حوارات شيقة وممتعة عادة ما تجمعني مع الأخ والصديق العزيز محمد النغيميش، فهو شخصية مثالية ومتعمقة في تخصصه. بدأ بدراسة الإدارة وقرر المضي في البحث عن مفاهيمها وأفكارها وسبلها، فأضحى كاتباً ومحاضراً متميزاً في هذا المجال. كنا في آخر لقاء جمعني به نتحدث وبتعمق عن ضغط العمل وتقصيرنا تجاه أسرتنا وحياتنا الاجتماعية وانعزالنا عن الأصدقاء والدواوين.حينها ومن باب النصيحة الأخوية، ذكر لي أنه في العديد من المحاضرات والاستشارات التي يقدمها، كان دائما ما يذكر هذه القصة المفيدة التي قد تساعد الكثيرين على فهم أهمية ترتيب الأولويات لتحقيق الأهداف واستيفاء رغبات الذات من خلال إدارة الوقت، ولعله من المفيد أن أشاركك إياها عزيزي القارئ.ففي إحدى المحاضرات، أحضر أستاذ جامعي وعاء زجاجيا كبيرا ووضع فيه أحجار كبيرة، ثم سأل الطلبة: هل الوعاء ممتلئ؟ فأجابوا بنعم. ثم قام بوضع أحجار صغيرة لتملأ الفراغات الموجود بين الأحجار الكبيرة. فسأل الطلبة مرة أخرى: هل امتلأ الوعاء؟ فأجابوا بنعم! فأخرج كيساً من الرمل ليتأكد أن الوعاء سيمتلئ فعلاً، وقام بتعبئة الفراغات الصغيرة جداً. فكرر السؤال مرة أخرى، وكانت الإجابة أيضا نعم! لم تنته القصة بعد، أحضر الأستاذ كوباً من الماء ليتمكن من التغلغل بين الأحجار والرمل من دون أن يخرج شيء من الوعاء!والخلاصة من القصة، أنه يمكن بترتيب الأولويات أن نحقق كل ما نصبو إليه، فإذا بدأنا بالأشياء السهلة والصغيرة، وفي قصتنا هنا الرمل والماء، فإننا لن نستطيع أن نضع الحجر في الوعاء، وإذا كان الحجر هو الأولوية الأهم، فمن الضرورة بمكان أن نبدأ بها أولا وأن يكون جل تركيزنا عليها، لأنه بتحقيق الصعب سيتحقق الأسهل!ولكن واقع الحال يقول إننا نمضي ساعات طويلة في العمل ونفكر بعد ذلك كثيرا عن ما تم إنجازه، رغم ترتيبنا لأولوياتنا بشكل مستمر، لندرك حينها أننا لم نستطع أن نحقق ما نصبو إليه! ونقضي أوقات مختلفة في المنزل وفي ترتيب متطلباته وقضاء أعماله، لنعود بعدها وندرك أن الكثير من تلك الأعمال لم تنجز وأن لائحة الاحتياجات المنزلية ما زالت طويلة ومرهقة! نحاول أن نربي أبناءنا وندرسهم ونلاعبهم، وأن نبر آباءنا ونوفيهم حقوقهم، وأن نزور أقاربنا ونصل أرحامنا، وبعد كل ذلك نجد أننا مقصرين في كل شيء! القائمة طويلة والأمثلة كثيرة ومجرد سردها يحتاج إلى مقالات عديدة ومفصلة!الخلاصة في ذلك، أننا قد نعاني كثيراً وربما نفشل كذلك، قبل أن نقوم بترتيب أولوياتنا، وذلك في تحديد ماهية هذه الأولويات، فكما يقول ستيفن كوفي في كتابه المشهور «العادات السبعة للناس المؤثرين»، أن القاسم المشترك في جميع قصص النجاح هو تحديد الأولويات، لذلك علينا كثيرا أن ندرك أننا قد نفشل في ترتيب أولوياتنا وتحقيقها لأننا قد عجزنا أصلا في تحديدها بالشكل السليم! وهذا ما نحتاج أن نركز عليه كثيرا لتحقيق أهدافنا وتطلعاتنا!Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
اجتهادات
تحديد الأولويات قبل ترتيبها!
06:08 ص