يعتبر الاقتصاد التركي واحداً من أقوى 16 في العالم، حيث يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى أكثر من تريليون دولار سنويا.وقد شكل الوضع الاقتصادي البائس والانهيار التجاري والمالي لتركيا، التحدي الرئيسي لحزب العدالة والتنمية عند تسلمه لمقاليد السلطة في تركيا، حيث استطاع الحزب النهوض بالاقتصاد التركي بما يشبه المعجزة، بعد عقود طويلة من فضائح الفساد والرشاوى والبؤس المالي الذي عاش فيه الأتراك.ويقول الباحث إبراهيم أوزتورك الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد بجامعة مرمرة، إن الاقتصاد التركي مر بعملية تحول كبيرة طيلة السنوات السبع الواقعة في الفترة ما بين الأزمة الاقتصادية الداخلية سنة 2001 والأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.وقد انعكس هذا التحول بحسب ما يؤكد أوزتورك على النحو التالي:- قفز الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 6.8 في المئة.- قفز معدل الدخل الفردي للمواطن من 3300 إلى 10000 دولار.- تحققت مستويات ملحوظة من توزيع العائدات.- تجاوزت الدولة إلى حد كبير المشكلات المتعلقة بالاختلالات الناتجة عن الاقتصادات الأساسية الكبيرة مثل العجز والتضخم.- تحسنت أجواء الاستثمار، حيث دخلت تركيا بين أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي.وأضاف ،إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التغيرات بعيدة المدى التي يتوقع أن تطرأ على الخريطة الاقتصادية العالمية، والدور التركي المتنامي والرائد على المستوى الدولي، يتوقع من تركيا أن تشكل وضعا اقتصاديا مهما على المستوى العالمي للأسباب التالية:- زيادة القوة الشرائية للأتراك بشكل سريع.- أثبتت المنتجات التركية قدرتها على أن تنافس دولا كبيرة مثل مصر وروسيا وإيران من خلال جغرافيتها التي تتوسط القارات الثلاث، أوروبا وآسيا وأفريقيا، ومن خلال قوتها الاقتصادية التي تتعمق وتنفتح على العالم.- زيادة صادرات الدولة من 30 مليارا إلى 130 مليار دولار خلال 5 سنوات، وتنوع أسواق صادراتها، حيث تعتمد الصادرات التركية بشكل خاص، على المنتجات الصناعية، وتباع نصف الصادرات التركية إلى أسواق الدول الأوروبية الأكثر تطورا، ويباع النصف الآخر إلى أكثر من 180 دولة من دول العالم الأخرى.الإصلاحات عقب أزمة 2001بدأت تركيا سلسلة من الإصلاحات في اتجاه اقتصاد السوق سنة 1999 برعاية من صندوق النقد الدولي، والتي ترافقت بشكل متواز مع وجود مشاكل اقتصادية أدت إلى إضعاف الاقتصاد التركي، وبالرغم من وجود بعض الإشارات التي دلت على أن الأمور تسير على ما يرام في مطلع سنة 2000، إلا أن هذه السلسلة من الإصلاحات قد انتهت بأزمة عميقة سنة 2001، وكان من مظاهرها: انخفاض معدل النمو، وزيادة معدلات التضخم، وارتفاع العجز في خزينة الدولة إلى درجة لا يمكن التحكم بها، وارتفاع سعر الفائدة، وعدم استطاعة القطاعات الاقتصادية في الدولة تحمل هذه التغيرات وتردي أوضاعها.وبعد مجيء حزب العدالة والتنمية تم تغيير قسم كبير من الافتراضات والمبادئ الأساسية التي اعتمد عليها برنامج صندوق النقد الدولي، ومنها الاعتماد على نظام الصرف الثابت عوضا عن نظام الصرف المرن، وتم التزود باحتياطي خارجي بلغ ما يقارب 25 مليار دولار من أجل ضمان نجاح البرنامج، ومن هنا بدأت موجه كبيرة من الإصلاح تجتاح القطاعات المالية والإدارية.