إن الإنسان السوي يحاول الموازنة بين الأمور في حياته، فلا يجعل شيئاً يطغى على شيء آخر حتى يكون معتدلا فيها، ولا يكون أنانيا وكأن الكون يدور من حوله فقط، ويتخذ من نفسه مركزا له، ولا مفرطاً في كل الامور، ولا قليل الاحساس بما يصدرعنه من أعمال منافية لاعتداله قد تجرح سيرته وتقلل من شأنه، قال تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا، ان المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) الاسراء 26 - 27، ظاهرة التبذير، توجد في معظم المجتمعات، يقول السعدي رحمه الله: لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة، فيدعو الإنسان إلى البخل والامساك، فإن عصاه دعاه إلى التبذير والاسراف والله تعالى إنما يأمر بأعدل الامور وأقسطها، كما قال تعالى عن عباد الرحمن: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) الفرقان 67، وعادة الاسراف عند بعض الناس تدعوهم إلى التوسع في تحصيل المرغوبات فلا يقفون عند حد معين ويتنقلون من ملذة إلى أخرى ولا ننسى السؤال عنها يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه )، رواه الترمذي، والاسراف يدعو إلى قلة البركة في الأشياء وقد يؤدي إلى الفقر وذلك لأن الانفاق قد يتجاوز التحصيل، قال تعالى: (ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومَنْ نشاء وأهلكنا المسرفين) الأنبياء 9، وكذلك يكون وبالا على الناس في الدنيا امتدادا للآخرة، قال تعالى: (وكذلك نجزي مَنْ أسرف ولم يؤمن بآيات ربه، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) طه 127، وعيد من الله للمسرفين شديد، ولا ننسى ظاهرة الاسراف في اقامة الولائم بمناسبة الأعراس وغيرها من المناسبات فهناك إسراف وتبذير واضح في ما يقدم من مأكل ومشرب وغيرهما والتي لا ينتفع منها إلا القليل، أما الأكثر فغالبا ما يرمى في صناديق القمامة، وهناك في العالم الاسلامي مَنْ لا يجد كسرة خبز أو جرعة ماء فلا ننسى حساب الله لنا بإسرافنا هذا يوم القيامة، ولنكن من المعتدلين.nn477601@
متفرقات - إسلاميات
وقل ربّ زدني علماً
ولا تبذر تبذيراً
11:56 ص