لم تكد صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة ان تقفل على مفاجأة «مدوية» بفوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب على المرشحة الديموقرطية هيلاي كلينتون، حتى «تطايرت» علامات الإستفهام حول ملامح العهد الاميركي الجديد وسياساته الداخلية والخارجية ولا سيما تجاه المنطقة الغارقة في الحروب.«الراي» طرحت عدداً من الأسئلة على خبراء ومتابعين للشأن الأميركي قرأوا في السياسات المتوقَّعة للرئيس الأميركي «الذي لا يُتوقع».سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة رياض طبارة يرى أن «انتخاب ترامب كان مفاجأة للكل، لأن كل الاستطلاعات والتقديرات والاستشرافات كانت في اتجاه معين، غير أن النتيجة جاءت مختلفة»، لافتاً إلى أنه «لا بد من التوقف عند تفاصيل التصويت: نسبة تصويت البيض، السود، اللاتينيون.. ومعرفة ما الذي حصل، لأن هذه النتيجة لم تكن منتظرة بالتأكيد». ويضيف: «نسبة التصويت جاءت أعلى من المنتظر فانقلبت الأمور، ولا أعرف ما الذي حصل حقيقةً قبل الإطلاع على الإحصاءات».وأيّ أميركا ستكون في عهد ترامب؟ يجيب طبارة: «هناك علامة استفهام، لأن ترامب غير واضح في ما يريده. لكن إذا نفّذ ما قاله لجهة بناء الجدار وطرْد مليونيْن من أصول لاتينية، فهذا الأمر سيحدث»خضة»كبيرة في أميركا. ولنرَ إذا كان سينفذ ما قال أنه سيفعله أم لا.وعن المنطقة، يذكر بأن «هيلاري كلينتون كانت تريد أن تواجه الروس في المنطقة وهي كانت معترضة على سياسة أوباما في هذا الموضوع لاعتبارها أنه أوجد فراغاً ملأه الروس وداعش»، لافتاً في المقابل إلى أن «ترامب يقول إنه صديق لـ (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، وكأنه سيترك الأمور والمبادرة للروس في المنطقة على الأقلّ لمدة معينة».بدوره قال سفير لبنان السابق في الولايات المتحدة عبد الله بو حبيب رداً على سؤال عمّا عنى له فوز ترامب الذي عاكس توقعاته التي كانت استبعدت وصوله إلى رئاسة اميركا ممازحاً: «فشل توقعي!»، لافتاً إلى «هذا الفوز لم يكن يتوقعه أحد. وقد حدث، حيث يبدو أن هناك كيمياء بينه وبين الشعب الأميركي ليفوز»، معتبراً أن «ترامب كرجل في السياسة ـ لا في البزنس ـ عادي جداً ومن عامة الشعب.. و»زبطت معه.أما كيف سينعكس ذلك على العالم، «فلا أحد يعلم» كما يقول بو حبيب، مؤكداً أن «من الصعب إيجاد مَن يشرح بطريقة واضحة أي أميركا ستكون في عهد ترامب، ذلك أن الأخير غير معروف سياسياً وليست له مواقف سابقة ولا لاحقة ولا كتابات ولا هناك أحد إلى جانبه مثل كيسنجر في عهد نيكسون لديه كتب ومقالات».وعمّا إذا سيكون هذا عهد المفاجآت، يجيب: «ستكون هناك مفاجآت. وفي رأيي ان الفلسطينيين والإسرائيليين مسرورون لأن ترامب كان قال ما يسرّ الإثنين. فيما السعودية وإيران أعتقد أن عليهما أن تكونا حزينتين. وبشار الأسد لا بد أن يكون مرتاحاً ومسروراً.. وبوتين مسرور...».من جانبه، المحلل السياسي سامي نادر، وإزاء فوز ترامب يقول: «هناك مفاجأة للكل لأنها عبّرت عن العمق الأميركي الذي لم تكن استطلاعات الرأي قادرة على تصويره»، مشيراً إلى أن «كل وسائل استطلاعات الرأي التابعة للنخب كانت تصوّر واقعاً مختلفاً عن الذي عبّرت عنه أميركا العميقة».ويضيف: «ظهر أن أولوية الناخب الأميركي هي أولوية إقتصادية، حيث أن همّه الأول هو وظائفه وقدرته الشرائية، وان وجعه الأساسي هو إقتصادي. وقد تمكّن ترامب من أن يحاكي هذا الألم. ولكن هل سيتمكن من حمل الحلول المناسبة، هذا ما سنراه لاحقاً».أما في ما يتعلق بالشرق الأوسط، فيلفت نادر إلى أنه «سيكون هناك بالتأكيد قطيعة مع سياسة أوباما»، مضيفاً: «صحيح أن ما طرحه ترامب إلى الآن شعارات إنتخابية، إلا أنه يعطي مؤشرات حول الوجهة التي يتخذها وفيها على ما أعتقد مزيد من التوتر مع الإيرانيين على خلفية مواقف اتخذها لجهة إعادة النظر في الإتفاق النووي الموقّع مع إيران، وتوتر إضافي مع البلدان العربية التي كانت تعاني أصلاً من سياسة أوباما وترامب قال انه سيدفّعها كلفة حمايتها عسكرياً. وهناك أيضاً اتفاق أكثر في الموقف بالعلاقة مع إسرائيل عبر وعوده بنقل سفارة واشنطن في إسرائيل إلى القدس مع ما لهذا الأمر من رمزية. وثمة تَقارُب وتَواصُل واضح مع بوتين حيث سيحاول بدء شراكة معه بالتأكيد، وربما أيضاً لكن بدرجة أقلّ مع تركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان اذ سبق لترامب ان أبدى إعجابه بالرجلين في مناسبات عديدة».ويشير نادر في هذا الإطار إلى «مبادرة وزارة الخارجية التركية بعد نحو نصف ساعة أو أقل من إعلان فوز ترامب إلى إصدار موقف اعلنت فيه أنها ستسعى لإعادة ترتيب الثقة مع الولايات المتحدة، ليصدر بعدها موقف من اردوغان الذي أمل أن اختيار الأمريكيين سيكون جيداً من حيث الحقوق والحريات فضلاً عن التطورات في المنطقة، معلناً انه يودّ أن يفسر ذلك على أنه أمر إيجابي ومتمنياً لترامب مستقبلاً ناجحاً».