يقع كثيرون ممن يعانون مشاكل هضمية متكررة، في خطأ شائع يتمثل في أنهم يعتبرون أنفسهم مصابين باضطراب القولون العصبي، بل ويعيشون لسنوات تحت تأثير تلك الفكرة رغم أنهم قد لا يكونون مصابين بذلك الاضطراب أصلا.اصطلاحيا، القولون العصبي هو «متلازمة» تتجلى في اضطرابات مزمنة تعتري الجهاز الهضمي وتؤدي إلى احداث خلل وظيفي في القولون مع تشنجات وآلام بطنية، وكل هذا من دون وجود خلل عضوي أو فسيولوجي واضح. ولا يتم تشخيص هذه الحالة سريرياً إلا بعد استبعاد كل المسببات العضوية للأعراض التي يشتكي منها المريض.وتشكل متلازمة القولون العصبي، أحد أكثر الأمراض انتشاراً وأقلها وضوحاً حتى الآن لدى الأطباء. وما زالت آلية ومسببات متلازمة القولون العصبي غير معروفة بوضوح، لكن نتائج دراسات حديثة تشير بأصابع الاتهام إلى عوامل «مشتبهة»، وعلى رأسها الاضطرابات الحركية في القولون، والاختلالات الوظيفية في الخلايا العصبية المركزية، والضغوط النفسية.واحصائيا، تصيب هذه المتلازمة الشباب أكثر من الأطفال والكهول، لكن المرض يطال أيضا نسبة محدودة من كبار السن ونسبة أقل من الأطفال. كما أنه يصيب الإناث أكثر من الذكور بمعدل 2 إلى 1 تقريبا.وهناك فئتان متمايزتان من مرضى القولون العصبي، ألا وهما:• فئة المرضى الذين يشكون من آلام في البطن مع اضطرابات وظيفية في القولون، مثل الإمساك أو الإسهال أو الاثنين معاً. وهؤلاء يشكلون نسبة 80 في المة تقريبا من إجمالي الحالات.• فئة المرضى الذين يعانون من إسهال مزمن من دون آلام في البطن. وهؤلاء يمثلون نسبة الـ20 في المئة المتبقية.وفي ما يتعلق بطبيعة آلام البطن، يمكن أن يتموضع الألم في أي مكان من الجزء العلوي من البطن، ويكون على نوبات متفرقة عادة، وينشأ كتشنجات مسببة للمغص، كما يمكن أن يتداخل مع آلام أخرى ذات منشأ آخر، كالمرارة مثلاً. وقد يكون الألم خفيفاً بحيث يمكن للمريض تجاهله والتعايش معه، لكنه يصل لدى حالات أخرى إلى درجة عالية تعيق القدرة على التركيز.وعادة لا تظهر تلك الآلام إلا خلال ساعات يقظة المريض. وتزداد حدة الآلام أحياناً بعد تناول الطعام أو في أعقاب التعرض إلى توتر نفسي. وتتراجع تلك الحدة بعد التخلص من غازات الأمعاء أو إخراج البراز.والاضطراب الوظيفي للقولون هو أحد أكثر الأعراض شيوعا بين المرضى، ويتجلى في حدوث تناوب بين الإمساك والإسهال، مع ميل إلى غلبة أحدهما على الآخر. وفي حال غلبة الإمساك، فمن الممكن أن يستمر لمدة أشهر قبل حدوث إسهال.أما في ما يتعلق بالأعراض التي تظهر على القسم العلوي من الجهاز الهضمي فإن أبرزها عسر الهضم، وحرقة المعدة، والشعور بالغثيان والرغبة في التقيؤ.

«مضادات» أعراض القولون العصبي:

الحمية الغذائية هي رأس الدواء في تلطيف حدة أعراض القولون العصبي. لكن لا توجد حمية غذائية موحدة لكل المرضى، فكل مريض تزعج قولونه أنواع مختلفة من الأغذية، لذا عليه أن يتجنب المأكولات التي يكتشفها بالتجربة الشخصية.وفي التالي أهم «المضادات» الاحتوائية التي تفيد في تلطيف الأعراض:• مضادات الإمساك: الأغذية الغنية بالألياف والأدوية الملينة تساعد في تخفيف حدة الإمساك المزمن.• مضادات التشنج: الأدوية المضادة للتشنجات تلطف المغص، ويفضل تعاطيها قبل الطعام بنصف ساعة لدرء التشنج قبل حدوثه.• مضادات الإسهال: مفيدة في كبح حالات الاسهال الشديد.• مضادات الغازات: تستعمل للتخلص من الانتفاخات، ومن بينها الفحم الطبي.• مضادات الاكتئاب: تسهم الأدوية المضادة للاكتئاب في تحقيق نسبة عالية من التحسن شريطة المواظبة على تعاطيها لفترات طويلة نسبيا لا تقل عن شهرين متواصلين.