نعيش هذه الأيام أجواء انتخابات جديدة لاختيار أعضاء مجلس الأمة القادم، بعد حل المجلس السابق. ورأينا تنازعا وانقساما بين بعض أفراد القبيلة والعائلة والحزب على المقعد الواحد. وشاهدنا كيف تمت الفزعة لبعض المرشحين، حتى ممن لا يستحقون الصوت، وليسوا مؤهلين لأن يكونوا في هذا المنصب الذي يتيح لهم التشريع والرقابة، لمجرد أنهم أنجزوا معاملة، أو لقرابة أو مصلحة!وكم صُدِمنا ونحن نشاهد بعض أصحاب التوجهات الإسلامية، وهم يقدمون مصالحهم الشخصية ومصالح جمعياتهم والموالين لهم، على المصلحة العامة، ويتغافلون عن معيار «القوي الأمين»، فيعلنون دعمهم لمن عرف بمواقفه السيئة في المجلس السابق، ويتركون من نحسب فيهم الأمانة والقوة!إن دعم وتأييد من لا يستحق، هو إحدى صور الخيانة وإضاعة الأمانة، وهي من علامات يوم القيامة، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة» فقال رجل: وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: «إذا أُسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».وجاء عن عبدالله بن عمرو حديث مرفوع «إن من أشراط الساعة - أي علاماتها - أن يُوضَع الأخيار ويُرفع الأشرار».لا أتخيل كيف يقبل إنسان على نفسه التصويت أو الدعم لشخص عُرف بأنه راش، والراشي ملعون بنص الحديث الشريف. ولا أتصور كيف يمكن دعم أعضاء سابقين كانت لهم مواقف سيئة ضد مصالح الشعب. ولا أدري كيف يقبل إنسان على نفسه، أن يساند شخصا يجاهر بعداوته للدّين، ويُحارب مظاهره، ويدعو إلى تحجيم دور القرآن واللجان الخيرية، والمؤسسات الدعوية، بينما يحث في المقابل على فتح المجال لإنشاء أماكن اللّهو المحرم!لقد لُدِغ الناس من مخرجات بعض الانتخابات السابقة، وتجرعوا مرارة اختياراتهم السيئة، ورجعت العواقب على رؤوسهم. ومع ذلك تجد البعض منهم مستعدا أن يكرر الخطأ مرة أخرى بسوء الاختيار!إن المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين، فلماذا لا تتّعظون؟من أراد المشاركة في الانتخابات، فعليه أن ينظر إلى المصلحة العامة لا الخاصة، وأن يختار من يجعل مراقبة الله تعالى بين عينيه، وأن يبحث عن الإنسان الأمين الذي لا يسعى للمنصب من أجل مكاسب دنيوية.إن اختيار غير الأكفاء يعود ضرره على البلد كلها، بل ويتسبب في سخط الله تعالى وغضبه، يقول عمر بن الخطاب: «توشك القرى أن تخرب وهي عامرة، إذا علا فُجّارها على أبرارها، وساد القبيلة منافقها».لننتبه من هذه السنين الخداعة، التي يُخوّن فيها الأمين، ويُؤمَّن فيها الخائن، ويُصَدّق فيها الكاذب، ويُكَذّب فيها الصادق، وينطق فيها الرويبضة، وهو الرجل التافه الذي يتكلم في أمور العامة!ورسالة إلى الأخوة المتدينين خصوصاً، أن أكرموا الدين والدعوة التي تحمِلون، ولا تريقوا كرامته بأطماع دنيوية زائلة.ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظمّاولكن أهانوه فهانو ودنّسوا مُحيّاه بالأطماع حتى تجهماالصوت أمانة تُسأل عنها يوم القيامة «وقِفوهم إنهم مسؤولون».Twitter: @abdulaziz2002