لا يقتصر تأثير الانتخابات الرئاسية الأميركية على البعد السياسي وحده فحسب، بل يمتد ليطول مختلف المجالات الأخرى، بدءاً من الاقتصاد والأسواق والعملات مروراً بالبيئة والهجرة وصولاً إلى الفنون وحقوق المرأة وغيرها.وبقدر حضور وتأثير الولايات المتحدة الكبير والبالغ على كل بقعة جغرافية في مختلف أنحاء العالم، بقدر ما تسهم هوية الرئيس الأميركي المقبل في تشكيل معالم المرحلة المقبلة على المستويات كافة.اقتصادياً، ثمة سؤال مهم يتبادر إلى الأذهان، ما مدى تأثير الانتخابات الأميركية والفائز فيها على سوق النفط تحديداً؟رداً على هذا التساؤل، يؤكد تقرير نشره موقع «موتيف إنفستينغ» الأميركي، أن فوز الحزب الجمهوري، ومرشحه دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة، سينعكس إيجاباً على العديد من القطاعات في البلاد، وتحديداً على النفطي الصخري والفحم والدفاع.في المقابل، يشدّد التقرير على أن قطاعات أخرى ستعاني في حال وصول ترامب إلى السلطة، ولاسيما قطاع الطاقة النظيفة.ويشير التقرير إلى أن البيئة التشريعية المرنة وتجاهل الحزب للوائح المتعلقة بالبيئة، تسهم في ازدهار أعمال هذه القطاعات (النفطي الصخري والفحم والدفاع)، وزيادة أرباحها بخلاف ما حصل وسيحصل في بقاء الحزب الديموقراطي في الحكم.وقال التقرير «في حال فوز ترامب (المشاغب)، فإنه من المتوقع أن تستفيد شركات النفط والغاز الطبيعي في البلاد، لاسيما وأن الرجل يبدي جدية كبيرة بخصوص تعزيز أهمية النفط للاقتصاد الأميركي، ويسعى لأن تكون الولايات المتحدة مكتفية ذاتياً من هذه الناحية».ويضيف التقرير «كما يمكن أن تساهم البيئة التنظيمية المرنة في عهد الجمهوريين في زيادة إنشاء خطوط الأنابيب الجديدة وعمليات الحفر، ما يؤدي بالتالي إلى زيادة العرض وضمان تدني كلفة استخراج النفط، كما أنه قد يؤدي إلى المزيد من الأعمال لمصنعي المعدات النفطية، فضلاً عن ذلك، من المتوقع ان يؤدي تولي رئيس جمهوري مقاليد الحكم إلى رفع الحظر عن الصادرات النفطية الأميركية».وشدد التقرير على أن نجاح الجمهوريين بتولي مقاليد الحكم في الولايات المتحدة سيؤثر سلباً على قطاع الطاقة النظيفة، إذ يعتبر ترامب وحزبهم داعمين أساسيين للصناعة النفطية، ما يشير إلى ان قطاع الطاقة النظيفة سيواجه بعض العثرات في حال فوز هؤلاء.من جهته، قال المحلل الاستراتيجي في «إس أند بي»، سام ستوفال، إن «الجمهوريين غالباً ما يبدون تساهلاً أكبر مع اللوائح المتعلقة بنوعية الهواء، ما يسمح لشركات الفحم بتحقيق الأرباح مجدداً خلال فترة حكمهم».أما فيما يتعلق بقطاع الدفاع، فلطالما شكّل الجمهوريون «لوبي دعم» قويا لزيادة الإنفاق العسكري، ومن المتوقع ان ينعكس نجاح مرشحهم في الوصول إلى البيت الأبيض، إيجاباً على الشركات العاملة في هذا القطاع على غرار شركات التعاقد العسكري، ومصنعي الأسلحة، وموردي معدات الملاحة الجوية.الشطيبدوره، يقول الخبير والمحلل النفطي، محمد الشطي، «إن فوز ممثل الحزب الديموقراطي، أي هيلاري كلينتون بالرئاسة سيصب في صالح البيئة كونها ستعمد إلى سنّ وتشريع قوانين تحمي البيئة، بما يعني تلقائياً التشدّد في شروط حفر الآبار النفطية وعمليات التكرير والتصدير».واستشهد الشطي في تصرح لـ «الراي» بتجربة الرئيس الحالي باراك أوباما، والذي رفض الموافقة على أحد خطوط الأنابيب من كندا (خط أنابيب كيستون)، والذي يهدف لنقل نفط الرمال الكندية إلى مصافي ساحل الخليج الأميركية، بما في ذلك هيوستن.ولفت إلى أن الهدف الكندي من هذا الخط، كان تصدير 200 إلى 400 ألف برميل يومياً من النفط الخام إلى الأسواق، مبيناً أن رفض إدارة أوباما المشروع في المرحلة النهائية، جاء من منطلق بيئي بحت.وأوضح الشطي «على النقيض من ذلك سيكون الجمهوريون وترامب، الذي يدعم صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة الأميركية بشكل واضح وكبير، مع سعيه الدؤوب للاستغناء عن الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، عبر رفع عمليات الإنتاج المحلي والتنقيب».ولكن يمكن من وجهة نظر الشطي التنبؤ بتوجهات خاصة بالأسعار، وإن كانت تدخل في إطار التوقعات وليس الحقائق، منوهاً بأن سياسات ترامب ستصب بلاشك في دعم صناعة النفط والغاز الأميركية.الكوحمن جانبه، أكد عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التكنولوجية، الدكتور أحمد الكوح، أن النفط يتأثر بالسياسة كما هو الحال في جميع أمور الحياة، وخصوصاً في الولايات المتحدة الأميركية.وتوقف الكوح في تصريح لـ «الراي» عند الصراع والمنافسة المحمومة على الرئاسة الأميركية، خصوصاً في صفوف المعسكر الديموقراطي، ممثلا بهيلاري كلينتون وبيرني ساندرز، لافتاً إلى انسحاب الأخير من السباق، وهو المعروف بمناصرة الطاقة البديلة والشمسية ومعارضته الشديدة للتكسير الهيدروليكي (عصب الحياة للإنتاج النفطي الصخري في الولايات المتحدة الأميركية).وقال الكوح «نعلم بأن القوانين السياسية الأميركية قد (تقتل) اي إنتاج نفطي كما يحصل الآن مع حقول النفط في ألاسكا»، معتبراً أن الأمر تغيّر تماماً مع انسحاب ساندرز لصالح كلينتون، مما قد يؤثر مستقبلا بشكل سلبي على إنتاج النفط الصخري، لاسيما في حال توافق أفكار ورؤى «السيدة الشقراء» مع «العجوز المخضرم»، الذي يناضل ضد عمليات التكسير الهيدروليكي، مشدداً على أن هذا الأمر من شأنه تشجيع الإدارة الأميركية المقبلة (في حال كانت ديموقراطية) على وضع الكثير من القوانين والعقبات أمام الشركات النفطية، مما قد يجعل هذه المشاريع غير مربحة تماماً امام هذه الأسعار الحالية.وأضاف «كما هو متوقع فإن فوز كلينتون يؤثر سلباً على الصناعة النفطية في الولايات المتحدة الأميركية، وخصوصاً النفط الصخري، مما يجعلنا كخليجيين فرحين بأن ذلك سيرفع أسعار النفط عالمياً».
اقتصاد - النفط
بخلاف الديموقراطيين... فوز الجمهوريين يصب في صالح «الصخري»
برميل النفط ... لمن «يصوّت» في انتخابات الرئاسة الأميركية؟
05:25 م