كثيراً ما يخطئ ابن آدم في اتخاذ قراراته وحل مشكلاته. وكم من مرةٍ فشل في إحدى مراحل حياته أو في مستوى وجانب منها؟ هذه هي طبيعته، وهذه هي السنة في البشر، أيامهم تتقلب بين الصواب والخطأ، وبين المضي على الطريق السليم أو الوقوع في حفر المشاكل، وبين النجاح والفشل. فإخفاقه وخيبته في بعض الأحيان قد تصيبه بالحزن والضيق الذين يجرانه لمرحلة من اليأس والقنوط، الاستسلام من كل ما هو جميل وإيجابي، الإحباط من إيجاد حلول لمآزقه، اليأس من القدرة على التصويب والإصلاح. فمروره بهذه المرحلة قد يؤثر على إنجازه وتحقيقه للمهام المكلف بها في مستويات وجوانب أخرى من حياته، أو قد تتطور وتأخذه لمستوى آخر من اليأس يطلق عليه مرض الاكتئاب، بما يحمل من أعراض ومشاكل مضاعفة.الإنسان اليائس... إنسانٌ طغت على عينيه وعقله النظرة السوداوية، فبات عاجزاً عن رؤية بصيص الأمل والنور لحل مشكلته، ولك أن تتخيل عدد الأمراض المرتبطة بالحالة النفسية للفرد، لأن النبي ? قال (ألا إنَّ في الجسَدِ مضغةٌ إذا صلُحتْ صلُحَ لها سائرُ الجسدِ، وإذا فسدت فسد لها سائرُ الجسدِ، ألا وهي القلبُ). وكما عُلِمنا منذ الصغر أيضاً، أن الجسم السليم في العقل السليم، فمن اللازم على هذا الإنسان وعلى من حوله توجيهه وعدم تركه هملاً يتخذ قرارات مصيرية بناء على حالة القنوط تلك، فضلاً عن أن اليأس والقنوط ليس من صفات المؤمنين، بل هو سوء ظن بالله عز وجل، وهذا مما لا يليق به وهو ملك السماوات والأراضين وخالقها، الذي لا يعجزه شيء... خلق الكون بدقه وجله في ستة أيام ليس بعاجز عز شأنه وجل جلاله عن حل مشكلتك وتيسيرها وانتشالك من مستنقع البؤس والقنوط والهزيمة، هو القائل سبحانه وتعالى في محكم تنزيله {ادعوني أستجب لكم}، فقط باللجوء إليه وتقديم الشكوى بين يديه، بعيداً عن خلقه وحاجتنا لهم، ورغم ذلك فهو من يسخرهم لنا ويُنَطِّقهم بما فيه الخير والنفع والفائدة.مهما كبرت مشكلتك وعظمت في عينيك لا تجعلها تتحكم بك وتوقفك عن سير حياتك ويومك وروتينك، بل العمل على واجباتك والاستمرارية بالبحث عن الإيجابية، أحد الوسائل التي تعينك بعد توفيق الله تعالى لك على التصدي لفشلك وهزيمتك أياً كانت. فقط حاول وابدأ مستعيناً ومتلمساً القوة من القوي المتين سبحانه، فهو الذي (لا حول ولا قوة لنا إلا به).‏jasmine_m_alj@