للمرة الأولى منذ إدخالها الخدمة، تشارك حاملة الطائرات الروسية «أدميرال كوزنيتسوف» في معركةٍ لترسل حمم صواريخها الإستراتيجية وطائراتها «آس - يو 33» لضرب أهداف الجهاديين في مناطق إدلب وحلب وريف حمص.وجاء بدء المعركة التي أعلنت روسيا انطلاقها، بعد اتصال هاتفي أجراه الرئيس فلاديمير بوتين بالرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب الذي يشارك نظيره الروسي الرأي أن «الإرهابيين في سورية يطلقون على أنفسهم اسم المعارضة».وكان متوقَّعاً أن تبدأ المعركة في سورية من جديد ولا سيما بعد فشل المجموعات المسلحة التي تتألف من جهاديين ومعارضة في فكّ الحصار على شرق حلب رغم عمليتين تُعدان الأكبر من حيث عدد القوات المهاجمة وتَوحُّد الفصائل في معركتين أطلق على الأولى اسم «ملحمة حلب الكبرى»، وعلى الثانية «غزوة أبو عمر سراقب»، وانتهتا بمقتل وجرح أكثر من 1500 من المسلحين حسب اعترافاتهم وبالعودة الى ما كانت عليه خطوط التماس قبل يوليو الماضي.وأعطت روسيا الفرصة بإعلان وقف نار مرات عدة مع تحديد ممرات آمنة لخروج جميع المسلحين من دون تمييز بين جهاديين ومعارضين من جميع الجنسيات والذين قدّر عددهم المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا بنحو عشرة آلاف مسلح. كذلك أُعطيت الفرصة لخروج المدنيين بأمان ما سمح بخروج نحو 40 عائلة من أصل نحو 50 ألف مدني موجودين ضمن حلب الشرقية. إلا أن المسلحين منعوا خروج هؤلاء لاعتقادهم أن هيلاري كلينتون ستربح الانتخابات الاميركية وتكون الداعم لهم - كما صرحت هي بنفسها - وأن «الغزوات» تستطيع خرق الحصار، وأنهم يتمتعون بدعم الإعلام الدولي ما سيفرض تدفق الدعم من الدول المجاورة لسورية ويبقي على برامج التدريب بالتسليح التي تقدمها وكالة الاستخبارات الأميركية و«البنتاغون». إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، وخسرت كلينتون الانتخابات، وكذلك خسر الجهاديون معركتهم حول حلب، وربح ترامب الذي «لا يريد الدخول في حرب عالمية مع روسيا من أجل إرهابيين في سورية» كما قال.وتتحضّر القوات الأرضية الموالية لروسيا للهجوم على مناطق داخل حلب الشرقية لفصل المدينة المحاصَرة وتقطيعها ليصار الى دخول أحياء منها لفرض واقع جديد يسمح للمدنيين بالخروج وخصوصاً بعدما سُجل تمرُّد هؤلاء على المسلحين الذين منعوهم من مغادرة المدينة بهدف الاحتماء بهم، والذين يمنعون عنهم المواد الغذائية بعدما قامت لجنة من الجهاديين والمسلحين من المعارضة بحصر جميع المواد الغذائية داخل مخازن محدَّدة تتحكم هي بتوزيعها.ومن المتوقع أن تُفتح أكثر من جهة في حلب الشرقية وأيضاً في مناطق حلب الغربية وفي أرياف حمص واستعادة تل العيس والتقدم نحو المناطق التي يحتلها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في أرياف حلب لتشتعل جبهات عدة ولا سيما أن عدد الطائرات الروسية الموجودة على أرض سورية قد تَضاعف وكذلك عدد رجال حلفاء دمشق الذين استقدموا قوات إضافية لاستثمار القصف الروسي المتجدد.أما على خط مدينة الباب، فتحاصرها قوات كردية وقوات موالية وتحت إمرة تركيا وقوات الجيش السوري التابع لدمشق. أما الأكراد فقد أعلنوا انسحابهم الى ما بعد حدود الفرات ليركزوا اهتمامهم وجهدهم العسكري على محيط مدينة الرقة، «عاصمة الخلافة» لـ «داعش» الوحيدة المتبقية في العراق والشام بعد تقهقر هذا التنظيم في أحياء الموصل العراقية. وبقيت القوات التركية على بُعد كيلومترات بسيطة فقط من «الباب» من دون دخولها كي لا تصطدم أنقرة مع موسكو التي ترفض دخول الأتراك الى الباب للمحافظة على خطوط دفاع قوية لمدينة حلب.وهكذا بدأ «داعش» بالتقهقر بغض النظر عمَن سيأخذ قطعة مما تبقى من أراضٍ محتلة لهذا التنظيم الذي ما زال يردّد في إصداراته وعلى ألْسنة قادته ومناصريه الشعاراللا إسلامي: «باقية» ويزيد عليه «وتتمدد».