ليس بالنجم وحده تنجح الأفلام!هذه مقولة معروفة لدى الجمهور والنقاد على السواء، إذ الفيلم السينمائي ليس نجماً فقط، بل توليفة من عناصر عدة تتداخل معاً بتوازن محسوب، وإلا فقد العمل الكثير من تأثيره وقيمته الفنية.والفيلم الكوميدي «لف ودوران»، للنجم أحمد حلمي، والذي يُعرض في دور السينما في الكويت حالياً وسط حضور كبير من الجمهور، ليس استثناءً من هذه القاعدة، فهذا العمل الذي عاد به الفنان أحمد حلمي بعد غياب عامين عن السينما، يمثل وجبة كوميدية تحمل بعض الضحكات وشيئاً من الترفيه، وأجواء بهيجة في أحد منتجعات شرم الشيخ، لكنه - وبرغم نجومية حلمي المشهودة - جاء بمنزلة وجبة كوميدية منزوعة الدسم!الفيلم يعد التجربة الأولى للمؤلفة منة فوزي وإخراج خالد مرعي، والأخير قدم مع حلمي مجموعة من الأفلام الناجحة مثل «ظرف طارق»، «بلبل حيران»، «عسل أسود»... وتدور أحداثه حول «مرشد سياحي» يبحث عن عمل بعد تراجع أعداد السياح الآتين إلى مصر ويعيش مع والدته (ميمي جمال) وخالته (صابرين) وجدته (إنعام سالوسة) وأخته (جميلة عوض).أحمد حلمي بعدما هاجر والده إلى إيطاليا، وبعدها وفاة جده، صار يمثل لكل هؤلاء الأمل والحياة والمستقبل، ورجل البيت الذي لا يُقهر، والذي صار يتعين عليه النهوض بمسؤوليات الأسرة المكونة من كل هؤلاء، ومن ثم يضطر إلى الذهاب إلى شرم الشيخ في رحلة سياحية، مكان زميل له كان قد حصل على هذه الرحلة مقابل أن يتزوج هناك، وينشر صوره مع العروس على أحد المواقع الذي يعلن من خلال المنتجع الذي يستضيف كل العائلة والعرس مجاناً، لتكتشف «ليلى» (دنيا سمير غانم) صاحبة الموقع أنه ليس الشخص المتفق معه، ما يجعلها تدخل في مغامرة، وتمثل أنها ستتزوجه حتى لا تقع تحت طائلة القانون بسبب الشروط الجزائية التي خضعت لها في اتفاقها مع المنتجع، لكن الفيلم يدخل في أجواء المؤامرة النسائية حتى لا يتزوج حلمي سائحة إيطالية أرسلها إليه أبوه كي يساعدها أثناء زيارتها لمدينة شرم الشيخ، وتتواصل الأحداث والمفارقات إلى أن ينتهي المطاف باكتشاف حلمي هذه المؤامرة.في بداية الفيلم، تشعر بمزيج من المتعة والترقب، منتظراً المزيد من النجم أحمد حلمي، بينما تغمر ضحكات الجمهور المتعالية من حولك أرجاء القاعة، لكنك سرعان ما تتراجع متسائلاً عن السبب الذي يجعل نجم العمل يقع على الأرض كلما لمس أي شيء، من دون مبرر منطقي، اللهم إلا استجداء الضحكات من الجمهور، حتى ولو قدم الإجابة حين سألته دنيا سمير غانم عن السبب، ليقودك السؤال إلى سؤال آخر: «أين أحمد حلمي الذي نعرفه، والذي غالباً ما يختار النص وفريق العمل، كي يقدم وجبة فنيةً عالية القيمة وشهية المذاق»!