الجمال والشعر يجتمعان سحراً وغموضاً وتسامياً!وها هي ليلى عبيد، شاعرة الجمال تكتب بذوقها وخبرتها «أبياته»، وتصوغ من تجربتها الإنسانية الغنية معانيه ومفرداته.للجمال عندها فلسفة خاصة تتخطى الشكل المنظور، لتغوص في أعماق الروح وتغترف من قيم التراث والتقاليد.عبيد ترى الجمال ينبع من غنى إنساني وروحي عميق، ومن ثقافة جمالية واسعة نهلت من خبايا الشرق وأسراره، وحلقت نحو آفاق الغرب واكتشافاته.على مدى عقود طوال حبكت تجربتها مع المرأة العربية في عالم الجمال وحوّلتها منبعاً تنتهل منه كل امرأة متعطشة لريّ شغفها بالجمال والتزوّد بدفق تلك المعارف القيمة التي تزيدها حُسناً وشباباً وألقاً.من «مملكة الجمال» إلى «طبيعي أجمل» و«خلطات شرقية»، مروراً ببرنامج «بيوتي كلينيك» الشهير وآلاف الساعات التلفزيونية، وصولاً الى الحضور على أبرز منصات الجمال العالمية، سارت ليلى عبيد مشوار الجمال بثقة ورفعة وصفاء.«الراي» حاورت «سيدة الجمال» وفي ما يأتي نص الحديث معها:• برأيكِ ما سرّ جمال المرأة العربية؟- المرأة العربية تختزن العصور والأزمنة التي مرّت فيها، وجمعت من خلالها خبرة ومعرفة في عالم الصحة والجمال والاهتمام بالنفس. هي وليدة بيئتها العربية، وقد حباها القدير ملامح لا تتميز بها أي امرأة أخرى في العالم، من حَوَر العيون وحمرة الخدود والشفاه المكتنزة الملوّنة والشعر الأسود الكثيف المنسدل على الكتفين. ولطالما تغنى الشعراء العرب بهذه الميزات الجمالية، فصارت جزءاً من ثقافة المرأة وحياتها واقتناعاتها، ولذلك طوّرت منذ القدم حباً للعناية بوجهها وشعرها وعطرها وملبسها واكتسبت ألقاً خاصاً، واستفادت واستلهمت أسرار العطارين واكتشافات علماء العرب. فالعرب عرفوا أسرار النباتات والزيوت وفهموا كيف يستفيدون منها، فنشأت دكاكين العطارين الغنية بالأعشاب والثمار والبذور التي جمعوها من خلال أسفارهم الكثيرة ومحيطهم المباشر والبعيد، فتراكمت المعرفة على مرّ الأعوام وكوّنت أسرار الجمال التي ما زالت المرأة العربية تتناقلها إلى اليوم مع مواكبة جيدة لكل تقنيات الجمال العصرية.• هل ما زال بالإمكان اليوم الاعتماد على خلطات العطارين للعناية بالجمال؟- اليوم أكثر من أي وقت مضى تشير الأبحاث إلى أهمية الزيوت والأساليب القديمة في العناية بالصحة والجمال. فجوز الهند مثلاً تُعتبَر ثمرة سحرية من خلال أكلها ودهنها وشربها، وهي أحد أسرار الجمال في المنطقة الاستوائية. وعلاج الأيروفيدك الهندي بالزيوت المدلّكة لم يعد سراً خافياً على أحد بمفعوله المزيل للسموم. كذلك، حمية رجل الكهف Paleo Diet القائمة على تناول المكسرات النيئة والزيوت البرية تثبت اليوم فاعليتها وأهميتها. طرق العيش القديمة وعاداتها علّمتنا الكثير. وسعيتُ بدوري من خلال كتاب «طبيعي أجمل» إلى كشف أسرار جمال وسحر الشرق الطبيعية.• كيف دخلتْ ليلى عبيد إلى عالم المرأة العربية، وغاصت في عالمها الجمالي؟- خلال سنوات العمل الطويلة التي تكاد تشارف أربعين عاماً، كانت لي علاقة خاصة بسيدات العالم العربي من العائلات المالكة والحاكمة، ومن عامة الشعب، وتعلّمتُ منهن الكثير، وجُلتُ كثيراً بين الدول العربية وتعرفتُ على الثقافة والشعر والأدب، وعلى أسرار الجمال في كل بلد منها، فجمعتُ خلْطات شرقية وطوّرتُها على طريقتي وقدّمتُها بأسلوب جذاب يليق بعالمنا العربي، وقد نلت الكثير من الجوائز من كل أنحاء العالم العربي. أما الأهمّ بالنسبة إليّ، فكان أن المرأة العربية وثقت بي وبما أقدّمه وبالرسالة التي سعيتُ إلى إيصالها بشكل راقٍ من خلال أدائي الذي يجمع بين أصالة الماضي وتقنية الحاضر، وبين صيدلية الطبيعة الجمالية وخبرة علماء التجميل. والمرأة العربية استفادت من خبرتي الطويلة التي وضعتُ خلاصتها في الكتب التي أصدرتُها، إذ كنتُ إلى جانبها كمستشارة في كل شؤون الجمال والطلة.