| بقلم - أبوالقاسم الديباجي | توضح الآيات المباركة في الكتاب العزيز أن الإنسان بلا شك يسأل يوم القيامة عن جميع أعماله وأفعاله، لانها المصداق المادي على إيمانه أو جحوده. قال تعالى في سورة النحل: «ولتُسألن عما كنتم تعملون». (النحل: 93)
بيد أننا لو تأملنا في مطاوي العديد من الآيات المباركة لوجدنا أن هناك جملة من التساؤلات المهمة التي ستكون في صدارة ما يُسأل عنه المرء يوم القيامة. وعموماً فسنحاول أن نستعرض سوية جملة مما ينصب في هذا المبحث ضمن نقاط وإشارات مختصرة.
1 - قال تعالى في سورة التكاثر: «ثم لتُسألُن يومئذ عن النعيم». (التكاثر: 8)
وللنعيم بلا شك مصاديق كثيرة في حياة الإنسان، تندرج ضمنها الكثير مما لا عد له ولا حصر من العطايا الإلهية التي أسبغها جل اسمه عليه، مادية كانت تلك العطايا أم روحية.
إلا ان هناك جملة معروفة تشكل في حقيقتها أهم النعم وأعظمها في حياة الإنسان، والتي تمثل أهم ما يمكن أن يُسأل عنه الإنسان.
انها: الإيمان، والدين، والإسلام والقرآن، حيث يُسأل الإنسان ان كان قد أدى حقوق تلك المنن والعطايا العظيمة. بل ونجد العديد من الروايات تشير إلى أن النعيم المراد في هذه الآية هم آل البيت عليهم السلام كما في ما نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام من قوله: «نحن النعيم».
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) قوله: أول ما يُسأل عنه العبد حبنا أهل البيت.
2 - وقال جل اسمه في سورة الإسراء: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً». (الإسراء: 36)
فهذا جانب آخر من التساؤل الذي سيحط بالإنسان يومئذ، وهو ما يتصل بالفكر والعقيدة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحواس.
3 - وأما في سورة العنكبوت فقد قال جل اسمه «وليُسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون». (العنكبوت: 13).
فها هم الذين افتروا على الله تعالى ورسوله ودينه الكذب تقام عليهم الحجة يوم القيامة، ويسألون عن كل ذلك.
4 - وفي سورة الزخرف يقول تبارك وتعالى: «ستكتب شهادتهم ويسألون» (الزخرف:19).
إن ما سجله الملائكة من أفعال الإنسان وأعماله المختلفة طيلة حياته، ما تم تدوينه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، كل ذلك سيسأل عنه الإنسان يوم القيامة.
5 - وأما الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله تعالى عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته.
6 - وعن الامام الباقر عليه السلام قوله: أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قُبلت قُبل ما سواها.
7 - وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها؟ فليستعد غداً للخصومة.
8 - وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: كل نعيم مسؤول عنه يوم القيامة الا ما كان في سبيل الله تعالى.
9 - وأما الامام الصادق عليه السلام فقد روي عنه قوله: ان الله تعالى اذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد اليهم، ولم يسألهم عما قضى عليهم.
وهذا الحديث واضح بين لا يحتاج الى شرح وتفصيل.
10 - وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: أنا أول قادم على الله تعالى، ثم يقدم على كتاب الله تعالى.
11 - وعن الامام علي (عليه السلام) أنه قال: اتقوا الله تعالى في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم.
وغير ذلك مما يستطيع القارئ الكريم استخلاصه من مطاوي الكتاب العزيز، او الكتب الحديثة المختلفة.
والبعض يتساءل عن علة ما يراه من تعارض بين ما يعرفه مما قرأه في العديد من الآيات القرآنية المباركة والأحاديث الشريفة عن سؤال الإنسان عن أعماله وعما اقترف او أحسن، حيث يقرأ في مواضع اخرى من القرآن خلاف ذلك كما في قوله تعالى في سورة القصص «لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون» (آية 78).
وقوله جل اسمه في سورة الرحمن: «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان» (آية 39).
أقول: لو تأملنا في الآية الاولى لوجدنا تندرج ضمن آيات متسلسلة تتناول قصة قارون وكيف نهي عن الفساد في الارض، وماذا كان رده على ذلك.
ولنتأمل سوية في ذلك، حيث قال تعالى: «ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين، قال انما اوتيته على علم عندي أو لم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون» (القصص: 76-78).
فما يستشف من ذلك ان الاية هذه مرتبطة بالدنيا كما لعل الظاهر منها هذا، والله تعالي هو العالم بكل شيء.
واما لو فرضنا بان هذا الامر مرتبط بيوم القيامة فان ما يمكن فهمه من الآية كونها تدل على علم الله تعالى بحال هؤلاء المجرمين، ومقدار ما اسرفوا فيه من الظلم والفساد بالشكل الذي لا يستدعي فيه له اي تساؤل.
ثم اننا نعلم كما بينت ذلك العديد من الروايات الشريفة بان هناك في يوم القيامة مراحل متعددة، ومواقف متلاحقة، فلعل مرحلة من تلك المراحل يستغنى فيها عن سؤال هؤلاء المجرمين بعد ان تمت مساءلتهم في مواقف اخرى سابقة.
وباختصار المساءلة الالهية والحساب في يوم القيامة يكون دقيقا جدا ويقوم على اساس ميزان العدل الالهي، وهنا من صبر واستقام في سبيل طاعة الله عز وجل وصمد أمام المعاصي والذنوب سيدخل الجنة بلا حساب، وسيجزيه الله عز وجل الثواب الكافي والكامل كما قال: «انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب» (الزمر: 10).
