تتميز الانتخابات الكويتية المقبلة بأنها الانتخابات التي سيشارك فيها المقاطعون، ويقاطع بها المشاركون من دون أن يعرف الذين ليسوا مع هذا أو ذاك لماذا شارك من قاطع أو قاطع من شارك، ولماذا يشارك أو يقاطع فالعملية تعدت المزاجية في الفهم لتصل إلى طريقة تنتيف الوردة للاستدلال على الحب بين بيحبني و«ما بيحبنيش»، جارٍ تنتيف الديموقراطية بين شارك وقاطع حتى اندمج الاثنان في شارع لا تعرف فيه حارة الذهاب من الإياب ليقترب من لعبة تصادم السيارات في مدن الألعاب الترفيهية!باسم الحرية يقاطع من يقاطع ثم يقرر أن يشارك باسم الحرية أيضاً التي يراها تتجسد في مقولة «كيفي كويتي»، وبكيفه يخترع ديموقراطيته التي يريد تصديرها للعالم، وأظنه نجح مع نجاح ترامب في الوصول للرئاسة الأميركية.وعلى سيرة ترامب وديرته لاحظت خلال متابعتي الأخيرة للانتخابات الأميركية أن الشعب الأميركي يحفز نفسه بنفسه على المشاركة بالتصويت، على عكس شعبنا الذي تقوم الدولة بكافة مؤسساتها المدنية وحملاتها الإعلامية الرسمية ومرشحيها بتحفيزه فيقرر في اليوم نفسه إن كان له «خِلق» أو «ماله خلق»،ثم اكتشفت أن التزام الشعب الأميركي بالمشاركة لدرجة استرحام البعض لحكومته أن تسمح له بالتصويت المبكر لارتباطه بمهمة عمل، سرَّه أن سجله المدني سيحفظ هذا الموقف من الانتخابات بالمشاركة أو بالمقاطعة التي ستتضمنها سيرته الذاتية وتلاحقه مدى الحياة كعصا أو جزرة، أما هنا فأنت حر أن تقاطع وتدعي المشاركة أو تشارك وتدعي المقاطعة فلا سجلات تحفظ، وتسامح الحكومات المتعاقبة مع معارضيها في مقابل تجاهل مؤيديها يدفعان المواطن للشقلبة بين التيارين على طريقة «اللي تكسب به العب به»، والخاسر الأكبر هو الوطن الذي نتغزل به ونتباكى عليه، ونحن الذين ندمره بالفوضى.أن تشارك أو تقاطع أو تشارط وتتشرط لتمارس حقك الذي تنازلت عنه، أو تشارع بأن تقاطع مرة وتشارك مرات أو تقاطع مرة وتشارك مرات يغير كثيراً في مستقبل بلدك لكنه لا يغير شيئاً في مستقبلك، فلا سيرة تتضمنها ولا ذاكرة مدنية تحفظ ولأننا قمنا مبكراً بفض الاشتباك بين مصلحة الفرد ومصلحة الوطن صار الفرد يقدم مصلحته على مصلحة الوطن والحل؟، تلازم المسارين بأن يخشى الفرد على تأثر مصالحه عندما يؤثر على مصلحة الوطن فيفكر ألف مرة قبل أن يُقاطع أو يُشارك لأن سجله المدني سيحفظ موقفه فهو حر ووطنه حر أيضاً في التعامل معه، ولكن بين الحرية والمزاجية فرق كبير.الشجعان يتحملون نتائج قراراتهم والخذلان يصيب الذين يتراجعون عن قراراتهم دوماً، تلك هي القاعدة... إلا في الكويت.reemalmee@