• هل يمكن للجمال أن يكون عفوياً أم ثمة قواعد للعناية به؟- الجمال هبة من الخالق، لكن أنوثة المرأة وجاذبيتها تفوقان الجمال في الأهمية. فهذا الأخير يمكن تطويره، أما الأنوثة المصطنعة والمركّبة فتبقى مبتذلة. ثقة المرأة بنفسها تعزز نظرة الآخرين إليها، ولا سيما نظرة الرجل، وحين تجد منه تقديراً تسعى بدورها إلى أن تبقى جميلة. لكن الثقة بالنفس لا تنجم إلا عن المعرفة والقيام بالخطوات الجمالية الصحيحة. وهنا يمكن القول إن المرأة في حاجة إلى استشارية تثق بها وتساعدها على اختيار ما يليق بها من ألوان وقَصات بالنسبة إلى الملابس، وما يناسبها من عطور وما تحتاج إليه من إجراءات جمالية على صعيد العناية أو الجراحة، وكل ذلك لتظهر بأجمل صورة طبيعية ممكنة. فالجمال وإن يكن عفوياً، بحاجة إلى صيانة وإلى برنامج عناية يومي وفصلي، فلكل فصل احتياجاته الجمالية الخاصة وروتين العناية الذي يلائمه.• بعيداً عن العناية العملية بالجمال، كيف يمكن للمرأة أن تفعّل من حضورها وجاذبيتها؟- الحضور من أهمّ عوامل الجاذبية. على المرأة أن تتحلى بحضور في جلستها ومشيتها ووقفتها، وأن تعرف كيف تكتسب سحراً في صوتها ولباقة في إصغائها. ولتفعيل حضورها هي تحتاج إلى «خلْطة» من خفة الدم والجاذبية والأناقة والكثير من الثقافة، إضافة إلى قلب نابض لأن الإحساس بالحبّ يضفي جمالاً وضوءاً على الوجه، وإلى سلام داخلي بعيداً عن التوتر والضغط (سترس) مع ملامح حلوة تعرف كيف تُبرِزها بلا تصنّع. وقد سُئلت النجمة سيندي كراوفورد مرّة: «إذا كانت لديك ثلاث دقائق فقط للقيام بأي إجراء تجميلي قبل الوقوف أمام الكاميرا فأيها تفعلين؟»، فأجابت عارضة الأزياء والممثلة الشهيرة قائلةً: أرتدي «تي شيرت» أبيض، أضع أحمر الشفاه، و... أبتسم!• وبرأيكِ ما أبرز الأخطاء التي ترتكبها المرأة العربية في ما يخص الجمال؟- يمكنني أن أقسم أنواع النساء إلى ثلاثة: قسمٌ يتمسك بشكله ولا يغيّره، قسمٌ يتأثر بالغرب والموضة وكل جديد فيها، وقسمٌ ثالث يحافظ على أصالته لكنه يأخذ من الموضة ما يليق به، ويواكب جديدها عن وعي. وبرأيي أن التغيير بهدف التجديد فقط خطأ كبير، أما التغيير تلبيةً لحاجة جمالية ضرورية من أجل الوصول إلى ما هو أكثر ملاءمة للمرأة فهذا تغيير ناجح. ولذا أنصح كل امرأة بأن تحافظ على هويتها العربية ولا تخسرها، مع إجراء تعديلاتٍ تستفيد من تقنيات العصر وتمنحها مظهراً أكثر نضارة وشباباً. الخطأ أن تسعى إلى تغيير عنصر لا يشكل شائبة في الأصل، أما الصح فهو الوصول إلى سلامٍ داخلي ورضى عن النفس. قد يكون أنفها كبيراً، لكنه سمة من سمات العائلة، ويشكل رابطاً عائلياً بين أفرادها، فهنا في رأيي لا داعي لتغييره.• ما أبرز النصائح التي تقدمينها للمرأة العربية؟