لن تنكفئ الحركة السياسية في بيروت خلال شهر رمضان المبارك الذي سينطلق على وقع تَفاقُم ارتدادات الانتخابات البلدية، وما كرّستْه جولتها الأخيرة خصوصاً والفوز الذي حققه وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي في طرابلس من شروخٍ داخل «تيار المستقبل» وبيئته الحاضنة وصولاً الى ما أفرزته من «غبار» ديبلوماسي على خلفية اتّهام وزير الداخلية نهاد المشنوق السياسة السعودية ابان عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بأنها تتحمّل مسؤولية الخيارات التراجعية التي اتّخذها الرئيس سعد الحريري منذ 2009، ودفع ثمنها شعبياً في الانتخابات، وكلامه عن الدور البريطاني والأميركي والسعودي في ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.واذا كان الانتصار الذي حققه ريفي في عاصمة الشمال ثم «القنبلة» التي شكّلها كلام المشنوق هما في الدرجة الاولى برسْم الحريري، فإن الأنظار تشخص الى سلسلة الإفطارات التي سيقيمها زعيم «المستقبل» في منزله ابتداء من الخميس المقبل، باعتبار انها ستشكّل مناسبة يتناول فيها مجمل ما رافق الانتخابات البلدية وتلاها، وسط رصْد لما اذا كان سيسبق ذلك اي كلام تعليقاً على ما قاله وزير الداخلية ولا سيما ان الرياض كانت سارعت الى الردّ المعبّر عبر سفيرها في بيروت مستغربة «إقحامها في الملفات الداخلية اللبنانية».وفيما كثرت علامات الاستفهام حول دلالات صمت الحريري حتى الساعة عما قاله المشنوق، والذي اعتبرته دوائر سياسية انه يطال في جانب منه المملكة، ولو عبر انتقاد العهد السابق فيها، كما يطال في جانب آخر صورة زعيم «المستقبل» وطبيعة علاقته مع الرياض، فإن الإسقاطات الرئاسية لما أدلى به وزير الداخلية راوحت بين انها شكّلت خدمةً للعماد ميشال عون الذي يدعمه «حزب الله» و«القوات اللبنانية»، وبين انها أحرجت فرنجية نتيجة تظهير المسار الخارجي لترشيحه من الحريري، على انه تم بضغط بريطاني - اميركي - سعودي، وإن كان اختياره وُضع في سياق كونه «عامل طمأنة لـ«حزب الله».وكان لافتاً امس ما نقلته صحيفة «اللواء»، غير البعيدة عن الحريري، عن مصدر واسع الاطلاع من أن كلام المشنوق لم يكن منسقاً مع زعيم «المستقبل»، وأن الأخير ركز في اتصالاته على احتواء التداعيات السلبية له، ناقلة ايضاً عن مصدر ديبلوماسي عربي وصْفه ما أدلى به وزير الداخلية، بأنه «إساءة سياسية في هذا التوقيت، وعملاً بقول المثل: أراد أن يكحلها فعماها، وبالتالي لم يكن امراً ضرورياً لتبرير ترشيح فرنجية الخوض في ما حصل وسبق هذا الترشيح».وفي تصريح له أمس، قال المشنوق:«صحيح أنني لا أمثل المستقبل في ما قلته لكن كلامي يمثل الضمير المستتر للمستقبل وقد حان الوقت لقول الوقائع كما هي ودون مواربة».وفي موازاة هذه الارتدادات لانتخابات طرابلس، لم تقلّ صخباً التداعيات التي ترتّبت على انكشاف «انكسار الجرّة» بين «حليفيْ الأمس» في 14 آذار والرافعتين المسيحية والاسلامية لهذا التحالف، اي «القوات اللبنانية» بقيادة الدكتور سمير جعجع وتيار «المستقبل» على خلفية مجمل ما رافق الاستحقاق البلدي وصولاً الى السجال الكلامي غير المسبوق ليل الاربعاء بين كل من جعجع والحريري.ورغم محاولات الطرفين، اول من امس، الإبقاء على «شعرة معاوية» وتفادي «حرق المراكب» في العلاقة بينهما، وهو ما عبّرت عنه مذكّرة داخلية أصدرها جعجع وأوعز فيها الى جميع نواب ومسؤولي وقيادات وكادرات ووسائل الاعلام التابعة للحزب عدم التعرض لتيار المستقبل بأي شكل، الا ان السخونة السياسية التي كانت بلغت ذروتها بين الحليفين إعلامياً، وجدت «متنفّساً» لها في نهائي بطولة لبنان في كرة السلة بين الفريقين المحسوبيْن على «المستقبل» و«القوات» اي نادي الرياضي ونادي الحكمة، حيث وقع ليل الجمعة إشكال كبير في ملعب «الحكمة» في غزير قبل نحو دقيقتين من انتهاء الربع الثالث من المباراة السادسة (من سبع) بينما كان الرياضي متقدما بعشر نقاط، تخللته هتافات طائفية وشتائم وصولاً الى رمي إداريي «الرياضي» بعبوات المياه ما ادى الى اصابة امين سرّ النادي مازن كبارة بجرح في رأسه وسقوطه أرضاً.ورغم التبريرات التقنية لما شهده ملعب غزيز شمال بيروت وتبادُل المسؤوليات عن «الاستفزازات» وصولاً الى تعليق المباراة والدعوة الى اجتماع استثنائي لاتحاد كرة السلة امس لتحديد الخطوة التالية وامكان استكمال النهائي، فإن ما رافق الإشكال وسبقه من مناخ شحنٍ بدا من الصعب عزله عن توتّر العلاقة بين «القوات» و«المستقبل»، وقد اعتُبر «إنذاراً» الى الفريقين السياسييْن بأن «الطلاق بينهما» اذا حصل يعيد اللعبة السياسية الى المربّعات الطائفية والى زمن الحرب الاهلية.وفيما كانت مواقع التواصل الاجتماعي تضجّ بـ «طوفان» تعليقات عن ملابسات الإشكال الذي حال دون تفاقُمه الحضور الأمني الكثيف الذي وفّر الحماية للاعبي الرياضي وعائلاته التي كانت على أرض الملعب، وصولاً الى كلام البعض عن ان ما يجري هو عبارة عن «كرة سلة»، وسط الخشية من ان يكون الأمر بمثابة «كرة سلة عين الرمانة» في اشارة الى حادثة بوسطة عين الرمانة التي شكلت الشرارة التي أشعلت الحرب في 13 ابريل 1975، عبّر منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيْد عن مقاربته لما جرى رافضاً «ان تتحول ملاعب لبنان ساحات للمواجهة الطائفية بسبب الشحن السياسي خارج الرياضة».