قررت المحكمة الإدارية أمس إلغاء قرار مجلس الوزراء «زيادة اسعار البنزين» وما يترتب على ذلك من اثار، في الدعوى المرفوعة من المحامي نواف الفزيع، فيما رأت أن طلب شمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة، وتنفيذه بموجب مسودته بغير اعلان وبغير وضع الصيغة التنفيذية، لا موجب له، اعمالاً لسلطتها التقديرية المقررة وفق المادتين 191، 194 من قانون المرافعات، فالتفتت عنه.وكان الفزيع قد قال في دعواه ان مجلس الوزراء اصدر القرار الاداري رقم 32/ 2016 بتاريخ 1 أغسطس 2016 بإعادة هيكلة اسعار البنزين وتطبيق اسعار جديدة للبنزين، وقد اوصى مجلس الوزراء، لجنة اعادة دراسة مختلف انواع الدعم الحكومي بتقييم الاسعار كل ثلاثة اشهر للتوافق مع اسعار النفط العالمية.ورأت المحكمة أن ما اتخذ من اجراءات من قبل الجهة الادارية بتغيير اسعار سلعة البنزين، وفق اوراق الدعوى ومستنداتها يؤكد انها قد خلت مما يفيد اتخاذ وزير النفط الاجراءات القانونية المنصوص عليها وفق المادة الرابعة من المرسوم بقانون 6/ 1980 والتي اوجبت عليه عرض المقترح المنوه عنه - زيادة اسعار البنزين - على المجلس الأعلى للبترول للموافقة عليه تمهيدا لصدور مرسوم بشأنه، مما يتضح بأن القرار المطعون عليه قد صدر بالمخالفة لاحكام القانون سالفة الذكر والذي انطوى على نصوص قانونية واجبة الاحترام ويترتب على اغفالها البطلان، لاسيما وان ذلك القرار يتعلق بأهم ثروات البلاد وهي الثروة النفطية التي تعتبر عماد هذا الوطن ومصدر قوته، الامر الذي يتعين معه القضاء بالغائه وما يترتب على ذلك من اثار.ونوهت المحكمة ابتداء بالخوض في بيان وتحديد طبيعة المقابل المالي التي تتقاضاه مؤسسة البترول من خلال بيعها لسلعة البنزين، وعلى ضوء ذلك لزاما على المحكمة التفرقة والتمييز بين كل من الضريبة والرسم والثمن العام. وحيث انه اتفق فقهاء المالية العامة على ان الضريبة هي استقطاع مالي جبري تحصل عليه الدولة من الممولين بصفة نهائية ومن دون مقابل، لغرض تحقيق النفع العام، وان الضريبة المستترة هي زيادة المقابل المالي عن مقدار تكلفة الخدمة زيادة كبيرة. فيما ان الرسم هو المقابل المالي الذي تحصل عليه الدولة او احد اشخاص القانون العام جبرا من المستفيدين، نظير خدمة خاصة تعود عليه بمنفعة خاصة مقرونة بتحقيق نفع عام، وانها تصدر من مرفق عام اداري. اما الثمن العام فهو المقابل المالي الذي تحصل عليه الدولة او احد اشخاص القانون العام نظير بيع منتجاتها من السلع والخدمات من خلال المشروعات التي تمتلكها ملكية خاصة، وانها تصدر من مرفق عام اقتصادي.وبتطبيق ما سلف سرده على الواقعة الماثلة يتضح ان المقابل المالي الذي تجنيه مؤسسة البترول الكويتية من خلال بيعها لسلعة البنزين التي تملكه ملكية خاصة، كما هو ثابت بقانون انشائها - هو بهدف تحقيق ربح اقتصادي، وقد خلت الاوراق مما يفيد زيادة هذا المقابل عن مقدار تكلفة الخدمة او السلعة زيادة كبيرة، او ان تعود منفعة عامة مع المنفعة الخاصة نظير هذه الخدمة، الامر الذي تنتهي معه المحكمة ان ذلك المقابل ما هو الا ثمن عام، وان ذلك الوصف هو ما يصدق وحال الدعوى الماثلة، ومن ثم تلتفت المحكمة عما اثاره المدعون بأن ارتفاع سعر البنزين ما هو الا ضريبة مستترة او رسم ويستلزم لذلك صدور قانون.