من إعداد: عبدالعليم الحجارنمطياً، ترتبط كلمات «بكتيريا» و «ميكروبات» و «جراثيم» في أذهان كثيرين بكونها كائنات ضارة ومسببة للأمراض، لكن هذا التصور غير دقيق إذ أن من تلك الكائنات المجهرية ما هو نافع جداً بل وضروري لصحة الإنسان.وكلمة «جراثيم» هي المصطلح البيولوجي الأشمل الذي تندرج تحته الميكروبات التي تتألف من مجموعة من الكائنات المجهرية الحية التي لا تُرى بالعين المجردة عادة، وهي تشمل كل من البكتيريا والفطريات والطحالب والأوليات، لكنها لا تشمل الفيروسات.وجسمك يتألف معظمه من البكتيريا والعتائق البكتيرية والفطريات. فتسعون في المئة من المواد الوراثية التي يتألف منها كيان جسمك لا تخصك أنت، بل تتألف في الواقع من ميكروبات تعيش في المقام الأول في قناتك الهضمية. ويحوي جسمك نحو 100 تريليون من خلايا الجراثيم البكتيرية التي يعيش معظمها في جهازك الهضمي بينما يشكل تعداد خلاياك الخاصة بك 10 تريليونات خلية فقط، أي أن تعداد البكتيريا التي تعيش في بدنك يفوق تعداد خلاياك بنسبة 10 إلى واحد!لكن هذا ليس شيئا، بل جيد للغاية! فهذه الكائنات الدقيقة توفر عددًا كبيرًا من الفوائد المهمة لصحتك، بما في ذلك:- تعزيز أداء جهازك المناعي ومساعدتك على مقاومة الالتهابات- مساعدتك على هضم وامتصاص العناصر الغذائية من الطعام- إزالة سموم المعادن الثقيلة والمواد الكيميائية التي يتعرض اليها جسمك- المحافظة على توازن جهازك العصبي عن طريق العمل كمصدر للناقلات العصبيةوعلاوة على ذلك، فإن بكتيريا أمعاءك تلعب دورا إيجابيا عميقا في الحفاظ على صحتك النفسية. فأمعاؤك هي «مخك الثاني» بالمعنى الحرفي للعبارة؛ إذ أنها تنبع من نوع الأنسجة نفسه الذي تنبع منه أنسجة وخلايا مخك! وهكذا فإن صحتك النفسية تعتمد في جزء كبير منها على مدى توازن النبيت الجرثومي (الميكروبيوم) الذي يعيش بالمليارات على امتداد قناتك الهضمية. والبكتيريا المفيدة مهمة جدًا للصحة إلى درجة أن الباحثين بدأوا يعتبرونها عضواً مستقلا من أعضاء الجسم.ومن نواح كثيرة، تنبع صحتك النفسية والجسدية بشكل أساسي من بكتيريا قناتك الهضمية، وكذلك من حيث الوقاية من الأمراض المزمنة. وعندما تكون ميكروبات القناة الهضمية وفيرة بما فيه الكفاية، فإنها تعمل بلا كلل على العمليات التي تدعم قدرة جسمك الطبيعية على شفاء نفسه بنفسه.وقد تعتقد أن مخك ينفرد بتوجيه التعليمات إلى أعضاء جسمك، لكن الحقيقة هي أن قناتك الهضمية ترسل إلى مخك تعليمات ورسائل أكثر بكثير مما يرسل مخك إلى قناتك الهضمية من خلال «العصب الحائر». وتشير نتائج أبحاث إلى أن ميكروبات القناة الهضمية تلعب دورًا مهمًا في نقل تلك التعليمات والرسائل.وهكذا فإن قناتك الهضمية تؤلف أحد النظم الإيكولوجية الميكروبية الأكثر تعقيدًا على الاطلاق. وربما يكون لديك الوعي الأساسي الكافي إزاء أن الميكروبات الكائنة في قناتك الهضمية تفيد في عملية الهضم، لكن ما قد لا تدركه هو أن التأثيرات المفيدة لتلك الميكروبات تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير لتصل إلى مخك، وقلبك، وجلدك، ومزاجك، ووزنك، وغير ذلك.