لطالما وقف التاريخ الى جانب المنتخب الألماني خلال المواجهات الرسمية مع نظيره الفرنسي في بطولات كأس العالم، وبات يشكل عقدة بالنسبة له، بيد أنهما يلتقيان للمرة الأولى في كأس أوروبا، من أجل خطف بطاقة العبور إلى المباراة النهائية المقررة في 10 الجاري في باريس.وفي المباريات الأربع بين «المانشفات» و«الديوك» في المونديال، فازت ألمانيا 3 مرات مقابل فوز يتيم لفرنسا كان ساحقا وبنتيجة 6-3 في مباراة تحديد المركز الثالث في مونديال 1958. وتألق في هذه المواجهة الفرنسي جوست فونتين، بتسجيله «سوبر هاتريك» ليتوج هدافا بـ 13 هدفا (رقم قياسي).وكانت المواجهة الأشهر والأكثر تخليدا بين الألمان والفرنسيين في مونديال اسبانيا 1982، عندما سجلت ألمانيا فوزا دراماتيكيا في الدور نصف النهائي. وبعد ان فرنسا متفوقة 3-1 في الوقت الإضافي (1-1 الوقت الأصلي)، منح كلاوس فيشر وكارل هاينس رومينيغه التعادل لـ «الماكينات» ليلجأ المنتخبان الى ركلات الترجيح، حسمتها المانيا، فتأهلت إلى المباراة النهائية، قبل ان تسقط أمام إيطاليا 1-3.وتجددت المواجهة في نصف نهائي مونديال المكسيك 1986، فأعادت ألمانيا فوزها على فرنسا بثنائية نظيفة لأندرياس بريمه ورودي فولر، ثم خسرت أمام «أرجنتين-مارادونا» في النهائي 2-3.وتكرست «العقدة» الألمانية للفرنسيين في مونديال البرازيل 2014، بعد ان حقق «المانشافت» الفوز الثالث له على «الديوك» وكان في الدور ربع النهائي، بهدف من رأس المدافع ماتس هومليز، الغائب عن موقعة الليلة. ثم أكملت ألمانيا طريقها نحو التتويج بكأس العالم للمرة الرابعة في تاريخها على حساب «أرجنتين-ميسي» في النهائي 1 -صفر.ويبدو ان المنتخب الألماني كل ما تخطى عقبة الفرنسي في نصف النهائي، يخفق في التتويج باللقب !ويقف المنتنخبان الفرنسي والألماني مجددا وجها لوجه اليوم، في اول تحدٍ في البطولة القارية، في ظل انعدام تكافؤ القوى، حيث يعاني رجال المدرب يواكيم لوف من نقص في صفوفه جراء غياب ثلاثة ركائز اساسية تتمثل في هوميلز وسامي خضيرة وباستيان شفاينشتايغر وماريو غوميز، فيما يبدو اصحاب الأرض في حالة جهوزية تامة.وكان رجال المدرب ديدييه ديشان حصلوا على جرعة معنوية كبيرة، بعد تسجيلهم 4 أهداف في الشوط الأول امام ايسلندا (5-2) في الدور ربع النهائي، في مباراة أظهرت جليا حجم الإمكانيات الفردية الكبيرة التي يتوفر عليها أصحاب الأرض، كما حظي ديشان برضا الجماهير بعد موجة من الانتقادات، قبل المباراة المرتقبة أمام ألمانيا.وتدرك الجماهير الفرنسية جيدا المهمة التي بانتظار منتخبها، أمام ألمانيا حتى وإن كان يعاني من الإصابات والإيقاف في صفوفه.وقال ديشان في هذا الصدد: «ألمانيا هي ألمانيا، إنه أفضل منتخب في أوروبا وفي العالم... لن تكون جولة في المتنزه، ولكن كل الاحتمالات قائمة، وعلينا ان نقدم كل ما بوسعنا».ولم يعد هناك الكثير من الوقت أمام ديشان للاستقرار على خياراته الفنية للمباراة، لكن يبدو أنه سيدفع بانطوان غريزمان في العمق الهجومي الى جانب اوليفييه جيرو مجددا، بدلا من الاعتماد عليه في مركز الجناح الأيمن.وقال ديشان: «سأفكر في طريقة اللعب، لست الوحيد الذي يغير طريقة لعبه، يواكيم لوف فعل ذلك أمام إيطاليا في ربع النهائي، سأفكر جيدا في الأمر». وتبدو الخطوط الفرنسية متكاملة باستثناء الدفاع الذي يعتبر الحلقة الأضعف، وهذا ما دفع بجيرو الى التحذير، بقوله: «علينا أن نمحو هذه الأخطاء الدفاعية، وألا نسمح بحدوث ذلك أمام ألمانيا لأننا سندفع الثمن غاليا».ولن ينخدع الفرنسيون في غياب هوميلز، نظرا لأن «الماكينات» تمتلك خيارات عديدة في خط الدفاع، الذي يقوده جيروم بواتينغ.في المقابل، يفكر لوف عن الحلول لسد الفراغ الكبير في منتخبه، بعد المباراة التاريخية والدراماتيكية التي قدمتها المانيا وايطاليا في ربع النهائي، ستبقى خالدة في الأذهان، حسمها الألمان بركلات الترجيح 6-5 (1-1 الوقتان الأصلي والإضافي)، استنزفتهم بدنيا وذهنيا. ويرفض لوف الكشف عن بدلاء هوميلز وخضيرة وغوميز، ولكنه اعترف بأنه «يجب أن يفكر أكثر» حول ما إذا كان سيستمر في اللعب بطريقة 3-5-2 التي فاجأ بها إيطاليا أم أنه سيعود إلى اللعب بأربعة مدافعين.ويبدو حل أزمة الدفاع المتمثلة بغياب هوميلز سهلة، ومن المرجح الزج ببينيديكت هوفيديس إلى جانب بواتينغ وبين الظهيرين جوشوا كيميتش ويوناس هيكتور، علما ان شكودران مصطفي عوض غياب هومليز المصاب في المباراة الأولى أمام أوكرانيا. ويعتبر المنتخب الفرنسي مرشحا لخوضه البطولة على ارضه التي تبتسم له في المناسبات الكبرى، ومن المتوقع ان تكون مباراة متكافئة «أحب هذا النوع من المباريات الإقصائية أمام مثل هذه المنتخبات»، يقول لوف.وإذا كان منتخب «الديوك» يحلم بالتأهل إلى النهائي، والثأر من خسارة مونديال 2014، فإن لوف، الذي عانى من خيبات عدة في البطولات الأوروبية، يتطلع إلى الجمع بين لقبي كأس العالم وأوروبا.