حال الاختلاف والخلافات بين المسلمين لاتنتهي ولاتتوقف عند شكل واحد، فالخلافات «عقائدية وفكرية ومذهبية ومنهجية وسياسية وعرقية وطائفية»، وهي خلافات لن تتوقف على مدار الزمان والأيام.
/>ولكن كان لافتاً بوضوح ظهور الخلافات بشدة على رؤية الهلال للشهر الهجري، خصوصاً إذا ما تعلق بمناسبة شعبية جماهيرية كالعيد.
/>وفي رؤية هلال شهر شوال التي بها يبدأ عيد الفطر المبارك ظهرت تناقضات وخلافات واضحة في تحديد رؤية هلال شوال لعيد الفطر تبعث على التعجب والحزن في وقت واحد وهي كالآتي: ففي شمال نيجيريا المسلم أُعلن ثبوت رؤية هلال عيد الفطر مساء الأحد 28 سبتمبر وأن الاثنين 29 سبتمبر هو أول أيام عيد الفطر.
/>أما في المملكة العربية السعودية فقد ثبتت رؤية هلال عيد الفطر مساء الاثنين، وأن الثلاثاء 30 سبتمبر هو أول أيام عيد الفطر، وقد ثبتت تلك الرؤية في دول الخليج والأردن وفلسطين واعتمدها المسلمون في جميع دول أوروبا. ومن اللافت جداً أن ليبيا اعتمدت رؤية الهلال يوم الاثنين ليكون العيد في ليبيا يوم الثلاثاء، وهو ما يعني أن رمضان في ليبيا 28 يوماً فقط!
/>أما في مصر وسورية ودول المغرب العربي فقد اعتمدوا رؤية الهلال مساء الثلاثاء 30 سبتمبر، ليكون الأربعاء الأول من أكتوبر هو أول أيام عيد الفطر ليكون كل من شهري شعبان ورمضان في مصر 30 يوماً.
/>وفي بنغلاديش والهند أُعلن أن الهلال ظهر يوم الأربعاء الأول من أكتوبر، وأن أول عيد الفطر هو يوم الخميس 2 أكتوبر.
/>ورغم أن رأي جمهور العلماء في أن رؤية الهلال في بلد مسلم توجب على البلاد التي تشترك معه في أي جزء من الليل اتباعه، ما يجعل الاتفاق على الهلال سهلاً ميسوراً، إلا أن الخلاف على رؤية الهلال تتعدد أوجه أسبابه، فمنها أسباب سياسية تتعلق بوجهة نظر بعض الدول في أن رؤية الهلال تحقق نوعاً من الاستقلال وعدم التبعية!
/>ومنها أسباب علمية تكمن في اعتماد الحسابات الفلكية، وهو ما أثار اعتراضات شديدة من العلماء لثبوت النص الشرعي «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». لكن تلك الإشكالية سهل جداً حلها في ظل التقنيات الحديثة وبتحقيق الحكم الشرعي ألا وهو الرؤية، وذلك عن طريق قمر صناعي يوحد الرؤية في 56 دولة عربية وإسلامية، وقد أُعلن عن ذلك المشروع عن طريق جامعة القاهرة في مصر وتمت دراسته وإعداده، وللأسف لم يتم تمويله حتى الآن رغم أن تمويله يتكلف مليون دولار فقط، وهو عبارة عن منظار محمول موضوع على ارتفاع يتراوح بين 400 و600 كيلومتر من الأرض لنرى به الأجرام السماوية بوضوح، بعيداً عن التلوث والنشاط الجوي، ويقوم هذا المنظار برصد الهلال لحظة مولده أثناء دوران القمر في سماء الدول العربية والإسلامية وإرسال الصور إلى محطات استقبال أرضية لترى كل دولة الصورة المأخوذة من الفضاء عبر شاشة تلفزيونية أو جهاز فاكس، وبذلك تتحقق الرؤية الشرعية المشتركة، خصوصاً أن المسلمين في جميع أنحاء العالم يشتركون مع مكة في سبع ساعات. وبالتالي تتوحد مواقيت الأهلة والأعياد والمناسبات الشرعية عند المسلمين، وهذا القمر يلغي تماماً الاعتماد على الحسابات الفلكية، لأن القمر يدور 15 دورة في اليوم، وبالتالي ترصد كاميراته صورة الهلال وتستقبلها كل دولة عبر محطتها، والتي بها يتحدد موقع الهلال قبل غروب الشمس.
/>أي أنه سيتم تحديد بداية الشهر الهجري طبقاً لرؤيته وليس تبعاً للحسابات الفلكية التي تؤدي إلى الاختلاف، كما أن هذا القمر سيوفر ملايين الدولارات التي يتكلفها إنشاء محطة التلسكوب الفلكي.
/>عجباً للعرب والمسلمين ينفقون مليارات الدولارات على السحر والشعوذة وملايين الدولارات على الكرة والأغاني ومليارات على الملابس والسيارات. مليارات ومليارات تنفق ولا ينفقون مليون دولار واحداً من أجل توحيد رؤية الهلال والاتحاد في مناسباتهم الدينية. إنه لأمر مؤسف ومخجل أن يتعمد بعض المسلمين الخلافات حتى في مناسباتهم الدينية.
/>لذلك ليس غريباً ما نراه من خلافات متعددة بين المسلمين في جميع أوجه الحياة، وليس غريباً ما نجده من ضعف العرب والمسلمين وتدخل أعدائهم في حياتهم.
/>ممدوح إسماعيل
/>
/>محامٍ وكاتب مصري
/>elsharia5@hotmail.com
/>