ما الذي يجعل من اندريس انييستا، نجم فريق برشلونة ومنتخب اسبانيا لكرة القدم، احد افضل اللاعبين في العالم؟اسباب عدة، فهو قادر من خلال أهدافه الحاسمة على صنع التاريخ، تماماً كما فعل في نهائي كأس العالم 2010.ليست فقط أهدافه ما يتحدث عن موهبته بل قدرته على المراوغة، مستلهماً في ذلك مثاله الاعلى خلال ايام الصبا الدنماركي مايكل لاودروب.هو لاعب قادر على ملء الملعب نشاطاً، وكما قال يوماً مدربه الهولندي السابق فرانك رايكارد: «يمارس كرة القدم كما لو انه يتلذذ بتناول الحلوى مع اصدقائه».على المستوى الشخصي، يُعرف عن انييستا إخلاصه لعمله، تركيزه والإحترام الكبير الذي يوليه لالتزاماته.يقول الصحافي الاسباني غيلليم بالاغيه بأنه التقى انييستا في «كامب نو» خلال الايام الاخيرة للبرازيلي رونالدينيو مع برشلونة، ويكشف بأن اندريس كان مستاء لأن زملاءه يفتقدون الى الالتزام غير انه لم يكن يقوى على التعبير عن سخطه.في الموسم التالي، تبدل الوضع عندما تسلّم جوسيب غوارديولا الفريق، فارضاً كل المبادئ التي آمن بها انييستا.«بيب» وضع كامل ثقته في اندريس وخصوصاً انه كان الموجّه الاول له قبل اعتزاله اللعب، وحينها قال غوارديولا لتشافي هرنانديز: «هذا الولد سيتجاوزنا، انت وانا، بنجوميته».في 2010، كان واحداً بين افضل ثلاثة لاعبين في العالم إذ جرى اختياره الى جانب زميليه في برشلونة، تشافي والارجنتيني ليونيل ميسي، في اللائحة النهائية المصغرة للمرشحين للفوز بـ«الكرة الذهبية» التي تمنح سنوياً لأفضل لاعب في العالم من قبل الاتحاد الدولي ومجلة «فرانس فوتبول».صحيح ان ميسي انتزع الجائزة الا ان كثيرين رأوا بأن انييستا كان الأجدر بها.في ذاك اليوم، ادرك تشافي بأن الفرصة لن تسنح له مجدداً للفوز بـ«الكرة الذهبية» نظراً الى تقدمه في السن، فيما كان يُنتظر ان يُكرّم انييستا نظير هدفه في نهائي مونديال 2010.شعر ميسي، بينه وبين نفسه، بأن زميليه لم يرُقْ لهما تماماً فوزه بالجائزة، فعبّر عن احساسه بالضيق نتيجة حصوله عليها، الأمر الذي دفعه الى طلب تسليمه «الكرة الذهبية» وزميليه الى جانبه في «كامب نو».بدأت سنة 2010 ضبابية لانييستا الذي فقد ابتسامته نتيجة اصابة تعرض لها وهددت مشاركته في مونديال جنوب افريقيا، فضلاً عن وفاة اقرب صديق اليه دانيال خاركيه قائد اسبانيول الذي اسلم الروح بعد ازمة قلبية عن 24 عاماً.بعد تسجيله هدف الفوز على هولندا، خلع انييستا قميص المنتخب، فظهرت تحتها قميص بيضاء كتب عليها تحية خاصة لخاركيه، الامر الذي لاقى استحساناً لدى الجميع.قبل المونديال، عاش مرحلة من الشك حول قدرة كرة القدم على اعادة الابتسامة اليه. اكتشف خلال تلك الفترة من هم اصدقاؤه الفعليّون واستند الى المبادئ التي ورثها عن اسرته واهمها التواضع والعمل من دون كلل او ملل.خرج من الظلمة متوّجاً بكأس العالم، ومقتنعاً بأن السعادة لا تولد بفضل أهداف او القاب، بل من خلال الاستمتاع بما يقوم به.دخل مجدداً السباق على «الكرة الذهبية» عام 2012، بيد انه اشار الى ان الجوائز ليست شرطاً لإثبات المستوى.وأكد: «انني سعيد بأن يتم تقديري. ليست هناك حاجة للاشادة بي. ليست مسألة جوائز. المرء لا يحتاج الى جائزة لمعرفة اذا ما كان يقوم به جيداً ام سيئاً».واستعرض مسيرته، محللاً الأسباب التي قادته الى النجاح، حيث ابرز العلاقة الوثيقة بين عمله كلاعب وحياته اليومية: «آمنت بأن ما انا عليه خارج الملعب هو ما أظهره داخله. حياتك هي حياتك اجمالاً. هكذا تحيا، هكذا تلعب»، واضاف: «في النجاح يصيبك الجنون وهذا رائع، لكن في النهاية ما تستمتع به هو الطريقة التي حققته بها والوسيلة التي وصلت بها اليه. المهم هو الطريق الذي تقطعه، وليس الهدف الذي تصل اليه».واعترف بأنه يفتقد العلاقة الشخصية مع مدربه السابق غوارديولا.في 2012، نال ميسي مجدداً «الكرة الذهبية» فيما اكتفى انييستا بجائزة افضل لاعب في اوروبا.كُتب على إنييستا ان يعيش معظم فترات تألقه مع ناديه في ظل ميسي الذي خطف منه «الكرة الذهبية» عام 2010، بيد انه فاز، بحسب المبادئ التي آمن بها، بالكثير لأنه لم يستمتع فقط بما أدّاه في الملعب، بل جعل الملايين يستمتعون بحرفنته وعبقريته.مع المنتخب، بات القائد وهو من قام بالتمريرة التي احرز منها جيرار بيكيه هدف الفوز في اللحظات الأخيرة على تشيكيا في المباراة الاولى للفريق ضمن «يورو 2016».لا خلاف على ان وجود انييستا في برشلونة وفي المنتخب يشير الى ان سنوات المجد التي يعيشها الفريقان لم تنتهِ.فوق كل ذلك أثبت أندريس بأن «الكرة الذهبية» لا يمكن ان تحدد نسبة نجاحه رغم ان التاريخ سيحتفظ في سجلاته بأسماء الفائزين فقط من دون الاتيان على ذكر من كانوا ربما أحق بزفّة تمجيد على دروب اللعبة الأكثر شعبية.
رياضة - رياضة أجنبية
إنييستا... أكبر من «الكرة الذهبية»
إنييستا... «انتعاشة تألق» لمنتخب إسبانيا
05:22 م