نتعلم من أيام وليالي شهر رمضان الكريم، الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية والإسلامية، كي نجعلها نبراسا لا يخفت مفعوله بمجرد انقضاء هذا الشهر الفضيل.نعرف كما يعرف الجميع أن رمضان... شهر فضّله الله على أشهر السنة لأن فيه ركنا مهما من أركان الإسلام وهو الصوم، وهذا الصوم لو تأملناه جيدا لعرفنا انه لا يقتصر فقط على مظهره الخارجي الذي يمثله الامتناع عن الأكل والشرب وخلافه خلال فترة الصوم الممتدة من الفجر حتى المغرب، ولكنه أيها الإخوة الأحباب... يمثل كل جوانب الخير والصلاح والإنسانية، فببساطة شديدة جعل الإسلام كل القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة والأفعال الباقية، في الصوم كي يعطي للبشرية صورة متكاملة عما يمكن فعله كي يكون الكائن البشري إنسانا يليق بإنسانيته، وليس صورة مشوهة لا تمثل الإنسان إلا في الاسم والتصرفات والتفكير.الصوم معناه الرحمة... فأنت تشعر خلال فترة الصوم بالجوع الذي بكل تأكيد يحس به اخوة لك في الإنسانية على سطح هذه الأرض الممتدة من المشرق إلى المغرب من الشمال إلى الجنوب، تحس بلدغة الجوع وهي تسري بين أحشائك، فتتذكر أن هناك في أقصى الأرض طفلا يتلوى جوعا، وهو لا يجد قطعة خبز أو شربة ماء تعينه على أن يقف على قدميه، فتسارع في فعل الخير، والانتفاض لإنسانيتك، من أجل تخفيف ما تيسر لك من معاناة هؤلاء المساكين الفقراء، بالذي يتوافر لك من خير. الصوم معناه الشفقة... فأنت تشفق على كل من تجده أمامك غير قادر على أن يوفر لنفسه وأطفاله السبل التي تحفظه من الحاجة والمذلة، بقدر ما تستطيع، لأنك تصوم تقرّبا إلى الله، وخشية منه، وحبا في خلقه، لذا فإنك ستكون صاحب قلب شفاف يشفق على كل البشر.الصوم معناه الصبر على الحياة، وعلى ما يمكن أن تفعل بك من كرب أو مصائب، فقد صبرت على تناول الملذات طائعا مطيعا لأوامر الله، لذا فإنك ستكون صابرا على أي مصيبة تعترضك، وستقف لها وقفة مؤمن قوي الإيمان.الصوم... يؤسس في نفسك مشاعر الحب والسلام، لأنك تمارس طقسا إيمانيا رائعا أمرك الله بممارسته، ومن ثم فإنه لن يكتمل إلا وأنت محب للبشر جميعا، وبعيد عن إيذاء الآخر، وساع إلى السلام، ومحب للخير وغير قابل لأن تكون شخصا عدائيا عدوانيا ومتطاولا على الآخرين.الصوم... يبني فيك الشخصية الإنسانية المتكاملة التي تجعلك فعّالا للخير، ومسارعا إلى المغفرة، وسعيدا بكل عناصر الحياة خيرها وشرها، ولديك الاستعداد الكافي لأن تناصر الضعفاء وتقف في وجه كل معتد، وكل ظالم.الصوم أيها الأحباب... سعادة للنفس وبهجة للروح، ولو تكلمنا في الصفات التي يزخر بها الصوم لكتبنا المجلدات ولكنني أعطيت فقط إضاءة بسيط خلال هذه السطور، كي نكون قريبين من هذه الحكمة الربانية التي وضعها الله في الصوم.وندعو الله أن ينعم عليكم بالخير والسعادة خلال هذه الأيام الرمضانية المباركة، ومبارك عليكم الشهر.* كاتب وأكاديمي في جامعة الكويتalsowaifan@yahoo.com
محليات - ثقافة
إضاءات / رمضان... المبادئ والقيم
02:28 م