وأضافت ان ما اثير بأوراق الدعوى ومستنداتها من قبل المدعين بأن ما سعت اليه الجهة الادارية بتغيير اسعار البنزين يتنافى ويتعارض مع نصوص القانون 10 /1979 في شأن الاشراف على الاتجار في السلع وتحديد اسعارها، والقانون 79 /1995 في شأن الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة، وحيث ان البين من مطالعة وتمحيص نصوص القانون 10 /1979 تبين انه وبصريح لفظه ودلالة معناه وفقا لمقصود المشرع من اصداره انه لم يتطرق قط في ثناياه لاي نوع من المشتقات البترولية من ضمن السلع التي بالامكان تسعيرها جبريا، بل ان المعني به السلع التموينية او ما شابه ذلك، هذا مع عدم تسليمنا بأن يكون القانون المشار اليه موضع تطبيق على الواقعة محل النزاع لان المخاطب به هو وزير التجارة وليس وزير النفط او مؤسسة البترول الكويتية. حيث انه من المقرر في قضاء محكمة التمييز «وان كان نشاط القضاء الاداري في وزنه للقرارات الادارية ينبغي ان يقف عند حد المشروعية او عدمها في نطاق الرقابة القانونية فلا يتجاوزها الى وزن مناسبات القرار وغير ذلك، مما يدخل في نطاق الملاءمة التقديرية التي تملكها الادارة بغير معقب عليها، الا ان له الحق في بحث الوقائع التي بني عليها القرار الاداري بقصد التحقق من مطابقته او عدم مطابقته للقانون، وحقه في ذلك لا يقف عند حد التحقق من الوقائع المادية التي اسس عليها القرار، بل يمتد الى تقدير هذه الوقائع اذا ارتبطت بالقانون باعتبارها عنصرا من العناصر التي يقوم عليها القرار الاداري، والمحكمة في حدود رقابتها للقرار ان تقدر تلك العناصر التقدير الصحيح وان تسمى الامور بأسمائها الحقيقية دون التقيد بحرفية الالفاظ والتي يجري بها التفسير اذ العبرة في التكييف القانوني بفحوص القرار الاداري ومعناه لا بصفته ومبناه».وحيث انه من المستقر عليه ان الضمانات التي تقررها القوانين جازمة لازمة ليس عنها محيص فالمأمور به واجب الاستصحاب، والمنهي عنه واجب الاجتناب بلا ترخيص في ذلك او هوان او لين. وذكرت ان مقطع النزاع يتعلق ببحث مدى مشروعية قرار مجلس الوزراءزيادة اسعار البنزين، وان الاساس القانوني للواقعة محل التداعي هو المرسوم بالقانون 6/ 1980 بانشاء مؤسسة البترول الكويتية، فقد نصت المادة الرابعة منه على «تتولى المؤسسة تسويق النفط الخام والغاز العائد للدولة وذلك وفق الأسس المالية التي يقترحها وزير النفط ويوافق عليها المجلس الأعلى للبترول ويصدر بها مرسوم، كما تتولى تسويق المنتجات البترولية المكررة والغاز المسيل والمنتجات البتروكيماوية» كما ورد في المذكرة الايضاحية التي فسرت نص المادة الرابعة من القانون المشار اليه على ان «المقصود بذلك ان تحدد الدولة للمؤسسة السعر الذي تحاسب على اساسه نتيجة لبيعها النفط الخام وكذلك الغاز للاغراض المختلفة تاركة للمؤسسة هامش ربح معقول مقابل قيامها بعملية التسويق وبما يتناسب مع الجهد الذي تبذله في هذا الصدد، كما تتولى المؤسسة كذلك تسويق المنتجات البترولية المكررة والغاز المسيل والمنتجات البتروكيماوية» اي انه من واقع فهم نص المادة المشار اليها انها رسمت طريقا محددا لاجراءات تسويق وبيع النفط الخام ومن ضمنها بالتأكيد ما يتعلق بموضوع النزاع (البنزين) من خلال اقتراح وزير النفط لتحديد اسعارها، ومن ثم يستوجب عرض ذلك المقترح على المجلس الاعلى للبترول للموافقة عليه ثم اصداره بمرسوم.حيث ان ما قصده المشرع من وجود اجراءات قانونية منظمة، ما هو الا من اجل تحقيق الضمانات التي كلفها الدستور لحقوق وحريات الافراد وتحقيق المصلحة العامة حتى يمنع جهة الادارة من التسرع واتخاذ قرارات غير مدروسة وحملها على التروي في ذلك ووزن الملابسات والظروف المحيطة بموضوع القرار.
محليات - مجلس الأمة
«صدر مخالفاً لأحكام القانون 1980/6 الذي انطوى على نصوص قانونية واجبة الاحترام»
«الإدارية» تلغي «زيادة أسعار البنزين»: خطأ حكومي إجرائي أبطل القرار
01:44 م