تابعت كما تابع غيري تلك الضجة المفتعلة، وما أكثر الضجات المفتعلة في بلادنا، حول موضوع أخينا الآسيوي والذي «ضبط بالجرم المشهود» من قبل إحدى المواطنات «الغيورات» على الدين والعقيدة، إثر قيامه بما يعتقد أنه إحياء لأحد طقوس معتقده الديني على أحد شواطئ الكويت. الموضوع الذي تطور لمحاسبة وزارة الداخلية، كما تم نشره لموظفة اتصالات الطوارئ والتي لم تأخذ بلاغ تلك المواطنة «الغيورة» على محمل الجد، كما يبدو!موضوع الحريات الدينية في عالمنا الشرق الأوسطي، هو موضوع شائك ومعقد، وتتداخل فيه أمور السياسة والأعراف الاجتماعية، ناهيك عن تقاطعه مع أمراضنا الطائفية والعنصرية وتقديسنا لمفهوم «الفرقة الناجية»، وكل يدعي أن فرقته هي وحدها تلك الفرقة الفريدة والمميزة والمحقة، والتي يحق لها لوحدها ممارسة عقائدها وطقوسها في وضح النهار وأمام الملأ، بينما يجب على غيرها أن تبتعد عن كل ما يثير المشاعر «المرهفة» لتلك الفرقة الناجية، حتى لو لم يتعد الأمر ممارسة الفرق الأخرى لطقوسها واعتقاداتها في شكل سلمي وهادئ وغير مستفز.فأقصى ما يمكن أن تتمتع به الأقليات الدينية في بعض مجتمعاتنا، هو أن «تبوس يدها وجه وظهر» على نعمة الوجود والحياة في تلك المجتمعات من دون أي حق في ابراز تمايزها واختلافها!الموضوع يتشعب في شكل أكبر إذا نظرنا له من زوايا أخرى أيضاً. فاستقطاب البشر من جميع أصقاع الأرض للعمل في دولنا، مع ما يحمله معه من فتح بلداننا لأخوة لنا في البشرية يعتقدون بأديان وطقوس لا يعتنقها الكثيرون من السكان المحليين، يطرح تساؤلات جادة حول حقوق هؤلاء العمال، وبعضها طبعاً يتعلق بالعبادة والطقوس الدينية. كما أن التزام دولنا بالعهود والمواثيق الدولية من جهة أخرى يفرض عليها درجة معينة من التسامح الديني تجاه جميع المواطنين والمقيمين، وبالأخص أولئك الأقل حظاً من عمال يأتون من دول فقيرة وشبه معدمة.كل هذا في جهة، ومعاييرنا المزدوجة في تقييم الدول وتعاملها مع موضوع الحريات الدينية في جهة أخرى، فبينما نتشدق بتسامحنا مع الآخرين، نمنع الناس من ممارسة معتقداتها، نقف بكل صلافة أمام أي تضييق على التجمعات الإسلامية في الدول الغربية حتى لو كان له بعض التبرير أحيانا لدواع أمنية وغيرها، وما قضية الحجاب في فرنسا أو بناء المآذن في سويسرا عنا ببعيد.أطرف ما في الموضوع، وشر البلية ما يضحك، هو حضوري نقاشا في إحدى الدواوين قبل أيام حول موضوع الآسيوي المذكور أعلاه، احتدم فيه السجال حول دين ذلك الآسيوي، وهل كان بوذياً أم هندوسياً أم غير ذلك. وكان النقاش يميل بين التضييق والسماح له بممارسته العلنية لدينه تبعا لديانته!المسألة يا أخوة ليست في هذا المسكين وماهية ديانته... المسألة في حقوقه الأساسية، كإنسان!alkhadhari@gmail.comTwitter: @dralkhadhari
مقالات
نفسياسي
بوذي ولا هندوسي... مو هذي المشكلة!
11:05 ص