تتعجب من بعض السلوكيات التي يُمارسها الغرب، وهي من أخلاق الإسلام، ومن سلوكيات يمارسها بعض المسلمين، وهي من أخلاق الجاهلية!رأينا في أميركا كيف وصل أسود من أصول أفريقية إلى البيت الأبيض. وتابعنا فوز صادق خان، وهو بريطاني مسلم من أصل باكستاني ليصبح عمدة لندن.لقد تجاوز الغرب التمييز العنصري، والتعالي الطبقي، وأصبح من يقنع الناس بفكره، ومن يثبت جدارته هو من يستحق الوصول إلى المناصب العليا. بينما للأسف في كثير من بلاد المسلمين ما زلنا نعاني من ثلاث آفات، الأولى التمييز الطبقي والعنصري والمجتمعي، فما زلنا نسمع عبارات (هذا بدوي - هذا اعْجِمي - هذولا هيلق - هؤلاء لفو...)، تتردد على بعض الألسنة، وقد فضحت وسائل التواصل الحديثة مدى العنصرية التي يعيشها بعض المنتسبين إلى الإسلام.ومما يحزن له أن تسمع مثل تلك العبارات من أشخاص ترى من هيئاتهم وأشكالهم أنهم ملتزمون بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.وتتعجب كيف أن هذه العبارات تصدر من أشخاص بالتأكيد أنهم قرؤوا قول الله تعالى «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وسمعوا حديث «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».لقد حارب الرسول عليه الصلاة والسلام النفس العنصري، وحذر منه وقال للصحابة «دعوها فإنها منتنة»، وقال لأبي ذر الغفاري لما عيّر بلالا الحبشي، بأمه السوداء، «إنك امروء فيك جاهلية».والآفة الثانية: الفزعة القبلية أو العائلية أو الطائفية مع كل انتخابات تجرى في البلاد - بغض النظر عن مؤهلات ذلك المرشح وإمكاناته - من انتخابات الجمعيات التعاونية إلى انتخابات مجلس الأمة مرورا بانتخابات المجلس البلدي والنقابات، ناهيك عن انتقال تلك الآفة حتى في الانتخابات الطلابية.ولهذا يصل أحيانا إلى مقاعد تلك المجالس، أفراد ليسوا مؤهلين لها، ولا يستحقونها، لكنها آفة الفزعة العنصرية.وأما الآفة الثالثة، فهي إقصاء المتميزيين والمؤهلين لتولي المناصب القيادية، إما بسبب أصولهم، فهم ليسوا من «عيال بطنها» وإما بسبب أفكارهم وميولهم السياسية.مع أن الأصل في تولي المنصب هو الكفاءة والجدارة، وليس الأصل والفصل، فنحن نريد إبداع الرجل وعطاءه ولسنا بصدد تزويجه ومناسبته. وكم هو محزن عندما يُتّبع أسلوب الإقصاء في بعض الوزارات التي يفترض فيها توجيه الناس نحو العدالة والإنصاف. أو يقوم بعض القياديين ممن يقرؤون قول الله تعالى «ولا يَجْرِمَنَّكم شَنَئ?ان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى»، بتعطيل ترقية موظف، أو عدم تمكينه من الوصول إلى منصب قيادي يستحقه - فقط - بسبب الخلاف الفكري الذي بينهما!يقول الله تعالى «إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفسهم»، وما دمنا على المستوى الحكومي والشعبي نتبع أسلوب الموالاة والعنصرية في اختيارنا للمناصب أو تصويتنا للمجالس، ونُهمل معيار الكفاءة والأمانة، فسنظل نُراوح في مكاننا، هذا إن لم نتراجع خطوات وخطوات إلى الوراء.وسنرى غيرنا يتطور ويتقدم، ونحن نتفرّج ونتحلطم، ثم نلقي اللوم على غيرنا في تأخرنا... وفي الحقيقة أن العيب يكمن في داخلنا.نعيب زماننا والعيب فيناوما لزماننا عيبٌ سواناونهجو ذا الزمان بغير ذنبولو نطق الزمان لنا هجاناTwitter:@abdulaziz2002
مقالات
رسالتي
عمدة لندن... وعيال بطنها
09:57 م