لا يمكن أن يمر فصل دراسي من دون أن تحفل قوائم درجات الطلبة الدارسين لمواد الرياضيات في كلية العلوم في جامعة الكويت بعدد كبير من الراسبين أو ممن يحصدون درجات متدنية في المادة، تضطر العديد منهم إلى إعادة الامتحان لأكثر من مرة، قد تصل لدى بعضهم إلى 4 أو 5 مرات!، وعلى الرغم من احتجاج الطلبة في كل فصل على هذه الدرجات المتدنية وإلقائهم اللوم على سياسة الكلية والتي يجدون أنها سياسة متعمدة (كما يزعمون) في محاولة منها لقبول عدد معين من الطلبة في كلية الهندسة وهي الكلية التي يطمح إلى دخولها العديد من طلبة كلية العلوم الذين لم يحالفهم الحظ في دخولها في بداية القبول، فإن ظاهرة الرسوب لا تزال متكررة بين الطلبة الأمر الذي جعل من مادة الرياضيات كابوساً مرعباً يضطرهم إلى دخول تخصصات لا يرغبون بها أو الانسحاب من الجامعة.ورغم هذا الزعم من قبل الطلبة، يجد آخرون أن هناك تقصيرا وإهمالا واضحا من قبلهم خصوصاً وأنهم في الغالب لا يجيدون التعامل مع مادة الرياضيات، وهي مادة لها طبيعتها الخاصة وليست كالمواد التي تعتمد على الحفظ كما اعتاد الطالب في المدرسة. «الراي» سلطت الضوء على هذا الموضوع، فكان ما يلي:قال محمد الحسينان، طالب غير مقيد في كلية العلوم، «يجد الطالب أحياناً في مادة الرياضيات صعوبة ويرجع ذلك غالباً الى عدم جدية الطالب في الدراسة وعدم الالتزام في الحضور إلى قاعة الدرس، وأحياناً تكون الصعوبة بسبب الأستاذ نفسه الذي يصحح الامتحان بحيث لا يمنح للطالب أي فرصة في الدرجات ويحاسبه على كل صغيرة وكبيرة»، مشددا على أهمية مراعاة الأستاذ للطالب في هذه المسألة.وبين الحسينان، بأنه «لا يعاني من صعوبة في الرياضيات لأنه دائماً ما يحرص على التواجد في المحاضرة والمذاكرة أولاً فأول»، مبيناً أن «الطالب هو من يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية وعليه أن لا يختلق الأعذار، بل يسعى جاهداً في الاهتمام بدراسته وعدم الالتفات للأشياء التي قد تشغله بعيداً عن دراسته».من جهته، رأ ى حمد الهنيدي، أن «هناك العديد من الطلبة يريدون من الدكتور أن يقدم لهم كل شيء وأن يشرح لهم جميع المسائل، وفي الواقع هذا الأمر مستحيل لأن الدكتور مرتبط بوقت محدد يقدم فيه المادة، وبالتالي على الطالب أن يبذل جهده من أجل أن يحيط بالمادة بأفضل ما يمكن، لا أن ينتظر الدكتور».وتابع «بإمكاننا أن نلقي اللوم على الدكاترة أيضاً خصوصاً في إرهاقهم لكاهل الطالب بالواجبات بشكل مستمر طوال الفصل الدراسي وهو الأمر الذي يفقد الطالب التركيز.بدوره، أوضح حامد حسين أن هناك سياسة واضحة نتلمسها في جعل مواد الرياضيات في الجامعة كـ(المشخال) الذي من خلاله يتم فرز أفضل الطلبة الذين يستحقون دخول تخصصات الهندسة واستبعاد الآخرين والذين يحصدون درجات متدنية ليدخلوا في التخصصات الأخرى والتي يحاول الطلبة تحاشيها.وانتقد حسين، صعوبة بعض مواد الرياضيات لاسيما المواد الأولى التي يدرسها الطالب، مبيناً أن الطالب دائماً ما يواجه أسئلة صعبة في الامتحانات وهي أسئلة عادة ما تكون غير مباشرة تتحدى الطالب الجامعي.من جهتها، أشارت مريم النصار، إلى أن العديد من الطلبة يعانون من الرهبة خلال تأديتهم امتحان الرياضيات، وهذا الشعور نابع من كونهم يسعون إلى حصد الدرجات وأن يتجاوزوا الامتحان لا أكثر، فالعديد من الطلبة لا يرغبون بدراسة الرياضيات لصعوبتها التي يجدونها هم.وبينت النصار، أن الطلبة المتعثرين في الرياضيات دائماً ما نجدهم مهملين في دراستهم ولا يقومون بتدريب أنفسهم على حل المسائل، في الوقت الذي يتميزون به بأساس وخلفية علمية ضعيفة كونهم قد جاءوا من مستوى مدرسي ضعيف، حتى أن العديد منهم لا يمكن أن يستغني عن استخدام الآلة الحاسبة في أداء العمليات الحسابية البسيطة.بدوره، اعترف علي آل هيد، بأن مستواه كان ضعيفاً في الرياضيات، لكنه اجتهد كثيراً ودخل عدداً من الدورات حتى تمكن من تخطي هذه المعضلة، مبيناً أن الرياضيات ليست مادة معجزة بالنسبة للطلبة لكنها لها أسلوبها الخاص في الدراسة لأنها تعتمد بشكل كبير على الفهم والتدرب على حل المسائل، ومشكلة الطلبة أنهم يريدون كل شيء جاهز ولا يريدون أن يكلفوا أنفسهم الجهد في البحث عن المعلومة.وقال أستاذ الرياضيات في كلية العلوم في جامعة الكويت الدكتور عبدالله العازمي،«للأسف نستطيع أن نقول أن ما يقارب 50 إلى 60 في المئة من الطلبة تعودوا منذ مراحلهم الدراسية الأولى في المدرسة على أسلوب التلقين، مع الاعتماد دائماً على المراجعة قبل الامتحان التي يقدمها الأستاذ نفسه وهي مراجعة تعتبر نسخة طبق الأصل من الاختبار الذي سيدخل إليه الطالب في يوم الإمتحان، ونتفاجأ اليوم بكثرة من يتحصلون على نسب عالية في حين أننا لا نجد ذلك في السابق، حتى بات اليوم من النادر أن نجد طالباً يحصد معدلات ما بين 50 و60 في المئة».وتابع العازمي، ان الطالب يدخل إلى الجامعة معتقدا أنه سيواجه الحالة نفسها، وبالتالي يتعرض إلى المشاكل في حياته الجامعية وتحصيله العلمي، مبيناً أن الطالب يحتاج على الأقل في الأسبوع ساعة أو ساعتين للدراسة، وبإمكانه أن يسأل أساتذته ويستفسر منهم، مضيفاً من بين 56 طالباً في إحدى الشعب الدراسية التي أدرسها لا يتواصل معي بشكل دوري سوى 3 فقط معبراً عن استغرابه من وصف الطالب الامتحانات بالتعجيزية وهو لا يقوم بأداء واجبه، رغم أن كل ما يقدم في الامتحان متضمن كل ما درسه الطالب في المقرر الدراسي، مؤكداً أنه لا توجد هناك أي سياسة موجهة لتعمد رسوب الطلبة، متسائلاً بقوله: ما مصلحتنا من ذلك؟، بل بالعكس نحن نحاول أن نفيد الطلبة.
محليات - جامعة
«الرياضيات» ... كابوس مرعب يطارد طلبة الجامعة
11:15 م