الضمور العضلي (muscular dystrophy) هو داء وراثي نادر نسبياً، ويتقمّص أشكالاً عدّة؛ فمنه الضمور الكُلّي الخطير الذي يصيب الذّكور فقط من دون الإناث، ويبدأ مبكّراً في الطّفولة بإصابة الحزامين الحوضيين، ويتجلى في صورة مشية مترنّحة وصعوبة في النهوض بعد الجلوس وصعوبة في ارتقاء السّلالم. وفي المقابل، هناك إصابات أخرى متفاوتة تصيب الذكور والإناث على حد السواء، وهي تبدأ الظهور في مراحل لاحقة من الحياة وتتسم بكونها بطيئة التّطوّر وغير خطيرة وتسمح بحياة بدنية وعقلية طبيعية رغم بعض الصعوبات.ينجم مرض الضمور العضلي عن مجموعة اضطرابات وراثية غير التهابية تنشأ عن اختلال في الجينات المسؤولة عن انتاج بروتين ديستروفين (dystrophin) المسؤول عن سلامة التركيبة العضلية.قد يصيب المرض عضلة واحدة أو مجموعة من العضلات أو جميع عضلات الجسم رغم عدم وجود خلل محدد في في الجهاز العصبي المركزي. وأكثر أنواع المرض شيوعاً هو «الضمور الدوشيني»، وهو يبدأ بعضلات الحوض وقد ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم، وهو يصيب الذكور تحديداً بدرجات متفاوتة وبمعدل 1 من بين كل 5000 ولادة تقريباً على مستوى العالم، لكن هذا المعدل يتغير صعودا وهبوطا من دولة إلى أخرى.يبدأ ظهور أعراض معظم حالات الضمور العضلي في مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة، في حين تظهر أعراض حالات أخرى في مراحل عمرية متوسطة وتتسبب في الفقدان التدريجي لقدرة المصاب على الحركة بسلاسة.وينبغي على الآباء والأمهات أن ينتبهوا مبكراً إلى أي أعراض قد تشير إلى وجود المرض. ومن بين تلك الأعراض: ضعف العضلة ونقص حجمها، وعدم القدرة على الحركة بسلاسة، وصعوبة رفع الجفنين، وسيلان لا إرادي للعاب، والسقوط المتكرر اثناء محاولة المشي. لكن انخفاض مستوى الذكاء ليس مرتبطاً بالضرورة بهذا المرض.لكن للأسف لا يوجد حتى الآن علاج عقاقيري فعّال لمرض الضّمور العضلي الوراثي، ويتمحور التركيز حالياً حول تمرينات العلاج الطبيعي التي تستهدف تحسين حالة المريض الحركية. وإلى جانب ذلك، يلجأ الأطباء أحياناً إلى إجراء تدخّلات جراحية لتقويم بعض التّشوّهات حتّى لا تُرهَق العضلات المصابة.ومن المهم الإشارة إلى أن الذكر المصاب بمرض الضمور العضلي لا ينقله إلى أبنائه. ومعنى هذا هو أن المرض لا ينتقل وراثياً إلا من خلال الأمهات، إذ أن الأنثى (الأم) حاملة الصفة الوراثية هي التي تنقله إلى الأبناء رغم عدم ظهور أعراضه عليها مطلقاً. أما الذكر (الأب) فانه لا ينقل تلك الصفة الوراثية إلى أبنائه حتى وإن كان مصاباً والأعراض ظاهرة عليه. ويكمن سر ذلك في أن هذا الاضطراب الجيني لا ينتقل إلا من خلال الكروموسوم إكس الذي يرثه المولود من أمه.لذا فإنه من الاحتياطات المهمة الواجب اتباعها عندما تحمل أي امرأة حاملة لتلك الصفة الوراثية أن يتم إخضاعها هي وجنينها للفحص في بدايات الحمل المبكرة للتأكد من عدم اصابته، او إجراء التخصيب مختبرياً بتقنية «اطفال الانابيب» بهدف التأكد من عدم انتقال كروموسوم ذلك المرض من أمه اليه.* مجموعة طبية وبحثية غير ربحية أميركية