فالفعل الدرامي في الفيلم يكاد يكون غائباً تماماً، فضلاً عن أنك تبحث عن «الحبكة» فلا تجد لها أثراً، وتفتش عن «الحكاية» التي يتمحور حولها الفيلم، فلا تعثر لها على خيوط محكمة ولا عمق حقيقي، وكأن المفترض أن الجمهور يذهب لمشاهدة الفيلم لمجرد الاكتفاء بظهور أحمد حلمي على الشاشة. فالقصة التي يدور حولها الفيلم هي مؤامرة تنسجها أسرة حلمي حتى لا يتزوج من فتاة أجنبية، وهي حكاية قديمة وتقديمها من قبل فنان بحجم حلمي يثير استغراب الجمهور وتساؤله: لماذا هذا النص تحديداً على الرغم من أنه غائب عن السينما منذ عامين، ومن ثم كان يتعين عليه التدقيق في الاختيار، تجاوباً مع ما يتمتع به من حب الجمهور، خصوصاً الجيل الذي كان يتابعه في التلفزيون حين كان يقدم لهم «من يكسب البونبون»، وصار هذا الجيل في طور الشباب حالياً.الأمر الآخر هو غياب عنصر الرجل بالشكل الذي يتوافق مع السينما، ويبدو أن حلمي يسير على نفس نهج الفنانين محمد هنيدي ومحمد سعد اللذين لا يحبذان أن يكون معهما نجم آخر، على الرغم من وجود بيومي فؤاد في الفيلم ومساهمته في تحريك الأحداث وخلقه حالة جميلة من خلال أدائه ورشاقته الدرامية التي جعلت المشاهدين يتمنون لو كانت له مشاهد أكثر من المساحة التي ظهر فيها، وهنا نقول إن تغييب «الرجل الآخر» ليستأثر حلمي بأكبر مساحة من الظهور على الشاشة يحتم عليه أن يسأل نفسه عن سينما هنيدي وسعد: «أين هي الآن؟»، ولماذا لا يحذو حذو الفنان عادل إمام الذي يحشد معه وحوله عدداً كبيراً من النجوم سواء في السينما أو الدراما، لأنه يدرك أن المُشاهد أصبح سريع الملل في ظل وجود نوافذ كثيرة لمشاهدة أحداث ترفيهية وفنية أخرى عبر الوسائل المختلفة.لا ننكر أن فيلم «لف ودوران» حمل كماً كبيراً من الكوميديا الخفيفة، وحفل بالكثير من المتعة، لكننا في الوقت نفسه نستطيع القول: «إن الفيلم حضر بينما غاب النجم». فمثلاً، عندما حاول بيومي فؤاد - بالتنسيق مع عائلة حلمي - أن يتم وضعه في جزيرة العشاق مع دنيا سمير غانم كانت هناك إطالة للمشاهد من دون داعٍ، وظهر حلمي وكأن لم توجد معه فتاة تحمل كل مواصفات الجمال، وفضّل أن يظل جائعاً واقفاً على الصخرة لا يشعر بوجودها كأنثى لمدة يومين. ولأنه يحب دائماً ما يطلق عليه «السينما النظيفة» التي تبتعد عما يخدش الحياء، غير أن الفيلم انتهى بطريقة خالية من الجاذبية، وكأنه أراد أن ينهي الأحداث مستعجلاً بعدما أطالها في هذه الجزيرة من دون أي فعل درامي!على الرغم من أن أحمد حلمي سبق أن قدّم أفلاماً أكثر نضجاً وأشد حضوراً وأقوى إبداعاً من «لف ودوران»، فإن هذا الأخير يمثل وجبة كوميدية معقولة تتخللها جرعة ترفيهية ليست قليلة، وكانت لافتةً هيمنة الطبيعة الخلابة في شرم الشيخ على صورة الفيلم، حتى إن البعض تساءل عما إذا كان الفيلم استهدف عمداً أن يروِّج للسياحة في منتجعات شرم الشيخ، ربما لاستعادة الزخم السياحي إليها مجدداً بعد التدني الملحوظ في أعداد السائحين القاصدين للمدينة.هذا الفيلم، برغم ما قيل عن تحقيقه أرقاماً كبيرة في السينما (لا نعرف مدى صحتها)، لم يقدم للمشاهد فكرة جديدة ولا قصة بحجم النجم أحمد حلمي ومخرج بقامة خالد مرعي.
فنون - سينما
الفيلم من بطولة أحمد حلمي ودنيا سمير غانم... ويُعرَض في دور السينما حالياً
«لف ودوران»... وجبة كوميدية خالية الدسم!
02:54 م