... لأننا بشر نكتب لمصداقية ما نشعر به ونتفوه بما يعيننا الله على قوله والحقيقة تقول إن كل ما يدور في ذهن الإنسان، وما يبدر منه من قول وعمل إنما هو خلاصة لقيم ومعلومات استلهمها من حياته التي ترعرع فيها سواء على الصعيد الاجتماعي من خلال البيئة التي ولد فيها وتعلم، حتى وصل إلى المرحلة المهنية والحرفية التي تعطيه تصوراً يعكس ثقافته الشخصية عما يدور من حوله. وإذا كانت البيئة سيئة فتظهر لنا «الشطحات» من البعض وبعضها سلبي يقع أثرها على المحيطين بالفرد ويمتد الأثر إلى الجماعات وهو ما يسبب حالة من التنافر والبغضاء بين فئات المجتمع. أما من استقى قيمه ومعلوماته من بيئة صالحة فتلمس الحكمة في حديثه والتعقل في تصرفاته، وقد نأخذ الحكمة من أفواه المجانين، كما يقولون، في أوضاع نادرة جداً وحدوثها وارد!في الآونة الأخيرة ابتلينا بسلوك غريب جاء من تصريح ورد وإساءة وسوء ظن لا ينبغي أن يظهر إلى العلن لما له من أضرار نفسية قد تصيب ذوي الأطراف المختلفة في آرائها. فعندما حضر رجل للرسول (صلى الله عليه وسلم) يطلب النصيحة قال له: «لا تغضب» وكررها ثلاثاً، وهذا فيه توجيه نبوي للنفس البشرية، ولكن هيهات أن نتعظ! لقد راعينا الظروف في أحلك الأزمان ومرت بنا الحياة عبر دورات اختلف فيها معدن الرجال، ولو عدنا إلى عهد البساطة لوجدنا الأجداد على حال غير التي نشاهد معالمها في وقتنا الحاضر. إنه زمن تعقدت فيه سبل المعيشة وطوقت القضايا ذات الطابع الاجتماعي بطابع سياسي، وسيق بعض المواطنين إلى بيت الزكاة واللجان الخيرية كسبيل لفك الضائقة المالية التي يعانون منها.أما الموظفون باختلاف مراكز أعمالهم فلجأوا إلى الاعتصام والإضراب الذي بعضه قد يهدد مصلحة البلاد ويؤثر على سمعتها في منطقة تلتهب من حولنا ويعود السبب إلى عدم وجود قناة اتصال فاعلة بين المتضررين وأصحاب القرار! لم نلب حاجيات المواطنين في توفير حالة من الرخاء المعيشي، خدمات صحية، وتربوية، وحتى السكن بات حلماً يحتاج إلى فترة تمتد إلى أكثر من عشرة أعوام على أقل تقدير، رغم أن الدستور الكويتي نص على وجوب توفيرها. إنه زمن اندثرت معه القيم والإخلاص أصبح عملة نادرة.والجدير بالذكر هنا أن أجمل ما قيل في الإخلاص «إن المخلص لربه كالذي يعيش على الرمل الناعم لا تسمع خطواته، لكن ترى أثارها». والإخلاص يجب على الفرد تطبيقه على نفسه وعند تسلمه مهام عمله وفي تعامله مع الآخرين.إنها وقفة تأمل نرفعها إلى كل مواطن ومواطنة من مجتمع جبل على المحبة والإخاء وكان رعيله الأول يحترم بعضهم البعض والاختلاف وإن حدث فيتم تطويقه من قبل الحكماء كي لا تنتشر حالة من الفرقة بين نسيج المجتمع الملتحم بالفطرة. فهل نعود إلى ما كنا عليه؟نتمنى وفق هذه السطور أن يعي المسؤولون وجوب مراجعة أوضاع المواطنين والمواطنات المعيشية لنكفل لهم حالة من الرخاء المعيشي وتوفير احتياجاتهم من الخدمات التي انحدر مستواها بشـــكل ملحوظ.إنها مناشدة إنسانية للنفس البشرية التي تغيرت مفاهيمها وهي بحاجة إلى معالجة فورية كي لا يستمر السلوك السلبي في النمو وتتراجع المكتسبات التي ورثنا إياها الأجداد رحمة الله عليهم جميعاً... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتيterki_alazmi@hotmail.com