تعرف الفنانة اللبنانية نضال الأشقر كيف تنظم الاحتفاليات وتدعم التظاهرات فنية كانت أو ثقافية أو مطلبية، فكيف إذا كان الموضوع يعني ثمرة دسمة لآمال عريضة بمستقبل مسرحي واعد، ونعني «مسرح المدينة» الذي يعيش حالياً فترة احتفالية نموذجية في عيد انطلاقته العشرين، مع 24 حدثاً مسرحياً غنائياً بمعدل حفلين يومياً تتواصل حتى 26 الجاري، وسط مظاهر احتفالية شعبية منع خلالها السير في شارع الحمراء (أحد أشهر شوارع بيروت)، ونصبت عند مدخل المسرح أكشاكاً لتناول الأطعمة السريعة وسط زحام جماهيري شارك في هذا الحدث.زوج الأشقر، الفنان الإعلامي فؤاد نعيم الذي تنقل طويلاً بين باريس وبيروت، أبلغ «الراي» أنه سيستقر أخيراً في العاصمة اللبنانية بعد رحلة طويلة من التجوال والعمل في الرسم والإعلام، وهو أخرج وترجم وأعد العمل المسرحي الأول الذي افتتح احتفالية المسرح بعيده، تحت عنوان «الملك يموت»، النص المعروف ليوجين أيونيسكو، مستعيناً للدورين البارزين بالممثلين القادرين جورج خباز (الملك) وبرناديت حديب، اللذين تباريا في رفع العمل إلى أعلى مستوى من الأداء الرفيع، والإمساك بالجمهور مصغياً مركّزاً متفاعلاً مع حيثيات العمل بالتفاصيل الدقيقة.الأربعة الباقون باتريسيا سميرا، مي أوغدن سميث، موريس معلوف، ووليد جابر، كانت أدوارهم ثانوية إلى جانب الثنائي المتناغم، والعازفين الثلاثة موسيقى حية محمد عقيل، نبيل الأحمر، وعماد حشيشو، قدموا إيقاعات معبّرة كان لها مكان ومكانة في سياق الفعل الدرامي المتصاعد من لحظة إبلاغ الملك أنه على وشك الموت، ولحظة موته.في «الملك يموت»... عاش خباز بطلاً، فهو لاعب ماهر، وعفوي متمرس في لعبة الصوت الخفيض والصراخ حتى يصم الآذان. هو لا يفاجئ الجمهور بهذا الحس الدرامي الذي يتدرج حتى الميلودرامي صعوداً، ثم التلوين بالكوميديا الساخرة التي تكشف هواجس وضعف الملك الذي يصدمه واقع أنه مخلوق كما سائر البشر، وليس خالداً أو عصياً على الموت والزوال كما اعتقد دائماً، في بلد «ينهار يوماً بعد يوم، وزراؤه في عطلة، جامعاته وقعت في حفرة، منازله تتفسّخ وتنهار، وهو الملك يرفض أن يرى الواقع كما هو».ينغمس خباز في دور الملك ويستمتع في التماهي معه، فيفوز الجمهور باستعراض تمثيلي متين ومتمكّن، وتجيد برناديت اللعبة اللئيمة تذهب معها إلى الأقصى من دون أن يهتز ميزان أو قوة الشخصية التي لاءمتها مئة في المئة.
فنون - مسرح
بـ 24 حفلاً... «مسرح المدينة» يحتفل بعيده الـ 20
«الملك يموت»... عاش جورج خباز بطلاً ميلودرامياً كوميدياً
09:12 م