النمو الاقتصادييمكن القول من الناحية التقنية إن الدولة إذا استطاعت أن تحقق معدلات نمو طيلة فترة 5 سنوات مستمرة، فهذا يعني أنها قد أسست لبرنامج نمو مستمر، ولقد استطاعت تركيا الخروج من تلك الأزمة بسرعة عن طريق الإصلاحات التي اتبعتها، والتي تمثلت بالدعم الخارجي والتعامل مع الأسواق الخارجية، ولهذا فقد حققت نموا ملحوظا.الاستثماراعتمدت زيادة معدلات النمو في تركيا بعد عام 2002 على استثمارات القطاع الخاص، وتراجعت المراقبة الحكومية للقطاع الخاص بشكل سريع في المواضيع المتعلقة بمصادر رؤوس الأموال والإنتاج والبيع، ومن نتائج ذلك: ارتفاع حجم الاستثمار بحوالي أربعة أضعاف ونصف، وارتفاع حجم الإنتاج ضعفين، وارتفاع معدل استخدام رؤوس الأموال من 75 إلى 80 في المئة، وارتفاع معدلات استثمار القطاع الخاص في الفترة الواقعة بين 2001-2008 بما نسبته 300 في المئة، أما استثمارات القطاع الحكومي فقد بلغت 100 في المئة، وارتفاع نسب الاستهلاك في الفترة نفسها بنسبة وصلت 39 في المئة في القطاع الخاص، و22 في المئة في القطاع الحكومي، ووقد بلغ مجموع قيمة الاستثمارات من الناتج المحلي الإجمالي ما نسبته 25 في المئة، محققة أعلى مرتبة على مستوى أوروبا.الإنتاجيةتبلع نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج القومي الإجمالي 25 في المئة، بينما تبلغ مساهمة قطاع الخدمات 70 في المئة، ورغم التحسن النسبي الذي عاشه قطاع الزراعة منذ عام 2003، إلا أنه تعرض لتراجع شديد ولأول مرة بعد الجفاف العالمي سنة 2007، أما عام 2008 فقد شهد نموا ملحوظا للقطاع الزراعي وقطاع البنوك بشكل متواز.استقرار الأسعاريعتبر التضخم وما يحمله من عدم استقرار في الأسعار من أهم العراقيل التي تواجهها اقتصاديات الدول، وكما هو معروف فإن هناك 3 مهمات أساسية للأوراق النقدية في أي دولة، فهي: وسيلة مبادلة للفعاليات الاقتصادية، وسيلة للادخار، وحدة قياس، وتتعرض الدولة لنوع من التضخم المزمن الذي يمتد لفترة طويلة وبمستويات عالية إذا تعرضت هذه العوامل للضعف.وبالنسبة إلى تركيا، فبعد أن وصلت نسبة التضخم فيها سنة 2001 إلى 70 في المئة انخفضت في نهاية سنة 2007 إلى 8.4 في المئة، ثم عادت وارتفعت قليلا حتى وصلت سنة 2008 بسبب زيادة الأسعار العالمية لتصل إلى 10 في المئة.وبسبب انخفاض الأسعار وانخفاض الطلب في بداية عام 2009 انخفضت نسبة التضخم للأسعار الاستهلاكية بنهاية شهر مارس إلى 7.8 في المئة، والسبب في ذلك يعود إلى أن نسبة الأوراق النقدية الأجنبية من مجموع نسبة ادخارات البنوك في تركيا سنة 2001 كانت 75 في المئة، والقسم الباقي، والذي كان يشكل 25 في المئة كان يمثل النقود المحلية.وقد أدى الأداء الجيد للاقتصاد التركي إلى انخفاض معدلات الفائدة والتضخم بشكل سريع، كما حقق انخفاضا في عجز الموازنة وزيادة الإنتاجية وزيادة التجارة الخارجية.وقد قامت الحكومة بإصدار قوانين مختلفة من أجل تنشيط حركة الثروات والأموال في نهاية سنة 2008، وحقق ذلك دعما ماليا يقدر بـ 15 مليار دولار انعكس بشكل إيجابي على أسعار الفائدة.
اقتصاد
عملية التحوّل استغرقت 7 أعوام
الاقتصاد «البائس»... صار «تريليوني» وأكثر
03:35 ص