت تأتي في إطار مشاركتي في معرض النخبة العقاري، وهذه هي المرة الأولى التي أزور فيها الكويت وهي زيارة ذات جوانب عديدة تتضمن طرح رؤية من الداخل لمواطن مصري خرج من تشكيل الحكومة بعد شغله سلسلة من المناصب.• كيف ترى العلاقات المصرية-الكويتية وكذلك المصرية-الخليجية؟- الكويت كان خطها واضحا منذ البداية، فهي كانت داعمة لنا طوال الوقت إدراكا منها لقيمة مصر في المنظومة العربية، وهذا الإدراك كان أشمل من عملية جذب الاستثمارات الكويتية إلى مصر أو العكس، الموضوع أكبر من ذلك، فنحن نمر جميعا بمعركة بقاء ووجود، فالهجمة على ناطقي اللغة العربية شرسة جدا، وبالتالي فإن نظرة الاحتواء التي تتعامل بها الكويت مع محيطها العربي تتوافق مع النظرة المصرية وفكرة القومية العربية، فالكويت تلعب دورا محوريا حتى تأخذ مصر بزمام الريادة.إن طبيعة العلاقة بين الكويت ومصر تنطبق عليها الأغنية التي يقول مطلعها شعب واحد على أرضين، أما بالنسبة لبقية الدول الخليجية، فالموقف الإماراتي كان أيضا واضحا وكذلك الأمر بالنسبة للموقف السعودي، ولنترك ما تتناوله الحملات الإعلامية من مواضيع خلافية، حيث لا يجدي نفعا أن نحول كل اختلاف أثناء العمل إلى نقيصة، وكما قلت شعوب الدول العربية هي شعب واحد يعيش على أراض مختلفة ولكن لا يمنع ان يكون هناك اختلاف في وجهة نظر الأشقاء،وفي النهاية كما يقال الاختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية، يزعجني كثيرا غياب العقل النقدي في المرحلة الحالية، فالمصلحة العربية الشاملة واحدة.• يتردد كثيرا أن المؤسسة العسكرية لن تترك حكم مصر مرة أخرى لأي مدني أيا كان توجهه بعد تجربة الرئيس المعزول فما رأيك؟- أنا لا أوافق على هذا الكلام، فالمؤسسة العسكرية لم تعلن عن ذلك وهذا غير مطروح، خصوصا عندما ترى هذا الحب الجارف لجيش مصر الذي خرج من رحم شعبها، نحن لسنا قبيلة منعزلة عن الشعب وإنما جزء منه، هل خرجنا نحن وقلنا ان القاضي لن يكون رئيسا لمصر أو المعلم أو الطبيب؟... لم نقل هذا، إذن ما المانع أن يصبح الضابط رئيسا للجمهورية؟ وسؤالي هنا هل هذا الأمر يتم بالتعيين أم بالانتخابات على رؤوس الأشهاد؟ فالانتخابات الرئيسية جرت في مناخ ديموقراطي ولم يشكك أحد في دقة النسبة، نحن بلد مؤسسات والتنافس مطلوب من أجل الوطن، أما الذين يروجون لمثل هذا الكلام فيريدون فك الجيش عن الشعب رغم أننا كما قلت جسد واحد.• هناك انتقادات كثيرة توجه للقوات العسكرية بسبب تزايد انخراطها وتدخلها في أمور ليست من مهامها مثل توزيع وبيع السكر واللبن فهل هذا التغلغل أمر مضر أم مفيد للمؤسسة؟- أولا، من الأبقى الوطن أم المؤسسة العسكرية؟ بالتأكد الوطن، إذا لو نحن دخلنا في هذه المزايدات ما الشيء العائد على مصلحة المواطن؟ نحن نريد ان نكسب وقتا من خلال توفير احتياجات المواطن بأرخص الأسعار الممكنة،والقادر على هذا الأمر في هذا التوقيت نتيجة الانضباط والشفافية هو الجيش إدراكا منه لعمق المشكلة.هدفنا توفير السلع في وقت ضيق حتى نوفر مزيدا من الوقت لبناء وطننا وحتى يقوم كبار التجار والمستوردين بهذا الدور وبنفس الكفاءة والأسعار، فمسألة بقاء الأشياء بأسعار معقولة باتت أمرا ضروريا حتى يشعر المواطن ان غدا سيكون أفضل، وأرى ان العدو الرئيسي لمصر من وجهة نظري هو الوقت.• ولكن هناك من يقول ان الجيش هو من يصنع الأزمات للاستفادة قدر الإمكان من المضاربات السوقية؟