شكّلت زيارة نائب وزير الخزانة الأميركية دانيال غلايزر لبيروت ولقائه كبار المسؤولين السياسيين والمصرفيين تطوراً بالغ الأهمية في مسار قانون العقوبات الاميركية على «حزب الله» الذي بدأ سريانه منتصف ابريل الماضي والذي وضع «المركزي اللبناني» والبنوك المحلية امام تحدّي المواءمة بين التزام موجبات هذا القانون الرامي الى تجفيف منابع تمويل الحزب وبين تفادي انزلاق تطبيقه، من زاويةٍ «احترازية»، نحو معاقبة طائفة بكاملها (الشيعية) تمثّل ودائعها ثلث الموجودات في القطاع المصرفي وتناهز 52 مليار دولار.وجاء «الإعلام التوضيحي» الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول قانون العقوبات الاميركية (2297) بالتزامن مع زيارة غلايزر ليوفّر عنصر طمأنينة مزدوجاً:أوّلاً لـ «حزب الله» مع إعادة زمام القرار في تنفيذ بيروت الموجبات التي يفرضها القانون الاميركي الى «المركزي» عبر هيئة التحقيق الخاصة فيه التي بات يتعيّن على المصارف والمؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة المالية «عدم اتخاذ أي تدابير لجهة إقفال أي حساب عائد لأحد عملائها أو الامتناع عن التعامل معه أو عن فتح أي حساب له قبل مرور ثلاثين يوماً على إبلاغ الهيئة، على أن يتضمن هذا التبليغ توضيحاً للأسباب الموجبة التي تبرّر اتخاذ هذه الإجراءات والتدابير، وإذا لم يرِدْ أي جواب من»هيئة التحقيق الخاصة»خلال المهلة المذكورة أعلاه، يعود للمصارف وللمؤسسات المعنية اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الشأن.واذا كان هذا «الإعلام» التصحيحي للتعميم 137 (صدر في 3 مايو الجاري حول تطبيق القانون 2297) والذي يُبعِد القانون الاميركي عن ايّ استنسابية او مغالاة في التطبيق من المصارف المحلية يستثني بطبيعة الحال الاشخاص أو المؤسسات المدرجة أسماؤهم على اللائحة السوداء الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأميركية OFAC، فإن تحديد 3 مايو 2016 تاريخاً لبدء سريان مفعوله لم يبدُ كافياً لـ «حزب الله» الذي كان طالب، بعيد تفجير «غضبته» على المصارف مع انكشاف قفْل حسابات لنائبيْن فيه ولمؤسسات وأشخاص من بيئته، بأن يكون المفعول الرجعي للتطبيق متطابقاً بالحدّ الادنى مع بدء سريان القانون الاميركي.وكانت كتلة نواب «حزب الله» جددت قبل صدور «الإعلام» إدانتها لـ «الاعتداء الأميركي على سيادة لبنان من خلال قانون العقوبات الماليّة وأي تواطؤ معه».اما الطمأنة الثانية فكانت لغلايزر الذي التقى، امس، رئيس الحكومة تمام سلام مستكملاً اجتماعاته التي شملت وزير المال علي حسن خليل وحاكم «المركزي» وجمعية المصارف، شارحاً الآليات التطبيقية لقانون العقوبات وموجهاً رسالة من شقين: الاول مرِن وأكد فيه ان «واشنطن حريصة جداً على استقرار لبنان السياسي والأمني والاقتصادي والمصرفي، وهي تدعم مؤسساته العسكرية والأمنية في حربها ضد الإرهاب، كما تدعم مؤسساته الدستورية، مع التشديد على ان لا استهداف لطائفة او مجموعة لبنانية». والشق الثاني متصلّب وحمل «تأكيداً على وجوب التزام القانون الرامي الى محاربة حزب الله والتدقيق في حجم العمليات المالية وقيمتها ووجهتها، وتشديداً على اننا لا نزور لبنان للتفاوض بشأن القانون ولا نستقبل الوفود اللبنانية للأخذ والرد بالقانون، بل بسبل تطبيقه».