تسعى جمعية الإخاء الوطني، لتحقيق أهدافها المرجوة من خلال تنمية ثقافة التآخي الوطني، والتعايش الاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع وشرائحه، وبعث الروح الوطنية فى نفوس المواطنين وترسيخ مرجعيتهم للوطن أيا كانت انتماءاتهم المذهبية او العرقية او الطبقية، ومكافحة أسباب الطائفية ومناهضة الاستغلال السياسي لها والتصدي لأثارة البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع، ومواجهة كافة أشكال التعصب والتمييز بتوطيد مبادئ العدالة والمساواة وسيادة القانون، والتأكيد على ان التنوع الاجتماع والثقافي والفكري من أسباب منعة المجتمع وقوته لا ضعفه وانقسامه.وتقوم الجمعية في سبيل تحقيق أهدافها، بخطوات عدة منها، إجراء حوارات مع شخصيات ثقافية مهمة في الكويت، ليكون حوارها الأول مع الكاتبة بزة الباطني، تحدثت فيه عن القيم والمبادئ التي يتميز بها المجتمع الكويتي، والتي أدت إلى تلاحمه، وانتشار الأخوة بين شرائحه... وإليكم نص الحوار:• كيف تقيمين الأوضاع في الكويت في ما يتعلق بالقيم الكويتية الأصيلة كالإخاء والمحبة والتسامح وتقبل الآخر ؟- أولا أشكر لجمعية الإخاء الوطني سعيها إلى التواصل مع المبدعين والمثقفين والمفكرين في وطننا الحبيب للمشاركة في إبداء الرأي حول ما يدور حالياً في المجتمع الكويتي.ومن ثم لا يمكنني أن أقيم من دون استطلاع رأي موسع ونزيه نتعرف منه على رأي كل مواطن وهمومه ومخاوفه. هناك بالتأكيد هموم ومخاوف وتطلعات مشتركة وهي الخوف على وطننا من الفتن ومن انتشار المشاعر السلبية والتطلع لنهضة شاملة في كل المجالات والتي أشعر بأنها صارت تتقدم بخطى قصيرة وبطيئة. عشنا وعاش معنا العالم محنة الاحتلال وذقنا ألم ضياع الوطن وعرفنا مرارة انعدام الأمن والسلام ولا أظن كما لا أتمنى ولن نسمح بأن يكون هناك من يسعى لأن يذيقنا تلك المرارة مرة أخرى. المجتمع الكويتي يتحلى بميزة قلما توجد في مجتمعات أخرى وهي نسيجه القوي المتماسك منذ القدم. لا توجد عندنا فواصل عميقة وواسعة بين الطبقات أو الفئات. كلها تكاتفت يوما للبقاء أولا حين كانت لا تملك إلا القليل ثم تكاتفت للبناء والتكاتف سيستمر بإذن الله للارتقاء.الإخاء والمحبة والتسامح وتقبل الآخر كانت حين لم تكن هناك تكتلات كل منها يظن هو الأصح والأقوى والأكثر إيمانا ويضمر الحقد والشر للآخر واللامنتمون لأي تكتل محتجزون حائرون تائهون من دون معين.• هل من وراء نشر بعض الثقافات المنحرفة عن القيم الأصيلة في مجتمعنا الكويتي أهداف معينة؟- من قراءة تاريخ الشعوب يمكننا أن نستنتج أن كل مجتمع سعيد وهانئ ومترف مستهدف من قبل فئات أو مجتمعات أخرى بسبب الغيرة والحقد والحسد أو من أفراد مرضى النفوس والعقول إن كانوا من ذات النسيج، يسعون لهدم بيوتهم بأيديهم وآخرون يسيطر عليهم الطمع المادي، فيسهل على العدو الذي صعب عليه فك نسيج مجتمعنا المترابط استغلالهم كأدوات للأذى.• من خبرتك الطويلة في ثقافة الطفل هل ترين أي قصور من الدولة في الاهتمام بالطفل؟- أولا ما هي الدولة؟ كثيرون يرددون هذه الكلمة وكأن الدولة إنسان واحد تقع عليه كل المسؤوليات. الدولة هي أنت وأنتم وهم وهو وهي وأنا وكل من ينتمي لهذا الوطن. كلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته في موقعه في البيت ومكان العمل والعلم والترفيه داخل وخارج الوطن. لو أدى كل مواطن عمله بأمانة وبدقة وبتجرد لن يكون هناك تقصير. المجتمع الكويتي المتماسك القديم نشأ على أيدي ناس كان معظمهم من الأميين لكنهم كانوا على قدر هائل من الثقافة الشعبية التي تكاد تكون متماثلة. كل بيت ينشئ أطفاله على الآداب والتقاليد والعادات ذاتها. اليوم تعددت توجهات الأسر وثقافاتها وكل أسرة تنشئ أطفالها حسب هذه الثقافة والتوجهات، بالإضافة إلى التعليم الأجنبي في المراحل العمرية المبكرة فما عاد كثيرون يؤمنون بالمدارس الحكومية... فالمعلمون أيضا لهم توجهات مختلفة وكل يوجه المناهج التربوية حسب ما يؤمن به. أطفالنا ما عادت لهم خلفية ثقافة موحدة لكنه التغير الاجتماعي الذي لا يمكن مواجهته في أي من المجتمعات على مر الزمن وأتمنى أن يكون للأفضل وأن نطمئن بأننا شعب ومجتمع بإذن الله منيع مهما تعددت التوجهات.• ما اقتراحتك للدولة أو للحكومة في ما يتعلق ببرنامجها الإصلاحي في مجال الطفل وغيره؟- طفل اليوم يولد مثقفا والحمدلله. أحيانا أحزن من وابل الثقافة الذي ينهال على الطفل من كل جانب وأتمنى أن يترك الطفل لبراءته وطفولته وأن أراه يلعب ويجري ويغني بمرح وبفرح وأن ندعه يبتكر.ثقافة الطفل في المجتمعات الغربية «Children Culture» تعنى حياة أو حضارة أو مجتمع الطفل وليس ما نفهمه نحن منها أنها ما نكتبه أو ما نقدمه للطفل من معلومات أو قصص أو فنون. معناها الغربي يعني ما يحياه ويبتكره الأطفال كمجتمع مستقل بذاته من ألعاب وأغان وتقاليد وعادات ومعتقدات وأفكار يتبادلونها بينهم وتنتقل من جيل لآخر. مثل ما ورثناه من أثر شعبي يتعلق بالاطفال فهو من ابتكارهم مثل البروي وأغاني المحارب مثل (محيربو تبوا) وتنافس بين الأولاد والبنات مثل (يا بنيات ما اكثركم) وغيرها. كانوا يبتكرونها بحرية مع تهذيب الكبار لها لاحقا. ما عاد لدينا مجتمع للأطفال. الطفل اليوم أسير الكبار وهو المتلقي فقط لما يقدمونه له كأهل وما يرده من العالم الخارجي عن طريق الإنترنت. يزعجني أن أرى الطفل منطويا على ذاته منكفئ على جهاز ألعاب الكترونية أو مستخدم لبرامج التواصل الاجتماعي غير مبال بكل من وما حوله. وهذا بالطبع ينطبق على الكبار.• كلنا يرى ما يعانيه الطفل العربي من مآسٍ لكن إن حصرت الحديث عن الطفل في الكويت أقول ماذا يعني الاهتمام بثقافة طفل يرى معاناة والديه وإحباطاتهم في الحياة اليومية ؟بعض أحلامنا لم تتحقق على يد أي من الحكومات المتعاقبة أبسطها نقل الجامعات من المناطق السكنية إلى مدن جامعية نفخر بها وإنشاء مستشفيات حديثة راقية ومطار دولي إنساني. الدول التي تعيش على معونات الكويت تفتح كل يوم جامعات ومستشفيات جديدة بها أحدث الأجهزة العلمية وكم أخجل حين يزورنا ضيف من الخارج يرغب بزيارة إحدى كليات جامعة الكويت.