لا زالت قضية غش الأدوية والعقاقير الصيدلانية تشغل حيزا كبيرا من اهتمام المجتمع الطبي حول العالم، سواء في الدول الفقيرة أو الدول الغنية، وذلك لما لها من تأثيرات وانعكاسات بالغة الخطورة على صحة الناس.وتتفاوت تعريفات مصطلح «الدواء المغشوش» من دولة إلى أخرى، لكن هناك شبه إجماع بين تلك التعريفات على أن الدواء المغشوش إما أنه غير مرخص به رسمياً من جانب السلطات المختصة المخولة، أو أنه مرخص به لكنه مُصنّع بطريقة غير مطابقة للمواصفات والمكونات التي حصل على الترخيص بموجبها، أو يحمل ملصقا تعريفيا مزورا.وقد يطال ذلك الغش الأدوية الأصلية التي تحمل أسماء علامات تجارية معتمدة، أو الأدوية الجنيسة (جينيريك) التي تكون ذات تركيبة شبيهة بالأصلية ومموهة بطريقة لتبدو كأنها أصلية لكنها ليست كذلك.وغش ألأدوية يمثل كارثة عالمية، فهو شائع في كثير من بلدان العالم، وتكمن بعض جوانبه في أنه من الصعب التحري عنه واكتشافه في أحوال كثيرة، كما أنه ليس من السهل تحديد مدى انتشاره وبالتالي حجم تأثيراته على صحة ضحاياه. لكن الأمر المؤكد هو أن مخاطر بعض الأدوية المغشوشة تفوق مخاطر كثير من الأمراض التي من المفترض أن تعالجها.ووفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية ، فإن نسبة انتشار الأدوية المغشوشة يتراوح بين نحو 1 في المئة في الدول المتقدمة و 60 في المئة في الدول الأكثر فقرا،ً مروراً بنسبة 20 إلى 30 في المئة في الدول النامية والآخذة في النمو، والتي من بينها معظم دول منطقة الشرق الأوسط.ويحذر خبراء دوليون من أن كميات ضخمة ومتزايدة من الأدوية المغشوشة تغرق أسواق العالم سنوياً، بما في ذلك أدوية مزيفة يتم انتاجها في دول شرق آسيوية، ثم يجري تصديرها عبر شركات أوروبية، وهو الأمر الذي يفرض على السلطات المعنية في كل دولة أن تتخذ مزيدا من التدابير اللازمة لضبط ومنع تلك الأدوية قبل أن تتسبب في الحاق أضرار بالمرضى تصل إلى درجة التسبب في الوفاة.لكن كيف يستطيع المستهلك العادي أن يحمي نفسه من أن يقع ضحية لشراء أدوية مغشوشة؟ الواقع أن ما يستطيع المستهلك أن يفعله يتلخص في ألا يشتري أي أدوية إلا من الصيدليات المجازة من الدولة فقط، وأن يتفحص أي دواء قبل شرائه للتأكد من علامته التجارية وبياناته الأخرى بما في ذلك تاريخ التصنيع وتاريخ الانتهاء، وفي حال ملاحظة أي شيء مريب أو أعراض غير طبيعية بعد فتح الدواء والبدء في تعاطيه فينبغي مراجعة الطبيب أو الصيدلاني فوراً لاستطلاع الأمر والتحري عنه.وتماشياً مع ثورة التكنولوجيا الرقمية التي يعيشها العالم حاليا، أصبح باستطاعة أي مستهلك عادي أن يميز بسهولة بين الأدوية الأصلية والأدوية غير الأصلية باستخدام كاميرا الهاتف النقال لمسح الاستجابة السريعة الذي يشتهر اختصارا بـ»رمزQR «,‏ كما توجد حالياً تقنية تعتمد على وضع باركود معين وملون على علبة المنتج الدوائي من خلال علامة يستحيل تزييفها، وهي العلامة التي تتجاوب الكترونياً مع كاميرا الهاتف النقال من خلال المسح الضوئي الفوري.