كان أحد العلماء يخطب بالناس آمرا ناهيا واعظا ولم يلبث قليلا حتى قام أحدهم فتفل في وجهه بغضا فيه، فقام الناس من حوله وأرادوا الفتك به إلا أن العالم نهرهم وأمرهم بالحلم والصفح وألا يتعرضوا له بالسوء او الضرب او حتى الكلام. وقال إن ما أعلمكم ينبغي علي أولا أن أقتدي به.مرت الأيام فألم بمن تفل على العالم مرضا وسوء فكان طريح الفراش هزيل الجسم لا يقوى على الحراك، وما أن سمع به العالم حتى بادره بالزيارة،لم يتمالك المريض نفسه أن بكى ولم يقو على رفع عينيه خجلا مما كان منه، والتمس العذر والصفح عما بدر منه وأحبه حبا كبيرا لخلقه وتواضعه وحلمه وصبره.للقصة تتمة ولكن ما يعنيني أن الخلق مركب ومنهج في الحياة وكلما كان الخلق رفيعا كان صاحبه ذا شأن عند الله تعالى وعند الناس.وقد مدح الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ قال: «وإنك لعلى خلق عظيم».فبالأخلاق تسمو الأمم وترتفع، واذا ما وقعت الحوادث كان للخلق دور في النجاة، أما عن ذهاب الأخلاق فقد عبر عنه أمير الشاعر قائلا:إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبواولنا في سوء الخلق عبرة لمن كان يملك عقلا فقد هوى بقوم لوط سوء اخلاقهم الى الهاوية وأمر الله تعالى بالعذاب عليهم أن ينزل فأبادهم وأفناهم كل ذلك لشنيعما ارتكبوا وقبح ما فعلوا فلم يتبق لنا من ذكراهم إلا الموعظة.هزمت اليابان كل الكوارث والازمات التي ألمت بها وما خضعت لها فقد غلبت روح الجماعة عندهم الأنانية وغلبوا مصلحة الوطن على المصلحة الشخصية فغدت اليابان تثب وثبات منقطعة النظير عن باقي الامم بل وفكرت في كل شي من ماضيها وحاضرها ومستقبلها وغزت بتقدمها الدول المتقدمة رغما عنها، واستثمرت العقول والموارد البشرية قاطبة لأجل وطنهم، وروح التعاون والتسامح غلبا كل ما سواهما فانظر لبلدهم.ان التسامح خلق اتصفوا فيه فأذابوا به كل فروقاتهم وروح التعاون مبدأهم في الحياةفاتخذوه منهاجا فنجدهم كالنحل دؤوبين عملا وجدا واجتهادا متناسين أنفسهم وكل شي سوى الوطن.