تقول التقديرات والتحليلات التي صدرت بعد انتهاء المناظرة الأولى بين مرشحي الانتخابات الأميركية أوباما وماكين إن أياً منهما لم يعلن عن مفاجأة، ولم يسقط كلاهما في هفوة، ولم تترجح كفة واحد على الآخر، رغم أن كلا المعسكرين قال إن مرشحه قد فاز.
/>لست ناخباً صاحب صوت في الانتخابات الأميركية ولا أتمنى ذلك، ولكن كمراقب من بعيد فإن لديّ بعض الملاحظات التي أريد أن أسجلها على مجريات النقاش.
/>إن أوباما كان يصر على أن يخاطب العائلات الأميركية، وهو يتحدث عن أفكاره لحلول الأزمة الاقتصادية، مقدماً نفسه كمرشح للطبقة المتوسطة والمعوزين الأميركيين، ثم أضاف إلى العائلات حديثاً عن الشركات، وأصر على إظهار الإدارة الحالية والمرشح المرتبط بها على أنهما يسببان الضرر بينما لم يقدم ماكين جديداً يذكر في هذا السياق.
/>أوباما كان حريصاً على أن يعلن آراءه في مواجهة ماكين، مخاطباً إياه ومتحدثاً عنه بالاسم، كما لو أن ذلك يعني أنه لا يخشى المواجهة. في المقابل لم يوجه ماكين نظراته إلى أوباما وتحدث عنه غالباً بضمير الغائب، إلا حين اتهمه بالسذاجة السياسية في ملف إيران، فهل هذا كان تعالياً؟
/>أوباما حرص على أن يعود إلى تاريخ ماكين ومواقفه، خصوصاً في موضوع حرب العراق وملف الأزمة الاقتصادية، كما لو أنه يريد أن يهدم مكون الخبرة الذي يتمتع به ماكين بحيث يكون عليه وليس له، ولاحظت أن ماكين حرص على أن يؤكد سفره إلى جميع مناطق النزاعات، مثل العراق وأفغانستان وجورجيا، مظهرا أوباما على أنه رجل لم يعترك المخاطر.
/>أوباما تكلم عن إسرائيل باعتبارها حليفاً مهما للولايات المتحدة، لكنه لا يعطيها تركيز ماكين نفسه الذي كرر الحديث عن تهديد إسرائيل النوعي من إيران، متجاهلاً أن أوباما أظهره رجلاً لا يعرف واقع الشرق الأوسط، خصوصاً حين قال سابقاً - أي ماكين - سنعود من العراق محررين. وحين لم يدرك أن هناك خلافات عميقة بين «السنة» و«الشيعة».
/>إن أياً منهما لم يتطرق إلى الموضوع الفلسطيني بأي شيء، حتى وهو يناقش موضوع العراق وموضوع إيران. الصحيح بالطبع أن أوباما أظهر عمقاً في الفهم حين أشار إلى تمويل إيران لـ«حماس» ولـ«حزب الله» عرضاً، لكن الواضح أن كليهما لا يدرك الربط بين ملفات الشرق الأوسط برمتها من خلال قضية الصراع العربي - الإسرائيلي أو لا يريد هذا الربط.
/>في عمق رؤية أوباما الاستراتيجية نوع من الرغبة في الابتعاد عن الشرق الأوسط، لأنه يريد تقليلاً للاعتماد على البترول من منطقتها، وهو يدعو إلى التنقيب عن الطاقة خارج الشواطئ، وإلى بدائل للطاقة التقليدية، ويغامر بموقف خطير حين لا يؤيد إقامة محطات نووية، ومن ثم فإنه في تقاطع مصالح مع شركات البترول وشركات المحطات النووية، فضلاً عما يمثله من خطر على شركات السلاح إذا مضى قدماً في اتجاه موقفه الرافض لاستمرار القوات الأميركية في العراق.
/>وأوباما لا يقع أسيراً للدعاية الإسرائيلية التي تركز موضوع إيران في أحمدي نجاد، وقد قال عرضاً ما يكشف عن عمق فهمه للملف «إن نجاد ليس هو الشخص الأقوى في إيران»، وهو لا يضع احتمالاً للحرب ضدها، حتى وهو يطالب بديبلوماسية صارمة حازمة تجاه إيران.
/>كلاهما تهرب من المطلب الأساسي في سؤال مدير الحوار عن روسيا، وهل هي خصم أم منافس أم عدو؟ لكن الإحساس بالخطر من موقف روسيا بدا واضحاً في كلام الاثنين، ولا أستطيع أن أتجاهل إظهار أوباما لماكين، باعتباره رجلاً لا يعرف، حين ذكره بأن إسبانيا عضو في «الناتو» تلك التي قال ماكين إنه لن يقابل رئيس وزرائها، لكنه لم يشر إلى خطأ ماكين في معرفة حتى اسم رئيس وزراء إسبانيا ثاباتيرو.
/>أوباما صد الهجوم على قلة خبرته السياسية بالاستناد إلى خبرة عضو فريقه المرشح لمنصب نائب الرئيس جوزيف بايدن. وفي المقابل، فإنه حاول الهدم في بنيان فريق ماكين، خصوصاً حين وجه انتقادات حادة إلى رؤى هنري كسينجر الذي هو بين مستشاريي ماكين.
/>كثير من تلك الملاحظات لم أقرأها في تقارير التحليلات بعد المناظرة، ومن ثم تعاملت مع ما لاحظت من جانبي، باعتباري مشاهداً لبرنامج تلفزيوني مثير.
/>عبدالله كمال
/>رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
/>