مع الخير عسى أن يديمه الله علينا ويزيدنا من فضله ويبعد عنا الحاسدين يعيش المواطن العادي (اقصد بالعادي صاحب المعاش ) كبير السن والشاب عيشة غير مرضية. الأثرياء همومهم مختلفة فهمهم التطلع للأعلى والأكثر. في المجتمعات الأخرى مثلا يمكن للشاب أن يعمل بجهد ويوفر ليكون له بيت أو رصيد جيد. الوافدون الذين يعملون في الكويت أمكنهم أن يشتروا بيوتا في بلادهم أما المواطن الكويتي العادي فلو عمل من المهد إلى اللحد فلن يتمكن من شراء بيت بجهده بسبب الغلاء الجنوني. أتمنى أن تتدخل الحكومة لضبط إيجارات السكن أيضا التي صارت تفوق مقدار ما يتقاضاه الشاب من راتب أو معاش وأن يتجلى حب الوطن في أصحاب العقارات فيحدون من أطماعهم في الكسب. كما أتمنى أن تتم مراجعة رواتب العاملين في مجال الصحة في الكويت وأن تعدل اللوائح والقوانين. هناك شباب من أصحاب المؤهلات العليا في مجالات نادرة يتقاضون رواتب على حسب لوائح قديمة. منها تخصص أخصائيات وأخصائيي التغذية.كثيرون يحملون مؤهلات عالية في هذا المجال وبعضها مؤهلات نادرة في الكويت يعاملون كمشرفي التغذية في مطاعم المدارس قديما. هل تذكرون هؤلاء؟ كانت وظيفة للأميين وأكثرهم من الوافدين. مكاتب هؤلاء الأخصائيين الكويتيين في مطابخ المستشفيات مع العمال ورواتبهم متدنية إلى حد مخجل في حين أن عملهم مواز لعمل الأطباء ولا غنى عنه ولا شأن له بالمطبخ. هذا مثل بسيط.المواطن الكويتي اليوم بحاجة لأن يشعر بأنه محبوب ومعتنى به وبخاطره كابن حقيقي للوطن الذي يحبه وعلى المواطن أن يعبر عن احتياجاته وعن همومه بأسلوب حضاري لا يعرض الوطن للمخاطر ويقلق أمنه سلامته وألا يدع هذه الاحتياجات مجالا ينفذ منه الأعداء للتخريب. ليقترب كل ممثل للشعب من الشعب ويعرض همومه للحكومة دون حدة وهياج لنعرف على الأقل ماذا يقول. الصوت العالي والحدة في التعبير عن الرأي لا تعني القوة والصدق ولا تثير الإعجاب. رسالة هموم ومشكلات المواطن أمانة على ممثل الشعب أن يوصلها لصاحب الشأن بأفضل أسلوب ممكن ليتم حلها لا تعقيدها. هناك أجيال جديدة تتابع أدعو أن لا نتركها تكبر إلا مع أفضل وأرقى ما يمكننا تقديمه من أداب الحديث ومناقشة الأمور.• ما هو تقييمك لدور جمعيات المجتمع المدني في مجال ثقافة الطفل وما عليها القيام به؟- لا يمكنني أن أقيم دور جمعيات المجتمع المدني فلست متابعة جيدة لأنشطتها كلها. أظن أن دورها مكمل لما يقوم به المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فهو المسؤول الأول. ما يمكن أن تقدمه جمعيات المجتمع المدني من أنشطة مثل المسابقات الفنية والثقافة وغيرها من الأنشطة جهد محمود إلا أن تأثيره محدود إن كنا بصدد تحدي ومحاربة ما يبث من شرور. أظن أن بوصلة التوعية تجب أن توجه للأسرة بكاملها. الطفل الكويتي يتميز بذكاء حاد وفطنة وعلى الكبار أن يتنبهوا. سأذكر لك مثلا شعبيا قد يكون مثلا واردا وليس محليا لكنه صحيح ويعجبني: لا تحجي بالقطع واليهال قعود. الكبار تفنى والصغار تعود.أي لا تذكر العداوات أمام الصغار حتى لا تتوارث وتستمر.كل من يستمتع من بث الشرور هو إنسان مريض ومختل وكل من يحاول أن يفرض توجهاته أيا كانت على الآخرين هو خاسر. الإيمان الحقيقي لا يدعو ولا يدفع إلا للمحبة والتسامح السلام والعطاء ونحن أبناء وطن قائده أمير الإنسانية. لنتذكر ذلك.وتحيا الكويت.
محليات - ثقافة
الإخاء الوطني / «نسيج مجتمعنا قوي ومتماسك منذ القدم»
بزة الباطني: المواطن الكويتي بحاجة للشعور بأنه محبوب
01:01 م