حين تتحقق الأحلام الصغيرة، فإن أفق الطموح يكبر وتكبر معه تلك الأحلام!وحين تتعلق الأحلام بالأطفال، فلا بد أن تحلّي براءتها الواقع... ومعه المستقبل. وهذا ما قطفه القيمون على مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، حين خاطبوا ذلك الطفل بعبارة ثلاثية الكلمات... «أحلامك تكبر معنا»، لتكون شعار النسخة الرابعة من المهرجان، وهو من دون أدنى شك شعار مثير للتفاؤل والخيال، ويبشّر بالمستقبل، في رسالة تعكس المساندة الكبيرة للأطفال عامة والمبدعين منهم خصوصاً.مساء أول من أمس، انطلق مهرجان الشارقة السينمائي الدولي، معلناً عن بدء دوران بكرات العرض لـ 121 فيلماً تمثل 33 دولة، تم اختيارها من بين 425 شريطاً تقدمت بها 59 دولة، ما يعزز رسالة المهرجان في الدعوة إلى تلاقي الثقافات والتعايش بينها. وقد صُنفت الأفلام المختارة للتنافس على الجوائز إلى سبع فئات، وتتمحور حول القضايا العائلية والبيئية، والصراع بين الإنسان والواقع، علاوة على تأثير التكنولوجيا والتفكير الإبداعي، والحياة بعيون اللاجئين السوريين.تلك الليلة، التي احتضنتها قاعة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات الواقعة على مسافة بضع مئات الأمتار من مطار الشارقة، كان لها نكهتها الخاصة حضوراً، إذ شهدت على وجود أسماء فنية لامعة أبرزهم الفنان الكوميدي المصري محمد هنيدي والمنشد الإسلامي العالمي سامي يوسف، والفنان الإماراتي أحمد الجسمي، إلى جانب جمع كبير من المخرجين وصناع الأفلام، ولجنة التحكيم. ولعل الحضور الأبرز، كان للنجم الهوليوودي ويل سميث، عضو لجنة التحكيم، الذي ظهر على الشاشة - في ثنايا الافتتاح - برسالة مصورة، أشاد فيها بالمهرجان ورسالته، مثنياً على اهتمامه بقضايا الأطفال حول العالم، خصوصاً أولئك الذين يعيشون تحت وطأة الأزمات، مختتماً كلمته المقتضبة بقبلة عبر المسافات للمهرجان وجمهوره ومبدعيه على السواء. كما حضرت نورة الكعبي وزيرة الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة، التي تترأس أيضاً مجلس إدارة هيئة المنطقة الإعلامية بأبوظبي.افتتحت دورة المهرجان الرابعة، الممتدة حتى 28 من الجاري، مديرته ومديرة مؤسسة «فن» الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، تحت رعاية قرينة حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، وقد اختير فيلم الأنيميشن الكوميدي «ترولر» للمخرج مايك ميتشل، ليكون فيلم الافتتاح.وبدأت فعاليات الافتتاح بعرض فني شديد الجاذبية والجمال، حاز إعجاب الجمهور ونال تصفيقه، وهو يمزج بين جُمل حركية أقرب إلى فن «البانتومايم» يؤديها فنان أمام الجمهور، بينما تدور خلفه أحداث أخرى على شاشة العرض، لكنها تتوافق مع حركاته في تناسق عجيب وانسجام مطلق، إلى حد أن المُشاهد «يتوهم» أن الممثل «الحقيقي» الذي دخل إلى المسرح على قدميه قبل ثوانٍ معدودات، إنما هو جزء من العرض السينمائي، مسقطاً الحاجز القائم بين الوهم والحقيقة، ومحققاً إثارة مبدعة في صفوف الجمهور!وعقب العرض الافتتاحي ألقت مديرة المهرجان الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، كلمتها، معبرةً عن الرسالة التي يهدف المهرجان إلى تحقيقها، وهي أن يتحول إلى منصة لإلهام عقول الأطفال الذين هم شباب الغد، فقالت القاسمي: «إن مهرجان الشارقة السينمائي للطفل تحول إلى مهرجان له مكانته الدولية»، مستدلة على هذه المكانة بأنه «شهد هذا العام مشاركة كبيرة مثلت 59 دولة».وتابعت «أن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق من دون الدعم الكبير والمتواصل من عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي وقرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وقد أسهمت في إعداد جيل جديد من المخرجين السينمائيين الموهوبين في دولة الإمارات».وفي حين عبّرت عن التزام مؤسستها بتطوير المهرجان تباعاً، كي يتبوأ مكانة محورية على الساحة العربية، أردفت القاسمي أن المأمول «هو ارتقاء المهرجان إلى مستوى تطلعات شبابنا، كي يتمكن من دعمهم ليصبحوا قادرين على المنافسة. وذلك يمكن تحقيقه بتطوير الفنون السينمائية، وإنتاج أفلام خلاقة تقدم الصورة الحقيقية، وتنقل رسائلنا بالمحبة والسلام إلى كل العالم».