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي
بيد أننا لو تأملنا في مطاوي العديد من الآيات المباركة لوجدنا أن هناك جملة من التساؤلات المهمة التي ستكون في صدارة ما يُسأل عنه المرء يوم القيامة. وعموماً فسنحاول أن نستعرض سوية جملة مما ينصب في هذا المبحث ضمن نقاط وإشارات مختصرة.
1 - قال تعالى في سورة التكاثر: «ثم لتُسألُن يومئذ عن النعيم». (التكاثر: 8)
وللنعيم بلا شك مصاديق كثيرة في حياة الإنسان، تندرج ضمنها الكثير مما لا عد له ولا حصر من العطايا الإلهية التي أسبغها جل اسمه عليه، مادية كانت تلك العطايا أم روحية.
إلا ان هناك جملة معروفة تشكل في حقيقتها أهم النعم وأعظمها في حياة الإنسان، والتي تمثل أهم ما يمكن أن يُسأل عنه الإنسان.
انها: الإيمان، والدين، والإسلام والقرآن، حيث يُسأل الإنسان ان كان قد أدى حقوق تلك المنن والعطايا العظيمة. بل ونجد العديد من الروايات تشير إلى أن النعيم المراد في هذه الآية هم آل البيت عليهم السلام كما في ما نُقل عن الإمام الصادق عليه السلام من قوله: «نحن النعيم».
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم) قوله: أول ما يُسأل عنه العبد حبنا أهل البيت.
2 - وقال جل اسمه في سورة الإسراء: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً». (الإسراء: 36)
فهذا جانب آخر من التساؤل الذي سيحط بالإنسان يومئذ، وهو ما يتصل بالفكر والعقيدة وغير ذلك مما يتصل بهذه الحواس.
3 - وأما في سورة العنكبوت فقد قال جل اسمه «وليُسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون». (العنكبوت: 13).
فها هم الذين افتروا على الله تعالى ورسوله ودينه الكذب تقام عليهم الحجة يوم القيامة، ويسألون عن كل ذلك.
4 - وفي سورة الزخرف يقول تبارك وتعالى: «ستكتب شهادتهم ويسألون» (الزخرف:19).
إن ما سجله الملائكة من أفعال الإنسان وأعماله المختلفة طيلة حياته، ما تم تدوينه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، كل ذلك سيسأل عنه الإنسان يوم القيامة.
5 - وأما الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله تعالى عن أربع خصال: عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته.
6 - وعن الامام الباقر عليه السلام قوله: أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن قُبلت قُبل ما سواها.
7 - وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها؟ فليستعد غداً للخصومة.
8 - وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: كل نعيم مسؤول عنه يوم القيامة الا ما كان في سبيل الله تعالى.
9 - وأما الامام الصادق عليه السلام فقد روي عنه قوله: ان الله تعالى اذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عما عهد اليهم، ولم يسألهم عما قضى عليهم.
وهذا الحديث واضح بين لا يحتاج الى شرح وتفصيل.
10 - وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: أنا أول قادم على الله تعالى، ثم يقدم على كتاب الله تعالى.
11 - وعن الامام علي (عليه السلام) أنه قال: اتقوا الله تعالى في عباده وبلاده، فإنكم مسؤولون حتى عن البقاع والبهائم.
وغير ذلك مما يستطيع القارئ الكريم استخلاصه من مطاوي الكتاب العزيز، او الكتب الحديثة المختلفة.
والبعض يتساءل عن علة ما يراه من تعارض بين ما يعرفه مما قرأه في العديد من الآيات القرآنية المباركة والأحاديث الشريفة عن سؤال الإنسان عن أعماله وعما اقترف او أحسن، حيث يقرأ في مواضع اخرى من القرآن خلاف ذلك كما في قوله تعالى في سورة القصص «لا يسأل عن ذنوبهم المجرمون» (آية 78).
وقوله جل اسمه في سورة الرحمن: «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه انس ولا جان» (آية 39).
أقول: لو تأملنا في الآية الاولى لوجدنا تندرج ضمن آيات متسلسلة تتناول قصة قارون وكيف نهي عن الفساد في الارض، وماذا كان رده على ذلك.
ولنتأمل سوية في ذلك، حيث قال تعالى: «ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوأ بالعصبة أولي القوة اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الارض ان الله لا يحب المفسدين، قال انما اوتيته على علم عندي أو لم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون» (القصص: 76-78).
فما يستشف من ذلك ان الاية هذه مرتبطة بالدنيا كما لعل الظاهر منها هذا، والله تعالي هو العالم بكل شيء.
واما لو فرضنا بان هذا الامر مرتبط بيوم القيامة فان ما يمكن فهمه من الآية كونها تدل على علم الله تعالى بحال هؤلاء المجرمين، ومقدار ما اسرفوا فيه من الظلم والفساد بالشكل الذي لا يستدعي فيه له اي تساؤل.
ثم اننا نعلم كما بينت ذلك العديد من الروايات الشريفة بان هناك في يوم القيامة مراحل متعددة، ومواقف متلاحقة، فلعل مرحلة من تلك المراحل يستغنى فيها عن سؤال هؤلاء المجرمين بعد ان تمت مساءلتهم في مواقف اخرى سابقة.
وباختصار المساءلة الالهية والحساب في يوم القيامة يكون دقيقا جدا ويقوم على اساس ميزان العدل الالهي، وهنا من صبر واستقام في سبيل طاعة الله عز وجل وصمد أمام المعاصي والذنوب سيدخل الجنة بلا حساب، وسيجزيه الله عز وجل الثواب الكافي والكامل كما قال: «انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب» (الزمر: 10).
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي