بدأ في بيروت انحسار عاصفة الغبار السياسي التي رافقت الانتخابات البلدية ونجمت عنها والتي كادت ان تتسبب بـ«سوء انقشاع» للوقائع التي تتحكم بمسار الواقع اللبناني المحكوم بمعادلةٍ طرفُها الاول سياسي - دستوري ويتجلى في تعليق الدولة واستحقاقاتها في انتظار اتضاح الخيط الابيض من الاسود في الصراع الاقليمي اللاهب في المنطقة، وطرفها الثاني أمني ويتمثّل في القرار الدولي - الاقليمي الكبير بحراسة الاستقرار اللبناني كـ «مستودعٍ» لنحو 1.5 مليون نازح سوري.وشكّل «اوّل الكلام» لزعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري حيال الانتخابات البلدية ونتائجها، والعلاقة مع المملكة العربية السعودية وما أثير في شأنها، واتفاق الطائف كملاذ وحيد، مكاشفة صريحة وجريئة في شأن الصورة المأزومة التي خرج بها «تيار المستقبل»، الذي تعرّض لانتكاسة انتخابية صادمة في طرابلس، كان من تداعياتها تحميل وزير «المستقبل» نهاد المشنوق السعودية مسؤولية الخيارات غير الشعبية التي اعتمدها الحريري.ويوحي الحريري بأنه قرر عبر إطلالاته الرمضانية «فتح دفاتره» في مراجعة علنية لادائه السياسي والوطني والتنظيمي والداخلي على حد سواء، خصوصاً انه بدا اخيراً وكأنه في «عين العاصفة» من خلال مجموعة من الوقائع ابرزها:•«الوعكة» التي أصابت علاقته بحليفه المسيحي «القوات اللبنانية» غداة مبادرته الشهيرة التي تمثلت في تبني ترشيح النائب اللصيق بـ «حزب الله» والنظام السوري سيلمان فرنجية للرئاسة، الأمر الذي ردّ عليه رئيس «القوات» الدكتور سمير جعجع بترشيح خصمه المدعوم من «حزب الله» وايران زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون.•الاختبار الشعبي، الذي جاءت نتائجه سلبية في الانتخابات البلدية في بيروت التي فازت بها اللائحة المدعومة من الحريري لكن بـ «تصويت ضئيل»، وفي انتخابات طرابلس التي فاز بها الوزير المستقيل والخارج على الارادة السياسية للحريري اللواء اشرف ريفي، على اللائحة المدعومة من زعيم «المستقبل».•حملات خصوم الحريري المتوالية التي تشكّك في علاقته بالمملكة العربية السعودية، وهي الحملات التي تَعاظمت بعد العاصفة التي فجّرها الوزير المشنوق عبر تحميله السياسة السعودية مسؤولية التراجعات في شعبية الحريري.وبقيت إطلالة الحريري غروب أول من أمس وكلامه امام حشد من رؤساء الطوائف والمذاهب وممثليهم محور تدقيق في بيروت، امس، لا سيما انه وجّه رسالة معبّرة بإعلانه في ما خص نتائج الانتخابات البلدية، أنه لن يلقي المسؤولية في أي اتجاه «فأنا المسؤول عن استخلاص نتائج الانتخابات وساتحمل النتائج مهما كانت قاسية»، مشدداً على التمسك «بمدرسة رفيق الحريري في الاعتدال والعيش المشترك والانفتاح والمناصفة التامة بين المسيحيين والمسلمين»، ومؤكداً تمسك تيار «المستقبل» باتفاق الطائف «بما هو مشروع بناء الدولة السيدة على كل أراضيها الممتلكة وحدها حصرية السلاح».والأهمّ كان تطرُّقه الى الموقف من السعودية قائلاً ان المملكة «وقفت وتقف وستبقى تقف في كل المراحل مع لبنان لأجل مشروع الدولة فيه لا لأجل مصلحة لها، ولا لأجل فئة من اللبنانيين دون أخرى»، شاكراً اياها «على كل مساعيها السياسية في كل المراحل التي مرّرنا بها، وكل مساعداتها الإنمائية والاجتماعية».وتوجّه الى من يريد الاصطياد في ماء يريده عكراً: «ان ما من شيء يمكنه أن يُعكّر العلاقة بيننا وبين المملكة العربية السعودية»، مضيفاً: «انطلاقاً من أن خيار المستقبل من مدرسة الوفاء، والمملكة مملكة الوفاء ومَن باله مشغول بهذا الأمر فليطمئن، ومن لديه سوء نيّة لا يسعنا خلال شهر رمضان الا أن نقول سامحه الله».ويُذكر ان السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري سيقيم افطاراً في دارته في اليرزة يوم الجمعة المقبل، دعا اليه رئيس الوزراء تمام سلام ورؤساء الوزراء السابقين ومفتي الجمهورية اللبنانية وسائر مفتي المناطق. علماً ان دوائر سياسية خبيرة في الشؤون اللبنانية - السعودية تتعاطى مع هذه الدعوة على انها في سياق رغبة المملكة في توحيد الصف السُني ولكن من ضمن «تقدُّم الرئيس الحريري على الآخرين».
خارجيات
السفير السعودي يجمع سلام ورؤساء الحكومة السابقين والمفتين في افطار الجمعة
الحريري بدأ بـ «فتْح دفاتره»... ورسائله برسْم الداخل والخارج
03:36 م