وأماطت القاسمي اللثام عن «أن المهرجان حظي بتعاون كثير من الجهات، بهدف مساعدة أفراد المجتمع، خصوصاً شريحة الشباب، ففي مايو الماضي شاركنا مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في دعم فعاليات برنامج توزيع الوجبات المدرسية لمصلحة اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري بالأردن، إلى جانب أنشطة أخرى»، لافتة إلى «أن المهرجان يسلط في دورته الحالية الضوء على حياة الأطفال السوريين اللاجئين في دولة لبنان».وأوضحت «أن المهرجان سيعرض11 فيلماً من صنع الأطفال اللاجئين، بهدف مساندتهم، وتزويدهم بآراء النقاد والمهنيين الخبراء في هذا المجال، لتعزيز مواهبهم». وفي خطوة استشرافية للمستقبل، أوضحت القاسمي اعتزام المهرجان في دورته المقبلة تشكيل لجنة تحكيم، أعضاؤها حصراً من الأطفال والشباب، وهو الأمر الذي يسهم في منح أصواتهم وأفكارهم أهمية ومكانة في المهرجان. وأشارت إلى الجهد الكبير الذي تبذله مؤسسة «فن»، التي تتخذ من الشارقة مقراً لها، من أجل الارتقاء بمحتوى أفلام الأطفال واليافعين، كما ترمي إلى اكتشاف المواهب المحلية وتعزيزها بالصقل والرعاية، لافتةً إلى دعم المؤسسة للمخرجين اليافعين حول العالم، وآملةً أن يسهم العدد الكبير من هؤلاء المخرجين في إتاحة الفرصة للجمهور كي يرى العالم من خلال عيون الأطفال.وفي هذا السياق تحدثت الوزيرة الكعبي عن أهمية المهرجان، خصوصاً في ظل تعدد وسائل الإعلام وقوة تأثيرها، وضرورة استخدامها بإيجابية في نقل القيم الثقافية والأخلاقية إلى الطفل، مواصلةً «أن المهرجان بمنزلة منصة إعلامية وسينمائية للأطفال، وبلا شك أن السينما هي سبيل لبناء الجسور وتوصيل الرؤى والاقتناعات، وعندما يدور الحديث عن سينمائيين صغار، فنحن أمام مجموعة من المواهب»، متابعة «أن أهمية مهرجان متخصص للأطفال تنبع من أن طبيعة الطفل وطموحاته تبدلت، وبالتالي فصناعة محتوى موجه للطفل يشكل تحدياً للعاملين في هذا المجال، كونها تحتاج إلى إنتاج خاص ينسجم مع طبيعة الأطفال ومع عاداتنا وتقاليدنا».وذكرت الكعبي أن المختبر الإبداعي قد شارك في المهرجان من خلال فيلمي «كرومة» و«أربع ألوان»، إلى جانب أفلام أخرى صنعت بأيدي مخرجين إماراتيين من بينهم مريم الزعابي صاحبة فيلم «ميهودة».وجاء دور الفنان محمد هنيدي الذي أثنى على المهرجان والقيمين عليه، مؤكداً أنه يجب أن تُبذَل جهود كبيرة إلى الأطفال من خلال دعم سينما الطفل، مستدعياً علاقته بالفن الموجه إلى الأطفال منذ فترة طويلة من مسيرته الفنية، ومشيداً بالجهود الواسعة التي تبذلها إمارة الشارقة لخدمة الثقافة والفن.ثم تحدث عبدالله الوردات، مدير مكتب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك المغني الديني سامي يوسف، الذي تحدث بصفته سفيراً لمنظمة الأغذية العالمية، فثمنا عالياً تعاون مؤسسة «فن» ودولة الإمارات عموماً مع المنظمة لمصلحة الأطفال، على أكثر من صعيد والتخفيف من آثار الجوع في العالم.وبعد ذلك جاء دور التكريم للشخصيات الثلاث: الوزيرة نورة الكعبي والفنانَين محمد هنيدي وسامي يوسف، وسط تصفيق الحضور، ليُعرض في ختام الافتتاح فيلم الأطفال الأميركي «ترولر» من إنتاج شركة «فوكس للقرن العشرين» الهوليودية، وهي المرة الأولى التي يعرض فيها هذا الفيلم الحديث في منطقة الشرق الأوسط.

ويل سميث محكِّم في المهرجان

تتكون لجنة تحكيم المهرجان، المنوط بها اختيار الأفضل من بين الأفلام المتنافسة، من أربعة أعضاء، أحدهم هو الممثل الأميركي العالمي ويل سميث، الذي وصفته مجلة «نيوزويك» بأنه أكثر الممثلين تأثيراً في هوليود. أما الثلاثة الآخرون، فهم فردوس بلبلية وهي مدربة دولية في مجال ابتكار الحلول الإعلامية لكل القطاعات، خصوصاً للمرأة والطفل. والعضو الثالث هو الإيراني شاهين يزداني، وهو مخرج ومنتج مستقل وأستاذ جامعي وكاتب سيناريو. أما العضو الرابع، فهو المخرج الإماراتي عبدالله حسن أحمد، وهو يعد من أوائل المخرجين في الإمارات، ويدير شركة «فراديس» للإنتاج الفني التي أنتج من خلالها 23 فيلماً.