- لو كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لا يقوم التجار بهذا العمل وينتهزوا الفرصة للاستفادة من هذه الأزمات؟ تجربتي في الإسكندرية مع المنحة الإماراتية التي كانت عبارة عن 100 ألف رأس ماشية تدحض مثل هذه الأقاويل، فمحافظة الإسكندرية ليست بلدا زراعيا، لذا قام الجيش بأخذ 50 ألف رأس لتربيتها،وأنا أخذت 10 آلاف رأس وعمدت في هذه التجربة على تشغيل القطاع الخاص والجامعة، حيث أصبحت اللحوم متوافرة بسعرأقل من الموجودة في السوق بأقل من 40 في المئة.وأتذكر أنني وقتها أعطيت تعليمات بفتح كل المنافذ الحكومية لبيع اللحوم، وقتها شعرت بالفخر لأنني وفرت لحوما لأهل اسكندرية بسعر رخيص، وسؤالي لمن يردد أن الجيش يصنع أزمات: هل تجربتي هذه جعلتني أحل أزمة أم أخلق أزمة ؟أنا أتصور أن الجيش يكرر هذه التجربة حاليا لحل بعض الأزمات الخاصة بالسلع الضرورية، هذه الحملات مقصود بها مصر أكثر من الجيش، يريدون فصل الجيش عن الشعب، وأرى أن الصبر في هذا التوقيت هو أصل الحل.• لماذا أعلنت مصر ان جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان وتم سجن من يقول عكس ذلك،ومن ثم تغيرت لغة الخطاب الرسمية لتحيل الأمر على القضاء؟ لماذا لم يترك الأمر للقضاء منذ البداية؟- مسألة الإعلان من عدمه ترتبط بدراسات وأمور فنية بحتة، ودعنا ننظر في هذا الموضوع إلى دراسات الأستاذ مفيد شهاب، فعندما توقع الدولة على شيء وتؤكد صحة موقفها ونرى أكاديميا بقيمة مفيد شهاب يقول كذا،فماذا نملك نحن من معلومات حتى نقول (صح أو خطأ)؟ إن فكرة ان نختلف على موضوع فني شديد الفنية وتحت دعاوى المزايدة على الوطنية أعتقد أنها مسألة ليست صائبة، الدولة مسؤولة عما قالته استنادا إلى رأي الخبراء، أما القول بأن الدولة استعجلت في هذا القرار فليس في محله، فهذا قرار دولة، تقديراتها وبياناتها وأوراقها تقول كذا، إذا علينا ان نلتزم بهذا القرار.هل يريدون أفهامنا ان الدولة تتحمل قول شيء خاطئ عن ممتلكتها؟ الكذب ليس من الذكاء في التعامل، هذه بيانات موجودة عند الدولة تقول ان هذه هي الحقيقة، أما موضوع القضاء فهذا شيء آخر، فهو يحكم من خلال أوراق رأى فيها ان أوراق الشاكي أفضل من الأوراق التي قدمتها الحكومة وهذا شيء طيب،لأن الدولة لم تقل ان هذا القرار غير قابل للنقض لأننا في النهاية دولة مؤسسات والقضاء سلطة تختلف عن السلطتين، والقرار النهائي للقضاء، ولم يحدث يوما ان مؤسسات الدولة عارضت أو وقفت ضد تنفيذ أحكام القضاء.• ألا تعتقد أن زيادة رواتب السلكين العسكري والقضائي في وقت تعاني فيه بقية شرائح المجتمع المصري أمر يكرس الضغينة ويؤسس لدعوات جديدة للتظاهر بسبب غلاء الأسعار؟- المعلومة الموجودة عندي تقول ان الزيادة حدثت قبل فترة تولي الرئيس السيسي للحكم، أما زيادة بعض المعاشات فقد جاءت لأنها كانت ضعيفة جدا في ظل الغلاء الشديد، وكل الزيادات يتم دراستها بالتناسب بين الشعب وبقية مؤسسات الدولة حتى لا تحدث قلاقل.وفي شأن حدوث تظاهرات للغلابة أو دعوات من هذا القبيل فأنا أشك في ان الشعب المصري لديه الرغبة في هدم الدولة في هذا التوقيت، إنه شعب صابر ونحن نحاول توفير السلع الضرورية والدليل فشل تظاهرات 11/ 11، نحن أبطال العالم في مواجهة الأزمات، البلد حاليا يمر بمرحلة حرب بناء لا مرحلة توزيع مغانم.