تتجه الأنظار إلى العاصمة الجزائرية، التي تشهد اجتماعاً غير رسمي لمنظمة الدول المصدّرة للبترول (أوبك)، لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور في شأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لتثبيت إنتاج النفط.ولا تدعو المؤشرات وفق ما تؤكد مصادر نفطية لـ «الراي» إلى التفاؤل بخصوص الاتفاق، لافتة إلى أن الأمور بحاجة إلى «جهاد» كونها في غاية التعقيد على وقع التعنت والرفض الإيراني لمبدأ التثبيت في الوقت الراهن، على اعتبار أنها لم تصل إلى مستويات إنتاج مماثلة لتلك التي كانت قد وصلت إليها قبيل تطبيق العقوبات الغربية عليها.وترى المصادر أن إيران ليست وحدها العقبة أمام الاتفاق «الصعب»، مبينة أن العراق من جهته لا يرغب بأي تثبيت للإنتاج، وهو ما كان قد أكده وزير النفط العراقي قي وقت سابق، بل وذهب إلى أبعد من ذلك حين شدّد على أن بلاده ستعمل كل ما في وسعها لرفع إنتاجها من النفط.من ناحية ثانية، تبين المصادر أن بصرف النظر عن التوصل أو عدم التوصل إلى اتفاق خلال اجتماع الجزائر، فإن الأسعار ستظل تتراوح بين 40 وأكثر من 50 دولاراً، لافتة في الوقت نفسه إلى أن فشل الاجتماع قد يتسبب بهبوط جزئي للأسعار ولمدة زمنية قصيرة نسبياً.وفيما رجحت المصادر أن تحافظ كل الدول الأعضاء في «أوبك»، والدول المنتجة من خارج المنظمة على مستويات الإنتاج القائمة حالياً، أشارت إلى أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق، فإنه لن ينعكس بشكل لافت على الأسعار التي ستبقى في إطار الـ 50 دولاراً.بيد أن المصادر اعتبرت أن الأزمة الحقيقة تكمن في مجموعة من التحديات، أولها مدى التزام الدول الأعضاء بتطبيق الاتفاق (في حال حصل) ولو بشكل رمزي سواء بخفض أو تثبيت الإنتاج، في حين أن التحدي الثاني يكمن في خطر النفط الصخري، وكم الآبار المتوقفة عن الإنتاج، التي يبدو أنها قاب قوسين أو أدنى للعودة مجدداً إلى الإنتاج، لاسيما وأن الأرقام تشير إلى الحفارات في الولايات المتحدة الأميركية سجلت أكبر زيادة شهرية لها منذ نحو عامين تقريباً.ولفتت المصادر كذلك إلى أن التحدي الثالث يتمحور حول التزام الدول من خارج «أوبك» كروسيا والنرويج وغيرها بالاتفاق، معتبرة في هذا السياق أن التحدي الأكبر يكمن في مسألة نمو الطلب، وما إذا كان هناك زيادة تستوعب ما يتم إنتاجه من النفط.الكوحوفيما رجحت مصادر وصول الأسعار إلى 50 دولاراً في حال التوصل إلى اتفاق، وهبوطها إلى 35 دولاراً حال الإخفاق، توقّع المحلل النفطي، عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التكنولوجية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور أحمد الكوح ان يكون النجاح حليفاً لهذا الاجتماع، مستشهداً بالتصريح الروسي - السعودي، والذي صدر في الصين ويدعو الى تعزيز الاستقرار في سوق النفط العالمي.وقال الكوح ان تصريح السكرتير العام للمنظمة الذي قال فيه ان اجتماع الجزائر (غير رسمي) ولا يعتبر اجتماعا لاتخاذ قرارات حاسمة، إذ إن الاجتماع المقبل لـ «أوبك» سيكون في نوفمبر المقبل يقلل من أهمية الاجتماع في الجزائر، ولكن من المتوقع ان يكون هناك اتفاق عام بين الاعضاء وغير الاعضاء خصوصا روسيا، وسيتم تعميم الاتفاق في الاجتماع المقبل لـ «أوبك» في نوفمبر.