تدعى سونيا، ابنة 22 عاماً. إيطالية الجنسية.بالصدفة، لاحظت تشجيعها المفرط لمنتخب ألمانيا في كرة القدم على أحد مواقع التواصل الاجتماعي.إيطالية تدعم منتخب المانيا؟ أمر غريب. بالتأكيد والدها ألماني متزوجمن إيطالية. أو ربما العكس صحيح. ربما إيطالية تعيش في ألمانيا. ثمة سر.فضولي الصحافي دفعني إلى سؤالها عن السبب. بدت متفاجئة أكثر مما أنا متفاجئ بواقعها.كيف لها أن تكون إيطالية وتشجع منتخب ألمانيا، الخصم اللدود والتاريخي لمنتخب بلادها؟أنا صحافي عربي بادرتها قائلاً، وأود إجراء حوار سريع معك. أبدت دهشة وسعادة في آنٍ معاً. وافقت على الفور، و«ابتدا المشوار» عبر أسئلة انطلقت من الكويت عبر البريد الالكتروني ووصلت إلى إيطاليا، وعادت إجابات وافية منها إلى الكويت.• إيطاليا معروفة في منطقة الشرق الأوسط بالباستا والسباغيتي والموضة وكرة القدم. لا أستغرب حبك الكبير للعبة الأكثر شعبية في العالم. ما سر هذا العشق الجارف؟-في الواقع، أدين بذلك إلى والدتي وشقيقي الأكبر في هذا العشق الكبير لكرة القدم. البداية كانت في العام 1998 خلال متابعتي مباريات كأس العالم في فرنسا معهما في المنزل. كنت في الرابعة من العمر، وقد جذبني حماسهم الكبير للعبة، أضف الى ذلك انني ترعرعت في قرية إيطالية وليس في إحدى المدن الكبرى. لم يكن هناك الكثير من الفتيات، وكنا نفتقد الى الالعاب الالكترونية، لذا كنت أمارس كرة القدم مع أخي طوال الوقت. لم تكن كرة قدم بالمعنى الحقيقي للكلمة بل مجرد تحدٍّ بيني وبينه فقط. كنا نمضي معظم الوقت في تنفيذ ركلات الجزاء. كان الأمر يحلو لي وأستمتع به. كنت أشعر بالمتعة في كل مرة أتابع فيها مباراة تشهد ركلات ترجيح.• تفاجأت عندما اكتشفت بأنك مشجعة ألمانية مخلصة في الوقت الذي تحملين فيه الجنسية الإيطالية وتعيشين في إيطاليا وليس ثمة رابط من اي نوع كان بينك وبين ألمانيا. ما السر في ذلك؟- سؤال صعب للغاية. وبصراحة، لا أعلم كيف أجيب. والدي إيطالي ووالدتي إيطالية ولا أملك اي ارتباط لا من قريب ولا من بعيد بألمانيا. ليس لدي أصول أو فصول ألمانية. ما أتذكره أن فتاة في عمر الثمانية عشقت «دي مانشافت» (منتخب المانيا) بشكل لا يوصف ابتداءً من كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان. أتذكر تلك الدموع التي ذرفتها بعد الخسارة امام البرازيل بهدفين نظيفين في المباراة النهائية. كان الوضع غريباً بالنسبة الى فتاة بعمري. منذ تلك الحظة، شعرت بأنني أنتمي إلى ذاك المنتخب، وتحوّلت جدّياً الى مشجعة مخلصة لهذا الفريق وبكل قوة.• مضت 14 سنة منذ بداية قصتك مع منتخب المانيا. ألم تقولي يوماً في نفسك: هذا يكفي، سأشجع منتخب بلادي إيطاليا؟- إطلاقاً. لم يخطر ذلك في بالي بتاتاً، ولن يحدث ما حييت.• أفراد أسرتك بالكامل يشجعون منتخب إيطاليا. وهذا أمر طبيعي. هل يشكل ذلك مشكلة بالنسبة لك في المنزل خصوصاً أنك تشجعين ألمانيا، وهو المنتخب الذي يرتبط بعداوة تاريخية مع «الآزوري»؟-لم يستوعب أفراد العائلة عشقي اللا محدود لمنتخب ألمانيا بيد أنهم ومع مرور السنين تقبلوا الأمر مرغمين. لا يعتقدون بأني غريبة بسبب خياري، لقد تعايشوا مع الواقع «المرير». في النهاية لست مدمنة على أمور لا يتقبلها المجتمع.• ماذا عن أصدقائك الايطاليين. هل تقبلوا الأمر؟- أنت تعلم بأن إيطاليا تعتبر بلاد كرة القدم، والحديث عن اللعبة لا يتوقف بين شرائح المجتمع كافة. أصدقائي لا يتوقفون عن اعتباري «غير طبيعية» ويطالبوني دائماً بتشجيع منتخب بلادي إيطاليا. لكن ذلك لا يؤثر سلباً على علاقتنا.• أنت لست فقط مشجعة كبيرة لمنتخب ألمانيا. أنت أيضاً مشجعة وفية لنادي بايرن ميونيخ الألماني. هل بدأ حبك للـ «مانشافت» قبل بدايته مع بايرن؟- في البداية شجعت منتخب ألمانيا. وبعد سنوات بدأ حبي لبايرن ميونيخ بعد أن تابعت إحدى مبارياته ضمن دوري أبطال أوروبا. أحببت أسلوب أداء لاعبيه. وكان لوجود عدد كبير من عناصر منتخب ألمانيا، من أمثال أوليفر كانّ وباستيان شفاينشتايغر، ضمن صفوف بايرن دور في تشجيعي للفريق البافاري.