تجاوب عدد من النواب مع «صرخة» عدد من أصحاب المحلات في سوق المباركية، جار البحر، ومخزن التراث، وعبق الماضي، يجأرون فيها بالشكوى من التوجه لرفع قيمة الإيجارت، الأمر الذي يضعهم أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما رفع الأسعار على الزبائن وإما هجرة السوق.وإذ أعلن النواب لـ«الراي» تبنيهم القضية في مجلس الأمة، اعتبروا أن رفع ايجار المحلات في السوق يرغم العاملين فيه على تركه والبحث عن أماكن أخرى، «خصوصا أن مدخول هذه المحلات بسيط جدا، ومن غير المعقول أن ترفع الايجارات إلى الضعف».ورأى النائب كامل العوضي أن «رفع إيجارات المحلات في سوق المباركية بنسبة تزيد على 100 في المئة أمر غير مقبول، خصوصا أن تداعيات هذه الزيادة ستؤدي إلى إلحاق خسائر بالمواطنين مستثمري هذه المحلات، ما يدفعهم إلى تركها»، متوجهاً إلى وزير المالية «بضرورة إعادة النظر في هذا الأمر حيث إنه لا يعود على خزينة الدولة بشيء ويؤثر على العمل في سوق المباركية التراثي».وقال العوضي في تصريح لـ«الراي» إن الدول تقوم وبكل الطرق الممكنة بدعم الإرث الثقافي والتاريخي لها، والذي تعتبر الأسواق الأثرية جزءا منه، بينما تصب زيادة الإيجارات في منحى آخر ومعاكس، حيث سيهرب معظم أصحاب المحلات من هذه الزيادة أو أنهم سيقومون برفع الأسعار بشكل كبير لتفادي الخسائر وهو ما حصل بالفعل في سوق اللحوم.وأشار العوضي إلى أن «موضوع زيادة إيجارات المحلات يأتي في وقت صعب على المواطن، الذي لم يستفق بعد من صدمة زيادة أسعار البنزين، التي ساهمت في رفع أسعار الكثير من السلع، على الرغم من الرقابة والوعود الحكومية بعدم السماح بها، والآن يأتي رفع الإيجارات في سوق المباركية بشكل كبير، ما سيضاعف زيادة الأسعار»، مستغرباً «التسرع الحكومي في مثل هذه القرارات»، ومتسائلا عن «عدم الاستعانة بقانون الإيجارات الواضح والذي يجعل من قيمة الزيادة نسبة مقبولة لا تتجاوز 10 في المئة كل خمس سنوات».وأكد العوضي أن «مجلس الأمة سيقف ضد هذه التحركات لرفع الإيجارات والتي يبدو أنها من نتائج المشاركة المرتقبة بين القطاعين العام والخاص، حيث أعلنت هيئة مشروعات الشراكة عن فتح باب تقديم العطاءات لإدارة السوق بمشاركة القطاعين»، مشيراً إلى أن النظر إلى سوق المباركية من وجهة نظر استثمارية واقتصادية بحتة والتغاضي عن قيمته التراثية والأثرية والحضارية «يمكن أن يؤدي إلى زواله وتوقف العمل فيه، فتفقد الكويت بذلك وجهة سياحية مهمة من معالمها التراثية العريقة»، مطالباً بتعزيز وضع السوق بدلاً من العمل على وضع العثرات أمام من يعمل فيه.واعتبر النائب الدكتور عبدالله الطريجي سوق المباركية من الأسواق التراثية «التي تحمل عبق الماضي وترسخ تاريخ الكويت الممتد منذ مئات السنين»، مطالبا بالمحافظة على هذا التراث وعدم المساس به «لأنه يرسم للأجيال المتعاقبة كويت الماضي والفكر المتطور الذي تفتق في أذهان الأجداد».وقال الطريجي لـ«الراي» إن سوق المباركية من المعالم التراثية، فبالإضافة إلى شموله على المواد الاستهلاكية، فإنه يزخر بالسلع التراثية والتحف والخزفيات التي تعبر عن الحقب الزمنية التي مرت بها دولة الكويت.واستغرب الطريجي رفع إيجارات المحلات في السوق «لأن الزيادة ستعود سلبا على أصحاب المحلات والغالبية من الكويتيين»، داعيا الجهة المعنية إلى الغاء مثل هذه القرارات التي ستؤدي الى هجرة الناس من أسواق المباركية وفقدان الكويت أحد المعالم التاريخية والتراثية.ودعا الطريجي إلى التريث في زيادة الأسعار التي بدأت تستهدف المواطنين، والتي سيكون لها تأثير على رفع أسعار السلع والخدمات ووسائل النقل، مؤكدا أن «مجلس الأمة لن يقبل بزيادة ايجارات المحال في المباركية حفاظاً على قيمته التراثية وتضامناً مع أصحاب المحلات الذين يحققون ربحاً بسيطاً من بضاعتهم التي يغلب عليها الطابع التراثي»، مطالباً بتطوير الخدمات في المباركية وتوفير ما يحتاجه مرتادو السوق من دورات مياه وسواها.ورأى النائب الدكتور عبدالرحمن الجيران أنه «من خلال تتبع ما يحدث في سوق عقارات الكويت وسوق المناخ لمدة 30سنة، لا ارى أي آثار تاريخية في منطقة المباركية الا ديوانية الشيخ مبارك الكبير وتم الاهتمام بها، اما محلات الاسواق التراثية فهي محلات تم بناؤها بعد تحرير الكويت، وهي محصورة بثلاثة انشطة تقريبا: عطورات وبشوت ومطعم او مطعمان، والتضخم المتوقع من زيادة الايجار بعد رسوها على المستأجر الجديد هو التوقع نفسه لما حدث في اسواق تم تخصيصها قبل سنوات سابقة مثل سوق الوطية وسوق الوطنية وسوق الصفاة وسوق عقارات الكويت واخيرا سوق المناخ، وتمت الزيادة على المستأجرين بعد احكام نهائية تقدر بنسبة مئة في المئة».واقترح الجيران عدم الزيادة على ما يسمى الاسواق التراثية الا بنسبة 30 في المئة او اكثر بقليل، «والا فإن أسعار العطورات والبشوت ستزيد، وان كنت شخصياً اميل الى الزيادة الحكومية على الكماليات، والتركيز على ابقاء اسعار السلع والخدمات الاساسية تحت السيطرة كي لا نرهق جيب المواطن».