يوم السبت 6 سبتمبر كان المصريون على موعد مع «مصيبة جديدة»، فقد انهار جزء من صخور جبل المقطم، لتسقط الكتل الحجرية الكبيرة على سكان منطقة الدويقة العشوائية الكائنة في بطن الجبل، ولتتهدم البيوت فوق السكان الذين دفنوا أحياء وتفشل جميع المحاولات لإنقاذهم لأسباب متعددة، منها وعورة المنطقة الشديدة، وصعوبة وصول الأجهزة اللازمة لإنقاذهم.
/>وتسارعت القنوات الفضائية لتبث مشاهد مروعة ومحزنة للكارثة، ولكن كان أسوأ من الكارثة الفساد في المحليات الذي وصفه منذ أعوام في البرلمان المصري مسؤول كبير في الدولة هو السيد زكريا عزمي الذي أشار إلى أن الفساد في المحليات وصل إلى الركب، ولكن الحقيقة أن الفساد بلغ الأعناق حتى دفن الناس أحياء في منطقة الدويقة.
/>فواقع الحال لمشهد الكثيرين من موظفي المحليات في مصر صورته مظلمة من تفشي الفساد كالرشوة والمحسوبية بطريقة فجة.
/>المشكلة في منطقة الدويقة «حتى منشاة ناصر» معروفة منذ أعوام، فهي منطقة عشوائية المساكن تم بناؤها في مناطق مختلفة من بطن الجبل من دون أدنى مرافق مياه شرب وصرف صحي، ولا حتى كهرباء والتي تتم سرقتها، وموظفو المحليات يعلمون تلك المخالفات ويتغاضون عنها مقابل ما يتقاضونه من رشوة.
/>لكن الأخطر تصدع الجبل منذ أعوام وتساقط أجزاء من صخور الجبل على السكان فقتلت منهم عدداً من قبل، ولكن يكفي أن الكارثة لوحت بالإشارة، وهنا الدولة أدركت الخطر وسارعت إلى بناء مساكن بديلة، لكن ما حدث كان قمة في الفساد.
/>فقد تم بناء عشرة آلاف وحدة سكنية، ولكن للحصول على شقة لابد أن يتم عبر موظفين لا يهمهم غير مصالحهم الخاصة، لتظل الشقق السكنية مهجورة ولا يشغلها ويفوز بها إلا من يدفع لبعض الموظفين الرشوة وسكان المنطقة فقراء لا يقدرون على دفع المطلوب.
/>ومشكلة تساقط الجبل بسبب الصرف الصحي، وتفتت مكونات الجبل بسبب تربته الجيرية، مشكلة كانت معروفة وخطرها كان معروفاً، ذلك أنه في لحظة ما سوف تحدث مصيبة.
/>ولكن اللامبالاة كانت هي العنوان حتى وصلت المأساة إلى ذروتها بسقوط جزء كبير من صخور الجبل على السكان في صبيحة السبت يوم 6 سبتمبر الموافق 6 رمضان في كارثة نتج عنها مقتل أكثر من 90 شخصاً وأكثر من سبعين جريحاً.
/>الدولة سارعت إلى الإعلان عن تسكين أهالي المنطقة في مناطق بديلة، ولكن بعد ما وقعت الكارثة.
/>الموظفون المصريون، والكثيرون منهم شرفاء يعملون بجد وأمانة في ظل رواتب ضعيفة لكنهم صابرون، البعض منهم يجعلك تظن أنه قابع في مكتبه من أيام الفراعنة، وأنه سليل عائلة «أمنحتب» لتعمده الروتين الممل. لذلك نجد أنه لجأت قلة فاسدة إلى استغلال هذا التعقيد الروتيني الممل في فتح الأبواب الخلفية للفساد، وقد تنامى الفساد مع غلاء الأسعار والمشاكل الاقتصادية وضياع الدين والأخلاق حتى وصل الأعناق وليس الركب.
/>ويبقى أن المشهد كان حزيناً في شهر رمضان، فقد دُفن الناس وهم أحياء. ومسؤولون لا يلقون بالاً لحجم المصيبة، وهم يقفون أمام مكان الكارثة يطلقون تصريحات وردية، رغم أن المشهد جنائزي.
/>ولكن هل سيدفع الحزن إلى القضاء على فساد موظفي المحليات. إنها أمنية لكل مصري ولكن تحقيقها مازال صعباً، فالفساد توحش وتكاثر والقضاء عليه يحتاج ثورة كبيرة ولكن كيف: هل بتنظيم وتصحيح إداري أم بعقوبات رادعة أم بماذا؟ وأخيراً لقد سقط جبل المقطم ولسان حال الناس في مصر يقول متى يسقط الفساد في المحليات (المجلس البلدي ) في مصر؟
/> ممدوح إسماعيل
/>محامٍ وكاتب مصري
/>elsharia5@hotmail.com
/>