• ما الأمور التي كنت تفتقدينها في الكرة الإيطالية ووجدتيها في الكرة الألمانية؟- الشغف الذي يظهر على الألمان في الملعب. من النادر أن يستسلموا. وفي كل مرة يسقطون، تراهم يعودون من جديد وأكثر قوة من ذي قبل.• أين تابعتي المباراة الأخيرة بين ألمانيا وإيطاليا في الدور نصف النهائي من «يورو 2016»؟ وكيف كانت الأجواء؟-تابعتها في المنزل مع الأسرة وبحضور أخي. كانت تجربة صعبة للغاية بالنسبة لي. ليس فقط ركلات الترجيح، بل المباراة برمّتها. بالطبع كنت سعيدة للغاية عندما سجل مسعود أوزيل هدف التقدم لألمانيا بيد أنني آثرتُ الهدوء احتراماً للأسرة التي شعَرَت بالضيق بعد هذا التأخر في النتيجة. في المقابل، لم يحترموا هم عشقي لألمانيا عندما سجل ليوناردو بونوتشي هدف التعادل من ركلة جزاء، فقد احتفلوا كالمجانين. أسوأ جزء كان بالتأكيد ركلات الترجيح. لم احتفل عندما كان الطليان يضيعون ركلة ترجيح أو عندما كان الألمان يسجلون. احترمت العائلة لكن قلبي كان يتفاعل. في المقابل، كانوا هم، وخصوصا أخي، يحتفلون مع كل ركلة ترجيح من كل قلبهم. وعندما أحرز يوناس هيكتور الركلة الترجيحية الأخيرة التي منحت الفوز لألمانيا، تحولت الأجواء داخل المنزل الى «جليدية» للغاية.• كيف احتفلتي بالانتصار التاريخي لألمانيا على منتخب بلادك؟- بعيد تسجيل هيكتور هدف الفوز، قمت بما بقوم به أي شخص بعد تحقيق انتصار مهم. رفعت ذراعيّ ناحية السماء وصرخت «سييييي» (نعم بالإيطالية) بكل ما أعطيت من قوة. لكني أعترف بأني شعرت ببعض الحزن لأن أفراد عائلتي عاشوا لحظات صعبة للغاية بعد الخسارة المرّة أمام الخصم التاريخي الذي لم يسبق له أن ألحق الهزيمة بـ «الآزوري» في مناسبة رسمية. احتفلت بهذا الانتصار الرائع من دون أن أغفل أن عليّ احترام العائلة وشعور أفرادها.• أخبريني عن رد فعل المشجع الإيطالي عندما يكتشف بأنك إيطالية وتشجعين ألمانيا؟ ألا يشعرك ذلك بالإحراج؟- يحدث ذلك معي بصفة دائمة، بيد أنني لا أشعر بأي إحراج ومن أي نوع كان. لمَ علي أن أشعر بذلك في الأساس؟ أقوم فقط بما اشعر به في قلبي. لا يوجد أي شيء ممكن أن يقوله أيّ إيطالي لجعلي أشعر بالخجل من خياري.• عندما يلتقي منتخب إيطاليا مع منتخب آخر غير الألماني، هل تشجعينه؟- لا، بتاتاً. أشجع المنتخب الخصم. الأمر لا يتوقف فقط عند تشجيعي لألمانيا، بل أنني أكره منتخب إيطاليا. وعندما تلعب إيطاليا مع إسبانيا، يصبح الوضع صعباً علي لأنني أكره المنتخبين بشكل لا يتصوره عقل.• هل تعتقدين بأن ألمانيا قادرة على بلوغ المباراة النهائية لـ «يورو 2016» في ظل تأكد غياب ماريو غوميز وسامي خضيرة وربما باستيان شفاينشتايغر بسبب الإصابة عمّا تبقى من عمر البطولة وماتس هوميلز بداعي الإيقاف؟- أعتقد بأننا قادرون على تحقيق المبتغى، لكن المهمة ستكون صعبة. منتخب فرنسا الحالي أقوى من المنتخب الذي واجهناه في ربع نهائي مونديال 2014 في البرازيل وتغلبنا عليه. سنفتقد الى عدد لا بأس به من اللاعبين المؤثرين. وأتوقع بأن غياب غوميز سيترك أثراً سلبياً سنشعر به خلال المباراة.• من هو لاعبك المفضل؟- بالتأكيد الألماني ميروسلاف كلوزه إن كان يحق لي اختياره بعد ان اعتزل على المستوى الدولي، وإلا فإن خياري سيقع على الألماني الآخر توماس مولر على الرغم من أن مردوده في البطولة الأوروبية كان مخيباً للآمال حتى الساعة.• هل سبق لك أن قمتي بزيارة إلى الشرق الأوسط؟- لا، لكني أتمنى ذلك بالتأكيد.• هل أنت على علم بأن عشاق المنتخب الألماني في الشرق الأوسط كثر؟- بالتأكيد، وأنا على صلة بعدد كبير منهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً مشجعي بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا. لقد لمست لمس اليد مدى عشقهم الكبير للـ «مانشافت» وبايرن.