في رصيدها الفنّي العريق ما يزيد على 700 أغنية بلهجات متنوّعة، إلى جانب عشرات الأعمال التلفزيونية الغنائية لمصلحة محطات لبنانية وسورية وأردنية وخليجية.إنها الفنانة اللبنانية هيام يونس التي تروي لـ «الراي»، في هذا الحوار، كيف بدأت مسيرتها الطويلة كطفلة معجزة في السينما المصرية، حين شاركت عملاقة التمثيل آنذاك، أمينة رزق وكمال الشناوي في فيلم «قلبي على ولدي».تحمل ألقاباً كثيرة حصدتها على امتداد مراحلها الفنية، بدءاً بـ «الطفلة المعجزة»، و«معجزة القرن العشرين»، وهو اللقب الذي أغدقه عليها الرئيس اللبناني الراحل بشارة الخوري الذي احتضنها مع الرئيس الراحل رياض الصلح، ثم بلقب «نجمة الشرق»، حين باعت إحدى أغنياتها مليون نسخة، وبعدها «مطربة القصائد»، فـ«المطربة المثقّفة». ولإحساسها المرهف وصفها الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب بـ «صاحبة أخطر إحساس».هذه الألقاب كلّها جمعتها المطربة القديرة هيام يونس في شخصيتها الفنية والإنسانية وجابت بها العالم العربي، منشدةً بلهجاتِ مختلف الأقطار، حتى لقّبها النقّاد بـ «الجامعة العربية الفنية».وفي حوار عن الذكريات الجميلة تروي هيام يونس لـ «الراي» كيف بدأت مسيرتها ومَن التقت في حياتها، ولماذا اعتكفت وما خطوتها الفنيّة الجديدة:• إلى جانب موهبتك الغنائية لديك موهبة التلحين التي تجسدت في «دق بواب الناس»، وهي تُعتبر من أشهر أغنياتك حتى اليوم؟- موهبة التلحين لم تأت بالمصادفة، لأنني تتلمذتُ على يد كبار الموسيقيين في مصر، وكنت أتلقى دروساً في العزف وعلم النوتة، و«دق بواب الناس» هي أوّل ما لحنتُه، وللحقيقة لم أتوقع أن تنال هذا النجاح حتى اليوم. كما لحنت «عيناه لبن على سكر». و«يا سبحان الله»، أغنية «دق أبواب الناس» أصبحت بمنزلة هوية لي، وأنا لا أعرف سرّها إلى الآن، وكما أسميها دائماً هي أغنية البرَكة التي عاشت وما زالت تعيش إلى اليوم، ومن الأغنيات الخالدة التي لم تمت، وهذا رضا من الربّ.• تزامن ظهورك الفني مع ظهور الفنانة الكبيرة سميرة توفيق التي تفرّدت باللون البدوي، وأنتِ قدمتِ ما يشبه هذا اللون، كيف كانت المنافسة والغيرة بينكما؟- صدقّني إذا قلتُ إنه لم تكن الغيرة قائمة إطلاقاً بيني وبين سميرة، ولا حتى بين أي فنانة وفنانة آخرى، كنا نعيش في زمن الحب والاحترام، وليس كما نرى ونسمع اليوم من تَطاوُل وتجريح بحق بعض الفنانين ضد البعض الآخر. وبصراحة كانت سميرة وغيرها يشاهدون حفلاتي ويتصلون بي للتهنئة، وكذلك كنتُ أفعل أنا. وبالمناسبة هناك فارق بين لوني ولون سميرة واضح تماماً، فأنا غنيتُ اللهجة الخليجية التي تختلف بين دولة وأخرى، فيما سميرة غنت اللون البدوي باللهجة البيضاء.• بمَن كانت تربطك علاقات صداقة مع أبناء جيلك؟ وما ذكرياتك الجميلة معهم؟- الحقيقة أنني كنتُ شخصية «بيتوتية» نوعاً ما، وكنتُ أنتهي من عملي وأسارع بالعودة إلى منزلي، لكن هذا لا يمنع أنني كنت أزور عدداً من الفنانين أو نلتقي في بعض المناسبات، ومن بين هؤلاء صباح وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم.وفي هذه المناسبة أودّ أن أذكر موقفاً جميلاً للفنانة الراحلة صباح، وهو يدلّ على طيبتها وأخلاقها العالية، وهو وقوفها إلى جانب شقيقي الراحل شوقي. وأذكر هنا أنني كنتُ عائدة من دمشق مع شقيقي شوقي بسيارته، وعلى طريق المصنع في المنطقة الحدودية بين لبنان وسورية وقع حادث سير كبير معنا، وتعرّضتُ لبعض الرضوض والكسور، فيما مُني أخي بإصابات بالغة أفضت إلى وفاته في نهاية المطاف. وبعدما نُقل إلى مستشفى في زحلة (في البقاع اللبناني)، كانت صباح حريصة على الاطمئنان عليه يومياً، وكانت تأتي أسبوعياً إلى زحلة لزيارته حتى وفاته في المشفى.• حياة هيام يونس الخاصة كانت بعيدة جداً عن الإعلام لدرجة أن عدداً كبيراً من الجمهور لا يعلم أنك متزوجة منذ أعوام طويلة، لماذا؟- أنا في الحقيقة كنتُ حريصة جداً على موضوع الخصوصية، وإبقاء حياتي بعيدة عن وسائل الإعلام، ولذا لم تطَلني الإشاعات والأقاويل. لا أحب المزج بين حياتي الخاصة - التي أصفها بالبساطة - وفني بكل تقاطعاته. لا توجد أسرار في حياتي وأقسم بالله والجميع يشهدون أنني سلكت الطريق النظيفة في الفنّ، أنا امرأة زاهدة جداً، وفي أوقات فراغي أكتب الشعر وأقرأ الأدبيات. تزوجتُ من أنطوان شهوان قبل أعوام طويلة، وسكنتُ في المنزل الذي اشتراه هو. وهل تصدّق أنني رغم كل نجاحاتي وأعمالي وأسفاري لم أستطع أن أجني المال الكافي لشراء شقة، وذلك لأنني كنت مسؤولة عن عائلة كبيرة؟ نحن 13 ولداً وأنا أعول جزءاً كبيراً من هذه العائلة.• هل نستطيع القول إن هيام يونس معتزلة؟ ولماذا أنتِ بعيدة عن الوسط الفني؟- لم أعتزل إطلاقاً، وأنا فخورة بمسيرتي الفنيّة المشرّفة. أنا وأبناء جيلي كافحنا وقاومنا وتعبنا حتى تمكنا من الوصول، في حين لم يكن يوجد سوى إذاعة واحدة و«تلفزيون لبنان» فقط، بعكس اليوم حيث يحظى الفنان بالكثير من التسهيلات كي يصل في يومٍ. أنا لم أعتزل، ولكنني معتكفة. ومنذ 7 سنوات سافرتُ إلى قطر وأحييتُ حفلة غنائية وكانت موجودة معي نانسي عجرم التي أحبها كثيراً وأطلق عليها «الفراشة»، وغنينا معاً «دق بواب الناس».• في هذا المضمار، هل يزعجك إعادة البعض أغنياتك، لا سيما أنهم لا يذكرون المصدر؟- لا أنزعج بتاتاً من الإعادة، ولكنني أحزن لعدم ذكر المصدر. فمن باب الأخلاق والمهنية على مَن يرغب في إعادة أي أغنية أن يستسمح صاحبها، ويذكر الفنان الأصلي، وأنا حزنت من المطرب طوني كيوان الذي أحبه جداً، لأنه سجل أغنية «دق بواب الناس» من دون ذكر المغني والملحن الأصلي، ما اضطرني إلى أن أرفع عليه دعوى، ثم تمت المصالحة في ما بعد.• ما المسرح الذي وقفتِ تغنِّين عليه وتشعرين بالحنين إليه؟- بكل صراحة أحببتُ مسرح جرش، وقد حصلتُ على لقب «رائدة من رائدات الأغنية الأردنية»، وهذا اللقب أعتزّ به، ومسرح جرش من أجمل المسارح التي غنيتُ عليها، إلى جانب مسرح «قرطاج» الذي حققتُ عليه نجاحاً كبيراً.• هل لديك نية العودة إلى الأضواء من جديد، خصوصاً أننا علمنا اعتزامك إصدار ديوان شعر... ما صحة ذلك؟- صحيح، أنا فعلاً بصدد تحضير ديوان شعري سيُطرح قريباً، وهو أقرب إلى مجموعة خواطر تتضمن النثر والشعر في آن، كما أتأهب لإطلاق ألبوم غنائي جديد مع الملحن الرائع هشام بولس والشاعر العظيم نزار فرنسيس، وسأجدد بعض الأغنيات القديمة بينها أغنية لشقيقتي الفنانة الراحلة نزهة، وهي «برج الحمام»،وربما بعد عيد الفطر يكون الألبوم جاهزاً وقد سجّلتُ أغنيتين منه حتى الآن.
فنون - فوانيس رمضان
حديث الذكريات / «معجزة القرن العشرين» قلّبت ذكرياتها واستعادت زياراتها للكويت (2 - 2)
هيام يونس لـ «الراي»: أتحسَّر كثيراً... لأنني لم أنل حقي!
11:29 ص