في ظل تعاظم التحديات الجسام التي تواجه البيئة التشغيلية في الكويت على وقع هبوط أسعار النفط، وتراجع الإنفاق الاستثماري، ثمة تحديات من نوع آخر ستضيف بلا شك عبئاً جديداً إلى الأعباء التي تثقل كاهل الشركات.في منتصف العام المقبل (2017) سيدخل قرار تطبيق تعرفتي الكهرباء والماء الجديدتين حيز التنفيذ، وهو سيطول إلى جانب السكن الاستثمار، القطاع التجاري وغيره من القطاعات الأخرى.ورغم أن شريحة كبرى من الشركات لن تتأثر بالزيادة المرتقبة، إلا أن شركات أخرى، وتحديداً الشركات العقارية «الضخمة» وعلى رأسها تلك التي تدير وتملك مجمعات و«مولات» ستتأثر أرباحها بشكل ملحوظ ولافت بنهاية العام المقبل.تأثر أرباح هذه الكيانات ليس عملية افتراضية قد تحدث، وقد لا تحدث، ولكنه بات واقعاً مؤكداً كونه مبنياً على أرقام أصبحت معلومة للجميع. فعند بدء تطبيق التسعيرة الجديدة للكهرباء ورفعها من فلسين لكل كيلو واط/ ساعة في الوقت الراهن إلى 25 فلساً دفعة واحدة، فإن تغييراً جوهرياً سيطرأ على فاتورة الكهرباء التي ستتضخم أضعافاً مضاعفة. وكذلك الحال بالنسبة إلى فاتورة الماء، إذ سيقفز سعر كل 1000 غالون إمبرطوري من 800 فلس إلى 4 دنانير.وبناء على ما تقدّم، فإن سؤالاً ملحاً يطرح نفسه بقوة، هل ينبغي على الشركات المعنية بهذه الزيادات الهائلة والضخمة أن تفصح عن مدى تأثرها وتأثر إيراداتها وأرباحها بشكل مباشر بهذه التغييرات المتوقعة.مصدر مسؤول في سوق المال أكد لـ «الراي» أن «في ما يتعلق بزيادة الخدمات الاستهلاكية الجديدة التي ستترتب على زيادة تعرفة الكهرباء والماء وغيرها، فإن هذه البنود لا تعد ضمن المعلومات الجوهرية الواجب الإفصاح عنها، أو التي تُطالب بها القنوات الرقابية، الشركات المُدرجة».وأفاد المصدر أن الأمر سيكون واضحاً ضمن البيانات المالية والميزانيات السنوية والدورية للشركات، والتي تشتمل على بنود تعكس حجم المصروفات، وما يترتب على زيادة تكاليف الكهرباء والماء وغيرها من الخدمات الأخرى.وبين أن «تلك البيانات والتي ستُنشر على الموقع الرسمي للسوق، ستظهر مدى تأثير ذلك على هامش الربح، الذي اعتادت على تحقيقه كل شركة من الشركات العقارية التي تستثمر في مجمعات كُبرى».وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن مبادرة الشركات المتأثرة بالقرارات والقواعد الجديدة بالإفصاح قبل رصد أي انعكاسات، شيء جديد، من شأنه أن يجعل المستثمر على بينة من تداعيات ذلك على ميزانية الشركة التي يساهم فيها.الشريعانمن جهته، أوضح الرئيس التنفيذي في الشركة الكويتية للوساطة، والمحلل المالي، فهد الشريعان، أن رفع تكاليف الكهرباء والماء سيكون له حضور قوي هو الأول من نوعه في البيانات المالية الدورية والسنوية للشركات العقارية المالكة لاستثمارات ضخمة أو التي توجه جُل أنشطتها نحو المجمعات التجارية.وقال إن عوائد تلك الشركات ستتراجع، وهامش الربح المُعتاد أيضاً سيتراجع هو الآخر، مشيراً إلى أن الشركات التي تتوافر لديها بدائل استثمارية مشابهة في أسواق خليجية أخرى ستتفادى تأثير ما يحدث محلياً، إذ سيكون لديها تدفقات نقدية وإيرادات خارجية قادرة على تغطية «الضربات» التي تتلقاها في ظل القرارات والتوجهات المحلية القاضية بزيادة أسعارالخدمات التي توفرها من ماء وكهرباء وبنزين وغيرها.وأضاف «التضييق يتواصل، والمواطن أو المقيم سيتحمل تبعات ذلك في نهاية الأمر»، وهذا ما أكده كذلك الرئيس التنفيذي في شركة الشرق الأوسط للوساطة، صالح الحميدي بأن تأثير رفع فواتير وتكلفة الكهرباء على الشركات والمجمعات من شأنه أن ينعكس على حجم الإيرادات، وبالتالي على صافي الأرباح المحققة، ما سيؤثر على عائد المساهمين.وأشار إلى أن هناك 2.8 مليون مقيم من مختلف الجنسيات سيتأثرون بتلك الزيادة، منهم المستأجر، ومنهم رجل الأعمال الذي أودع أمواله في قنوات استثمارية عقارية، وغير ذلك، جميعهم سيتأثرون برفع التكلفة، ولا يُستبعد أن يخرج المستثمرون بحثا عن فرص مواتية ومناسبة تضمن لهم تحقيق عوائد أفضل في أسواق أخرى.ولفت الحميدي إلى أن ما يحدث من رفع تكاليف الكهرباء والمياه سيكون سبباً في هروب رؤوس الأموال من هذه الاستثمارات المهمة التي تمثل متنفساً للمواطن والمقيم على حد سواء، متوقعاً أن يبلغ تأثير الإجراءات الجديدة 25 في المئة على هامش الربح الذي تحققه الشركات، ما يعني أن الشركات التي اعتادت تحقيق عوائد تمثل 10 في المئة، اصبحت أمام هامش ربح او عائد لا يزيد على 7.5 في المئة. وقال «الأثر سيكون مضاعفاً مع مرور الوقت، وانعكاساته ستظل حاضرة لسنوات طويلة حتى تعتاد الشركات عليها».
اقتصاد
عبء جديد يضاف إلى سلسلة التحديات الضخمة
فاتورة الكهرباء والماء ستثقل كاهل الشركات العقارية
تعرفة الكهرباء ستلقي بظلالها على أرباح الشركات (تصوير زكريا عطية)
01:13 م