لم تكتمل وناسة بعض المواطنين الكويتيين الذين اختاروا ربوع تركيا لتكون متنفسهم ومصطافهم، هربا من حر الكويت، فلم يكادوا يستقرون في ربوع تلك البلاد بعد قضاء شهر رمضان المبارك في الكويت، حتى جاءهم ما لم يكونوا يتوقعون.هدوء ليل اسطنبول وغيرها من المدن التركية تحول فجأة إلى حدث شق سكونه أصوات إطلاق النار وهدير الطائرات، فانتشر الرعب في النفوس، وبدأ الجميع يبحثون عن بصيص أمل يضيء لهم حلكة الليلة السوداء، حتى جاءهم الخبر السار والطمأنة مع الصباح بأن الأمور عادت لطبيعتها، بعد إفشال الشعب محاولة الانقلاب.ومع معاناة استمرت 48 ساعة عاشها عدد من المواطنين في تركيا، وتحديداً في مدينة اسطنبول، جراء محاولة الانقلاب الفاشلة، ورغم قصر المسافة بين مدينة اسطنبول ومطار اتاتورك إلا أن قطعها مشيا على الأقدام من قبل هؤلاء السائحين، كان كفيلا بأن يرهق أجسادهم، وفيما فضّل كثيرون مواصلة إجازاتهم في تركيا ــ حسب قول بعض العائدين ــ حزم من رغب أمتعته وانطلق إلى المطار ميمماً شطر الطائرة الأميرية التي ارسلتها وزارة الخارجية لإجلاء العالقين.الطائرة هبطت أمس على ارض المطار، تحمل مواطنين تم اجلاؤهم من اسطنبول، فاصطف فريق الاستقبال المتأهب من ادارة المطار، امام بوابة الوصول حيث استقبل العائدون بالورود الحمراء والعصائر، في مشهد جسد حرص الكويت على سلامة ابنائها.وبدت علامات التعب والارهاق واضحة على وجوه الاباء والامهات، بينما حفاوة الاستقبال، والوردة الحمراء ساهمت برسم ابتسامة على وجوه منهكة.«الراي» التقت بعض المواطنين العائدين بعد أن استقبلتهم الإدارة العامة للطيران المدني، وتحدثت إليهم عما حدث معهم أثناء تواجدهم في تركيا، فقال مشعل المناور إنه من شدة الخوف مما حصل لجأ الجميع للاختباء تحت الطاولات، وبعد الساعة 6 صباحاً طمأن القائمون على السفارة الكويتية الجالية بأن الأوضاع ممتازة، لافتاً إلى أن عودته إلى الكويت كانت على الطائرة الأميرية، خاصة أن تذكرته كانت ترانزيت في مطار اتاتورك.وأكد محمد الراشد «أنه لم يكن هناك أي تقصير من ناحية توفير الطائرات، ولكن الأحداث التي وقعت أتعبت الجميع، سواء الأصوات التي انتشرت أو إطلاق النار، ومع ذلك السفارة الكويتية لم تقصر أبداً»، لافتاً إلى أنه من الأشخاص الذين فضلوا العودة إلى الكويت والتخلي عن الإجازة الصيفية رغم عودة الهدوء والاستقرار.وبين ثامر الحربي أن وصوله إلى أرض الكويت كان عبر الطائرة الأميرية، والأوضاع جيدة ومستتبة الآن في تركيا، ولكن في بداية الأحداث كان الجميع في حال ارتباك، موضحاً «أن الجميع بعد أن أرسلت الدولة الطائرات سادت حال من الارتياح، ولم يثن أحد من العودة إلى الكويت على الفور». وأضاف «أن الشعب التركي مرتبك وبالتالي كيف ستكون حال السائحين، لافتاً إلى أن تعامل الشعب التركي مع الجاليات الأخرى في بداية الأمر كان مربكاً نوعاً ما بالنسبة لهم، حيث قامت بعض سيارات الأجرة بإنزالنا، ومع ذلك لم يتم التعرض لنا».