كل من يعمل في مجال الكيمياء الحربية، سمع أو شاهد أفلام ذلك الغاز المجنون الذي اكتشفه الانكليز بعد تجارب ناجحة عندما وضعوا قطة وفأرا في قفص كبير، وأطلقوا الغاز داخل القفص، فإذا بالمنظر المضحك: الفأر يطارد القط الذي ينكمش بشكل يحنن قلب عدي بن صدام! أخرجوا الفأر من القفص، وأدخلوا بدلا منه كلبا لينضم للقط الموجود بالداخل، وأطلقوا الغاز، فاستسبع القط (الجبان سابقا) وقفز على الكلب قفزة انتحارية، فضربه الكلب ضربة أسقطته، لكن ما أن بدأ تأثير الغاز حتى بدأت المطاردة المجنونة: القط يطارد الكلب الذي يهرب منه وهو ينبح مستجديا الرحمة... الانكليز جربوا الغاز في اتجاه آخر، إذ أطلقوه على احد العساكر الجبناء فاستأسد بشكل لافت للنظر، وأطلقوا الغاز على أحد عساكر «المهمات الصعبة»، وهم نخبة النخبة في الجيش الذين يتمتعون بمواصفات خيالية من الشجاعة والذكاء والقدرة على التحمل وغير ذلك، فانتابت هذا العسكري نوبة من البكاء والانكسار، وأخذ يرجف، ويصرخ كلما شاهد أحدا يمر بالقرب منه.العلماء المكتشفون، جربوا أيضا غازهم المجنون على عسكري آخر من الجيش النظامي، بعدما فرّغوا بندقيته من الذخيرة، وجلسوا في مقر القيادة يتابعون الحدث من خلال الكاميرات المنصوبة في الميدان، فشاهدوا ما سرّهم: صرخ العسكري وهاجم زملاءه، وضغط الزناد في محاولة جادة لقتلهم، لكن البندقية الفارغة (أو المفرغة) خذلته، فهجم عليهم محاولا طعنهم بالحربة المثبتة في مقدمة البندقية لكنه فوجئ بعدم وجودها، فهاجمهم، وهم مسلحون، بيديه الخاويتين. مكرها أخاك لا بطل! الأغرب من ذلك كله، أنهم ألبسوا مجموعة من العساكر لباس الجيش الألماني (جيش العدو)، وأمروهم بالمرور بجانب صاحبنا، فلم يبدِ أي ردة فعل، وتعامل معهم كزملاء.حكايات كثيرة قد لا تُصدق عن تأثير هذا الغاز (نسيت اسمه العلمي)، ومناظر أقرب للخيال منها إلى الحقيقة، مصورة على أشرطة الفيديو الموجودة بحوزة كل جيوش العالم، بما فيها الجيش الكويتي، وقد شاهدتها مرارا، في مصر وفي الكويت... هذا الغاز ،باختصار، يغيّر من طبيعة الأشياء، فيبدو القريب بعيدا والعكس، والصغير كبيرا والعكس، والصديق عدوا والعكس...الحكومة الكويتية يبدو أنها تعرضت لهذا الغاز، فكانت النتيجة ما نراه الآن... وزارة النفط، على سبيل المثال، تتكفل بتدريس أبناء الأجانب على حسابها في أرقى المدارس الأجنبية، في حين يدرس أبناء الكويتيين في مدارس الحكومة التي لا يقبل قياديوها (قياديو التربية) تدريس أبنائهم فيها... جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، تعلنان في صحف الكويت عن حاجتهما لأساتذة، لكنهما تعلنان ذلك في اليوم نفسه في صحف إحدى الدول العربية. والنتيجة، قبول الأساتذة العرب ورفض الكويتيين. كذلك الحال مع اكاديمية سعد العبد الله، التي لا يزال باشواتها يسرحون ويمرحون، بينما نظرائهم الكويتيون واقفون على الباب بانتظار قطرة من مطر. رغم أنهم مبتعثون على حساب وزارة الداخلية، وعلّ المدير الجديد للأكاديمية العميد يوسف المضاحكة يصحح أخطاء أسلافه... كشوفات توظيف الكويتيين أطول من ليل الشتاء، وعيونهم شاخصة مستجدية عطف باشوات ديوان الخدمة، الأمر الذي دفع بآباء هؤلاء الشباب إلى الاقتراض لسد حاجة الأفواه الفاغرة، ليزداد الأسى، ويشتكي الناس لحكومتهم ثقل الأحمال، فتستجيب الحكومة وتتبرع لسكان الأمازون والميسيسبي... يصرخ الناس بسبب غلاء الأسعار ويستنجد الموظفون بالحكومة لاقرار الكوادر، فتتبرع حكومتهم للبنان وسورية ومصر، قبل أن تطلب من البنك الدولي دراسة تأثير زيادة رواتب المواطنين، والحمد لله أن الحكومة اكتفت بالاستعانة بالبنك الدولي ولم تستعن بقوات الجنجويد وقبائل الزولو لقمعنا... هذه التصرفات الحكومية وغيرها، مثل «تطنيش» دعاة الكويت كلهم، والاستعانة بالداعية وجدي غنيم رغم شتيمته لرمزنا (سؤال عرضي فرضي: هل كان وجدي هذا سيعتذر للكويتيين لو استمر الاحتلال الصدامي لدولتهم؟ هذا إذا أسمينا تلاعبه في الكلمات اعتذارا، من الأساس)، هذه وغيرها من التصرفات، سببها غاز الصمرقع، ابن الستين في سبعين! وما لم يُغلق «محبس الغاز» فسيطاردنا الوزراء غدا بألواح الخشب في الشوارع! أنقذوا الكويتيين من حكومتهم، وأغلقوا المحبس تكفون، أو فلتمنعوا استيراد ألواح الخشب. يرحمكم الله. ***يوم عن يوم، يكبر النائب الدكتور فيصل المسلم في أعين الناس. هذا النائب تحالفت في رأسه قوات الشجاعة والدهاء، فشكلت جيشا لا يصد ولا يرد. وإن كانت الأمثال تقول: «الكريم معان»، فأنا أقول: «الشجاع مصان»... ثناء النائب على وكالة «كونا» - التي نشرت الحقائق في قضية «إعلان الأهرام» رغم أن رئيسها هو المعني في الموضوع – ودخوله في حقول الألغام الخطرة، وغيرهما من المواقف الشامخة تدل على أن «بو علي» شجاع... والشجعان يفرضون احترامهم، بالطبع.

محمد الوشيحيalwashi7i@yahoo.com