واوضح أن نجاح او فشل الاجتماع تحدده ثلاث علامات هي القرارات التي تتم الموافقة عليها والأصداء الدولية التي حصلت عليها هذه القرارات، وكذلك ردة فعل السوق النفطي على المديين القريب والبعيد.وأشار إلى أنه من الصعب جدا تحديد أثر المؤتمر على اسعار السوق، مؤكدا ان هناك العديد من العوامل التي تحدد سعر السوق ومنها القرارات التي ستتخذ في هذا الاجتماع أو الاتفاقات على القرارات في المستقبل لذلك ليس من الصواب قياس نجاح الاجتماع أو فشله بردود فعل سوق النفط العالمي.من جهته، أكد المحلل النفطي رئيس شركة الشرق للاستشارات البترولية الدكتور عبدالسميع بهبهاني، أن اجتماع «اوبك» التشاوري أعطي زخما كبيرا من الأهمية في المؤسسات النفطية والاقتصادية، موضحا أنه يدل على أن «أوبك» مازالت مؤثراً أساسيا في السوق النفطي، وفي الاقتصاد العالمي.واوضح بهبهاني ان دول «اوبك» تكتسب أهميتها ليس فقط من أنها تنتج أكثر من ثلث إنتاج العالم (34 مليون برميل يومي) ولكن بالإضافة إلى ذلك فهي ذات قدرة انتاجية احتياطية إضافية طويلة الاجل وايضا تنوع في مستويات نفوط الخام ونسبة تصدير اكبر من المستهلك (60 في المئة) ما يجعلها اكثر ضمانة للاقتصادات الناشئة والمتقدمة ومشاريعها الصناعية العملاقة.ولفت الى ان الجديد في الاجتماعانه قد سبقته ظروف اقتصادية وتصريحات من قبل الدول الاعضاء في «اوبك» «لاقت اهتماما وجدية اكبر من التصريحات السابقة في الدوحة، وغيرها من المتخصصين والمهتمين بسوق النفط العالمي».وافاد بان «ورقة التفاهم السعودي الروسية (اكبر منتجين) على مراقبة السوق وتصريحات الرئيس الايراني الداعمة للتفاهم (بعد تقاربها من انتاج 3.8 مليون برميل يوميا) وتقارب الهوة بين فائض العرض والطلب (من 1.5 مليون برميل الى اقل من 0.5 مليون برميل) وضمانات اكبر للحصص السوقية ضف الى ذلك حدوث تعقيد جيوسياسي كل ذلك يصب في اتجاه اتفاق قادم سواء كان لتجميد ام لتخفيض الإنتاج».واشار الى انه «لاشك ان للشائعات الداعمة والمضادة انعكاسات على سعر البرميل تراوحت بين 1 و3 دولارات للبرميل ما يجعل القرار القادم خطيرا على الاقتصاد العالمي»وهذا يبرر تصريحات كبار منتجي «اوبك» السلبية لكي لا يخرج السوق عن توازنه.وتوقع ألا يتخذ قرار في الاجتماع وستكون هناك ايحاءات ايجابية مفاجئة ستؤجل الى اجتماع«اوبك» العادي المقبل في 30 نوفمبر، وهذا ما يجعل خام برنت يدور حول الـ 47 دولاراً للبرميل إلى حين الاجتماع.وعن التحديات القادمة للأسعار على المستويين المتوسط والبعيد، اوضح بهبهاني انه يمكن تحديدها في زيادة الانتاج القادم وبالتحديد من ليبيا ونيجيريا والعراق والصخري من الولايات المتحدة مقدرا هذه الإضافة بنحو 2.5 مليون برميل اضافي يوميا في النصف الثاني من 2017 مقابل 1.3 مليون زيادة في الطلب العالمي.
اقتصاد - النفط
مراقبون يرون أن المعطيات لا تدعو للتفاؤل
«أوبك» تجاهد في الجزائر للتوصل إلى اتفاق «صعب»!
04:30 م