تقف بيروت على مشارف أغسطس و»عيْنها» على تطورات الأزمة السياسية الدستورية المتمثّلة في الفراغ في رئاسة الجمهورية وتداعياته، فيما «قلبها» على الواقع الأمني الذي يُخشى ان يتحوّل جزءاً من «عُدة» الضغط نحو استيلادٍ «قيصري» لحلٍّ في الملف الرئاسي يستنبط آليات جديدة للحكم في البلاد تحت عنوان «الضوابط» او إعادة توزيع «كعكة السلطة».وقبل 5 أيام من موعد خلوة الايام الثلاثة التي دعا اليها رئيس البرلمان نبيه بري (في 2 و3 و4 الشهر المقبل) طاولة الحوار الوطني لمناقشة اقتراح «السلّة المتكاملة» للحلّ التي تجمع بين الرئاسة والحكومة الجديدة وقانون الانتخاب وبنود أخرى ذات صلة بالتعيينات والنظام الداخلي لمجلس الوزراء وسواها، ارتسمت ملامح «المأزق» اللبناني الذي يتّجه تباعاً الى «عنق الزجاجة» فيما بدأت حكومة الرئيس تمام سلام تستنفذ «احتياطي الاوكسيجين» الذي تعيش عليه.وكان بارزاً في هذا السياق ما خلص اليه اجتماع سفراء دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي برئاسة رئيسة بعثة الاتحاد لدى لبنان السفيرة كريستينا لاسن مع نائب رئيس البرلمان فريد مكاري وأعضاء لجنة التواصل النيابية المكلفة درس قانون الانتخاب، إضافة إلى رؤساء لجان، لجهة رسْم اوروبا «خطاً أحمر» امام اي تمديد جديد لمجلس النواب (تنتهي ولايته في يونيو 2017) مؤكدة «أهمية إجراء الانتخابات النيابية في مواعيدها بصرف النظر إن أُنجز القانون أم لا، لأنه يمكن إجراؤها وفق القوانين المرعية على قاعدة ان إتمامها في مواعيدها ضرورة وأفضل من الدخول في فراغ»، لافتة إلى أن «الانتخابات البلدية الأخيرة تؤكد أن لبنان قادر على إدارة انتخابات كهذه».وجاء هذا الموقف ليشكّل عامل ضغط إضافياً على الطبقة السياسية اللبنانية لإنهاء الفراغ الرئاسي قبل موعد الاستحقاق النيابي الذي يعني حلوله في غياب رئيسٍ للبلاد امكان الانتقال الى مرحلة الفراغ القاتِل للنظام الحالي، كما انه يلاقي وإن من زاوية أخرى «الحرب النفسية» التي يشنّها فريق 8 آذار معتبراً بلسان الرئيس بري ان عدم السير بخيار السلّة المتكاملة للحلّ يعني انتقال الرافضين وبأرجلهم الى «المؤتمر التأسيسي» الذي لا ينفكّون يعبّرون عن المخاوف منه.على ان أوساطاً سياسية في بيروت ترى عبر «الراي» ان المجتمع الدولي أكثر من غيره يعرف ولمس من خلال اتصالاته الاقليمية ان العقدة الرئيسية في الملف الرئاسي ليست داخلية بل خارجية وتتمثّل خصوصاً في موقف طهران الرافض اي تسويات في المرحلة الراهنة على طريقة «المهادنة» بل هي تفضّل انتهاء مرحلة «المفاصلة» بأوراق القوة في سياق الاشتباك المستعر في المنطقة، إلا اذا تسنى لحلفائها إنجاز حلّ «استسلامي» لقوى 14 آذار يحقق لـ «حزب الله» بالتحديد مكسباً باهراً سيكون ممكناً توظيفه في اي حال في «البازل» الاقليمي المعقّد.وجاء اجتماع اللجان النيابية المشتركة يوم امس لاستكمال مناقشة قانون الانتخاب الجديد ليؤكد المؤكد لجهة عقم محاولات البحث عن حلّ لهذا الملف بمعزل عن «السلة الواحدة»، فيما كانت الحكومة تعقد جلسة جديدة من النقاشات على قاعدة «حوار الطرشان» وتحديداً في ملف الاتصالات الذي غرق في «وحول» كل عناوينه الساخنة، من إدارة قطاع الخلوي، الى التخابر غير الشرعي، والحرب على هيئة «اوجيرو» ومديرها العام عبد المنعم يوسف، حتى وُصفت الجلسة بأنها كانت بمثابة مباراة في كرة الطائرة لشدة ما شهدته من أخذ وردّ خصوصاً بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزيريْ العماد ميشال عون صهره جبران باسيل والياس بو صعب.وفي حين يتهيأ رئيس الحكومة لإجازة خاصة من 5 ايام تسبق خلوة الأيام الثلاثة الحوارية وتشكل متنفساً له قبل استحقاقات داهمة ستطرق ابواب مجلس الوزراء وبينها التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، اشارت معلومات الى ان سلام وضع الوزراء في أجواء مشاركته في قمة موريتانيا التي تُرك فيها وحيداً مع وزير الشؤون الاجتماعية بعد «تسرُّب» 3 وزراء من الوفد قبل انطلاقه الى نواكشوط، ولا سيما اقتراحه إقامة مناطق آمنة للنازحين السوريين.وكان لافتاً اعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق بعد الجلسة الحكومية أن «الرئيس سلام طرح تشكيل مجموعة عربية للاتصال بالامم المتحدة في ما يخصّ موضوع النازحين وإقامة مناطق آمنة، ونطالب المجتمع الدولي بتحديدها لان لا الحكومة اللبنانية ولا السورية معنيتيْن بذلك».كما جزم بأن «الوضع في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين تحت السيطرة والامن ممسوك»، مضيفاً: «لن نسمح بأن يكون مخيم عين الحلوة مبيتاً آمناً للارهابيين وهناك تعاون بين مختلف الاجهزة في الاجراءات المتخذة لضبط الامن في المخيم».وجاء كلام المشنوق مع تَزايُد التحذيرات من شيءٍ ما يجري التحضير له في عين الحلوة لتوجيه ضربات إرهابية في أكثر من منطقة لبنانية، وسط خشية من ان يجري توظيف اي أحداث أمنية في البلاد في سياق الضغط لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بشروط معيّنة.وكان بارزاً ما أوردته احدى الصحف اللبنانية، أمس، من ان الجيش اللبناني تمكّن خلال شهرين ونصف شهر من القبض على 357 عنصراً من تنظيم «داعش» الأمر الذي وصف بأنه عملية كبيرة ونوعية استدعت توافد أجهزة مخابرات عربية ودولية على لبنان للاطلاع على هذا التطور الأمني.
خارجيات
المشنوق: سلام طرح تشكيل مجموعة عربية للاتصال بالأمم المتحدة لإقامة مناطق آمنة للنازحين
«عيْن» لبنان على أزمته السياسية المتدحْرجة و«قَلْبه» على... أمْنه الهشّ
موظف أمن شركة خاصة يفتش سيارة في أحد المجمعات التجارية في بيروت أمس (رويترز)
05:25 م