لا تفتأ «هوليوود» تعود بالذاكرة من وقت لآخر إلى الحرب العالمية الثانية. وبعدما شبعت من تفاصيل المعارك مع اليابانيين والألمان والإيطاليين، دأبت منذ فترة على تكبير قصص مستقاة من سيرة قادة أو أناس عاديين كباب للولوج إلى تلك المرحلة. وآخر المآثر الحكايات التي تروى عادة عن الجندي الشاب ديسموند دوس (يجسده على الشاشة آندرو غارفيلد)، الذي وبعدما شهر المسدس في وجه والده توم (هوغوهافنغ) دفاعاً عن والدته الخاضعة لجنونه، أقسم ألاّ يحمل أو يستعمل سلاحاً في حياته.هذه الأجواء يقدّمها في شريط جميل وعميق جداً يعود به الممثل والمخرج ميل غيبسون، الذي دفع ثمن موقفه المتهم لليهود بالعنصرية، بانفضاض المنتجين الهوليووديين من حوله طوال السنوات الأخيرة، تحت عنوان «Hacksaw Ridge»، وها هو يعثر على من يدعمه بـ 45 مليون دولار لإنتاج عمله الضخم والجديد.قرار «دوس» تحوّل إلى قضية عامة، بعدما التحق بالجيش الأميركي إثر الهجوم الكبير على ميناء «بيرل هاربر»، راغباً في المساهمة إلى جانب جنود بلده في الحرب كممرض يعالج ويساعد الجرحى، لكن الحاجة كانت ماسة إلى عناصر مقاتلة فتم فصله إلى الألوية المقاتلة، حيث كانت المواجهة. هو عند وعده وعهده بعدم حمل أو استعمال السلاح، ورفض تماماً تغيير موقفه فتمت إحالته على محكمة عسكرية أنقذه منها والده أحد جنود الحرب الأولى، عندما استحصل على كتاب رسمي من الكونغرس بأحقية ابنه في رفض حمل السلاح، فاعترفت له المحكمة بحقه هذا وتحوّل فقط إلى مسعف في أرض القتال في واحدة من أقسى المعارك «جزيرة أوكيناوا عام 1945».«دوس» الذي وُصف بالجبان والمتخاذل وحتى الخائن أذهل رفاقه من الجنود والضباط، عندما أثبت جرأة وإقداماً وشعوراً مع الجرحى والمصابين بالمئات في أرض المعركة، بحيث كان يتنقل بين الرصاص وأماكن سقوط القذائف غير عابئ بالمخاطر، ونجح في أن ينقذ العشرات من رفاقه الجرحى وبقي وحيداً على أرض المعركة بعدما غادرها الجميع، بحثاً عن ناج يحتاج إلى مساعدة، حاصلاً على اعترافات بفضله وشجاعته من معظم الناجين.عاد الجندي المتطوّع إلى عروسه دوروثي (تيريزا بالمر) التي واكبته في كل المراحل التي قطعها، وعاش معها حتى وفاتها عام 1993، أما هو فعاش حتى العام 2006، واستخدم المخرج ميل غيبسون جانباً من حديث مع دوس الحقيقي، أشار خلاله إلى بعض ما عاشه ميدانياً في «أوكيناوا».مما لا شك فيه أن المخرج غيبسون قدّم فيلماً لايقل أهمية عن «Brave Heart»، وله الاعتراف بأن المؤثرات الخاصة والمشهدية كانت مدهشة إلى حد تصديق سير المعارك وقسوتها، من خلال فريقين متميزين من خبراء المؤثرات لا يتعدّى عددهم الثلاثين، تولّى قيادتهم دان أوليفر وديفيد بوث.