- أنبّهها إلى ألا تَعتبر أبداً أن قطار الجمال قد فاتها، أو أن عليها أن تسرع للحاق به. فثمة دائماً طرق مختلفة للوصول إلى ما تريده بطريقة صحيحة ومدروسة في أي عمر كانت. أنبهها ألا تتهافت على القيام بإجراءات تجميلية حادة على حساب صحة بشرتها أو صحتها ككل، بل أن تصل إلى الجمال بسلام وهدوء ووعي، فهو متوافر للجميع. كذلك، أقول لها أن تعتمد مقولة «إن الأقل هو الأفضل» (Less is More)، وتجنُّب المبالغة. وأدعوها أيضاً إلى الحفاظ على بشرتها، فلا حمية مبالغاً فيها ولا سهر ولا اسمرار زائداً ولا تعرُّضاً مفرطاً للشمس. ولا للنوم بالماكياج، لا سيما المقاوم للماء منه. وأدعوها إلى مواكبة الفصول الطبيعية سواء بالنسبة إلى أنماط العناية أو بالنسبة إلى اختيار الألوان المناسبة. فلكل فصل ألوانه وكريماته وحتى مأكولاته. فالصيف هو للألوان النارية والخريف لألوان الـ pumpkin والألوان الترابية، والشتاء للألوان الباردة، أما الربيع فهو زهوة الألوان الفرحة. واكتمال الطلّة لا يتم إلا باللونين الأبيض والأسود، لأنهما يتخطيان الفصول ويمنحان الجدية والحضور للطلة. والشتاء هو للتحضير من خلال الجراحات والإجراءات التجميلية استعداداً للصيف، وتغذية البشرة وإثقالها بالكريمات المفيدة. أما الصيف، فلكشف الجلد وتعريضه للشمس والهواء والاستفادة منهما ولترطيب البشرة والحفاظ على إشراقتها ونضارتها.• ما ركائز الأناقة في رأيك؟- الأناقة عمل دؤوب يضاف إلى الجمال. لا يكفي أن تشعر المرأة بأنها جميلة، بل عليها العمل للوصول إلى ما يزيد من جمالها، وذلك عبر أناقتها. الأناقة في حاجة إلى قِطَع معيّنة، وهنا لا يمكننا أن ننكر أن المادة أو المال هو صلة الوصل بين الذوق والأناقة. فالمرأة مهما كان ذوقها رفيعاً، تحتاج إلى قطعة مميزة لتكتمل طلّتها. كساعة اليد أو الحقيبة أو الحذاء. وهنا أودّ التشديد على أهمية الحذاء الذي يمنح المرأة «الكاراكتر» الخاص الذي - ولو بدا الأمر مضحكاً - ينعكس على جمال وجهها. حتى طلاء الأظافر المناسب ينعكس على جمال وجهها أيضاً، كما الألوان المناسبة لبشرتها وشعرها وعينيها. الأناقة هي أن تقوم المرأة بفرضها اليومي للتعرف على ما يليق بها، وأن تختار لكل مناسبة طلّتها الملائمة.• ماذا عن العطر؟- عطر المرأة هو توقيعها الخاص، يدخل قبلها ويعلن عنها، لكن يجب ألا يطغى حضوره على حضورها، بل أن يكون دليلاً عليه. أنصحها بألا تغيّر عطرها باستمرار حتى يصبح مرادفاً لها. ولكن هذا لا يعني ألا تغيّره أبداً، بل يمكنها أن تنوّع فيه وفق الفصول، شرط أن يبقى معبّراً عنها.• إذا أردنا الحديث عن موضة اليوم في الماكياج، فهل ثمة توجهات جديدة؟- في السابق كان التركيز في الماكياج على العينيْن الشرقيتيْن المسحوبتيْن والمظلَّلتيْن، واليوم التركيز أكثر على السِّحنة والضوء. فالجمال اليوم بات شبيهاَ بمشروع هنْدسي لا تكتمل روعته إلا بإضاءة مدروسة، وهكذا بات التركيز حالياً على «الكونتورينغ» و«الهايلايتينغ» و«اللومينايزينغ»، أي كل ما يُسهم في إضاءة البشرة وجذْب النور إليها. حتى الأسنان دخلت لعبة الضوء، وكذلك الشعر حتى يبدو الوجه وكأنه يشعّ من الداخل ومحاط بهالة ضوئية.• ختاماً ما مشاريع ليلى عبيد الجديدة، وهل سنراك قريباً في الكويت؟- أعمل اليوم على إنشاء وكالات لاسم «ليلى عبيد» في الدول العربية، وأوّل فرع لي سيكون بإذن الله في دولة الكويت العزيزة قريباً، وسأكون حاضرة في الافتتاح، وموجودة في المركز بشكل منتظم لأكون قريبة من المرأة الكويتية والعربية. وسيضمّ المركز كل متطلّبات المرأة العصرية من عناية بالشعر وتصفيفه وعناية بالجسم واليدين والقدمين والتنحيف والعناية بالوجه والماكياج والتاتواج، إضافة إلى الأطباء والاستشارات الطبية التجميلية، أما عن جديده فسيكون قسماً للأزياء. وهنا ومن خلال المركز أودّ الإصرار على أهمية تدخل المبضع الجراحي بطريقة طبيعية من خلال لمسات طبيعية تحافظ على صورة المرأة الفتية الرقيقة بعيداً عن المبالغة والتصنع.