وأكد فهد العازمي «أن الصورة في بدايتها كانت سيئة، لحين تمكن القيادة التركية من السيطرة على ما حدث، والسفارة الكويتية في بداية الأمر لم يتجاوبوا مع المواطنين، كون الوقت كان متأخراً وهذه هي حال معظم السفارات، إلا أنهم عاودوا الاتصال بنا عند الساعة 2 صباحاً وتم تسجيل الأسماء، مبيناً أنه لم يوقف إجازته إلا أنها تصادفت مع الأحداث».وأشار عبدالعزيز البذالي إلى أن «الأوضاع كانت جيدة وفي برهة تحول الأمر إلى هلع وهروب، حيث بادرنا على الفور للدخول إلى الغرف في الفندق، ومن ثم قدمنا إلى الكويت بعد الاطلاع على الأخبار، مؤكداً أنه لم يتم التعرض لهم نهائياً، والتواصل مع السفارة كان عبر التويتر، والهواتف كانت مشغولة من كثرة الضغط الذي وقع عليهم».وقال فهد المطيري «إن الوضع في مطار اسطنبول عبارة عن زعزعة لأمن المطار ورعب للمسافرين، والسبب هو طلب الرئيس التركي أن يقوم الشعب بإثبات وجود في المطار، ونحن كمسافرين لم نفهم الوضع في بداية الأمر»، مؤكداً أنه لم يتم التعرض لهم نهائياً، كما أن السفارة لم تقصر مع الجالية الكويتية وكانت على تواصل مستمر مع الجميع، حيث قاموا بحجز فندق قريب من المطار وقاموا بتوفير المواصلات.وبين أن وجهته الرئيسية لم تكن مدينة اسطنبول، «إلا أن جميع الرحلات توقفت وبقينا في مطار اتاتورك، والسفارة تجاوبت معنا بسرعة قياسية، حيث قاموا بتشكيل قروبات لإخراجنا من المطار ونقلونا إلى مكان آمن، وهذه أمانة يجب أن نذكرها».من جانبه قال مصعب الإبراهيم إنه كان مقيما في منطقة فاتح الواقعة ضمن نطاق مدينة اسطنبول، «وفجأة حصلت ضجة عارمة، وعند العودة للفندق كان هناك مظاهرات ولكن لم تشمل منطقة تواجدي»، مضيفاً أنه لم يحتج للتواصل مع السفارة الكويتية.وأوضح عبدالله الخالدي أنه لم يحتج للتواصل مع السفارة الكويتية باعتبار أنه كان مقيما في مدينة طرابزون، ولم يواجه أي مشاكل نهائياً، مؤكداً «أن تعامل السلطات التركية كانت جيدة مع الجميع».المواطن أبو سالم الذي كان يسير بخطوات مثقلة نحو بوابة الخروج، يحمل ابنه على صدره ويده بيد ابنته، قال «عشت وأسرتي لحظات رعب، لا تزال ساكنة في عقلي».ويروي أبو سالم لحظات الرعب التي شهدها، ويقول «كنت أنا وأسرتي في مطار اتاتورك، للعودة الى الكويت، وبينما كنت أقف لإنهاء إجراءات العودة، فجأة ودون سابق إنذار، اقتحم الجيش المدجج بالاسلحة، وسط إطلاق نار، حينها قمت بالزحف نحو اسرتي التي روعها المشهد، لتبدأ بعدها الفوضى والرعب في جميع من كان داخل المطار«.ويتابع أبو سالم»لن أنسى تلك اللحظات المرعبة، وبعد محاولتنا الخروج من بوابة المطار كما يفعل الناس كان صوت الطائرة الحربية واطلاق النار المتواصل مخيفا جدا، خصوصا واننا لا نعلم ما يجري وسط حالة الحرب، ولم نستطع إيقاف مركبات كانت تقل عائلات من المطار، وبعد مرور ساعة خارج بوابة المطار، توقفت سيارة اجرة طلبنا من سائقها إيصالنا لاقرب فندق، وافق مقابل مبلغ يساوي 60 دينارا، وبعد ان أوصلنا الى فندق قريب من المطار، تواصلنا مع السفارة التي أعجز عن شكرها، حيث وفرت السكن وبثت في قلوبنا الاطمئنان، ولم تتركنا إلى حين وصولنا إلى أرض الوطن».
محليات
الواصلون على متن الطائرة الأميرية تحدثوا عن... «ليلة الخوف وصباح الاطمئنان»
العائدون من تركيا يروون لـ«الراي» لحظات الرعب والاختباء تحت الطاولات
05:27 ص