• كيف ترى انخفاض قيمة العملة المصرية لأكثر من النصف منذ خروج الإخوان المسلمين من المشهد؟- أولا دعنا نتحدث عن مسألة تعويم الجنيه، هل قرارات التعويم كانت سليمة؟ في تقديري كانت سليمة جدا ولكن ينقصها فكرة آلية إدخال الاستثمارات وتشغيلها عبر دورة محكمة تقوم بضبط قيمة الفلوس عن طريق تشغيل الأموال عبر دورة استثمارات حقيقية والنأي عن البيروقراطية وتقاطع مسارات الجهات، وأعتقد أن الأمور ستتحسن مع إدارة أصول الدولة بشكل حقيقي في ظل الإجراءات السيادية التي صدرت أخيرا.• ولكن ما الأسباب التي جعلت قيمة العملة المصرية تنهار بهذا الشكل رغم المنح التي تلقتها مصر منذ ثورة 30 يوليو؟- لدينا كساد في السياحة حدث منذ سقوط الطائرة الروسية، كما أن العوائد السياحية انهارت خلال الأشهر الست الأولى من 14 مليارا إلى مليار، إضافة إلى تدني مستوى التجارة العالمية الذي انعكس على قلة عدد السفن المارة بقناة السويس وبالتالي تدني مدخولاتها.ومن العوامل أيضا انخفاض تحويلات المصريين العاملين في الخارج بعيدا عن القنوات الرسمية، وهو الامر الذي يجب ألا نلومهم فيه لأن الفرق بين القنوات الرسمية والسوق السوداء كان كبيرا جدا، وحدوث كل هذه الأمور في توقيت واحد إلى جانب بعض الأمور الأخرى أفرزت تدني قيمة العملة المصرية.ومن وجهة نظري يجب فتح مجالات الاستثمار وعدم وضع الأموال في البنوك حتى يتم ضبط دورة الاستثمار، وإلغاء التقاطعات بين مسؤوليات المحافظ والوزير وغيره التي تعرقل هذه الدورة.مصر غنية ولكنها قليلة السيولة في الفترة الحالية، وقد تم اتخاذ مجموعة قرارات سيادية لتنشيط وتشجيع الاستثمار ولكن يجب علينا إلغاء مسألة تقاطع المسؤوليات في مجال الاستثمار وجعلها عن طريق الشباك الواحد، وأعتقد ان الآلية لتنفيذ هذه القواعد غير موجودة بالشكل الكافي ولكن من السهولة بمكان في خلال شهرين أو ثلاثة تنفيذ هذه القواعد بشكل جيد.• بم تفسر تسليم المجلس العسكري السلطة للإخوان ثم إزاحتهم واتهامهم بالإرهاب؟ هل إرهابهم لم يظهر إلا بعد خروجهم من الحكم؟- الموضوع في تقديري ان الجوع الشديد لكل شيء من سلطة ومال وتعاليهم الشديد على الشعب والسلطات بلا مبرر عوامل جعلت الشعب ينفر من تجربة الإخوان ويلجأ إلى الجيش.• ما تفسيرك لنزول وزير الدفاع السابق المشير حسين طنطاوي إلى ميدان التحرير في 11 نوفمبر الفائت؟- في تقديري هو كان يريد إيصال رسالة مفادها أن البلد آمن لدرجة ان المشير طنطاوي بما يمثله من قيمة مهمة في الدولة نزل إلى ميدان التحرير بسيارته.• بم تعلق على ما قاله اللواء أحمد وصفي:«لو السيسي اترشح أو بقى رئيس يبقى (ما حدث في مصر) انقلاب»؟- لم أسمع بهذا الكلام من قبل، ولكن كل مواطن مصري شريف من حقه أن يترشح.• ماذا كان شعورك عندما طردك الثوار من ميدان التحرير في 17 يوليو 2011؟- كلمة طرد غير صحيحة، والدليل أن جميع الفيديوهات التي أظهرت هذا الموقف تبين أنني دخلت بسيارتي وخرجت وكنت واقفا على المسرح وقلت لهم: أنا لو خايف منكم مكنتش جيت هنا، ولكن تلويح 10 أفراد بأيديهم من بين 4 آلاف يؤيدون الجيش لا يعني طردي.
محليات
عضو المجلس العسكري خلال ثورة يناير اعتبر أن العلاقة بين الكويت ومصر تنطبق عليها أغنية مطلعها «شعب واحد على أرضين»
طارق المهدي لـ«الراي»: جوع «الإخوان» للسلطة والمال نفّر الشعب منهم فلجأ إلى الجيش
05:35 ص