حرصت الإثنين الماضي على متابعة لقاء دكتورة الفلسفة في جامعة الكويت شيخة الجاسم مع الأستاذ المميز عمار تقي، تلفزيونياً، حتى أتيقن من مدى دقة تصريحها الشهير الذي أثار ضجة واسعة عن القرآن الكريم والدستور وتفضيل أحدهما على الآخر، وقد توصلت عندما استمعت إلى اللقاء إلى نقاط عدة ومنها:- بساطة الطرح من التيار العلماني وتسطيحه للقضايا الفكرية والواقعية، وللتاريخ فإن الحالة الكويتية الليبرالية العلمانية لم تقدم نماذج فكرية متينة الطرح إلا نماذج بسيطة وقليلة تعد على أصابع اليد الواحدة، لذلك نجد أن ما يطرحه هؤلاء من استشكالات حول القضايا الشرعية والتاريخية نادراً أن يبنوه على منطلقات منطقية ودقيقة من الممكن أن تؤثر في الجمهور الباحث عن الحقيقة، وترجع هذه البساطة عندهم إلى ضعفهم في العلوم الشرعية والثقافة الاسلامية عموماً، وكذلك ضعفهم في القراءة التأصيلية للفكر الليبرالي العلماني.- كثرة تناول التيار الليبرالي العلماني للشخصيات الإسلامية بشخوصهم أثناء نقدهم للتجارب والأفكار الإسلامية، وهذه عناصر ضعف في الطرح وليست قوة، فكأنهم يجعلون مشكلتهم الرئيسة مع شخصيات التيار الإسلامي وليست مع أفكارهم، وعندما نبحث في مقالاتهم نجد التركيز على التناول الشخصي، لأشخاص من حيث حياتهم وتحركاتهم وبعضها لا علاقة له مع الصراع الفكري وحقيقته مما يبين أن هذه الطريقة في تناول الأمور لن توصل إلى الحقيقة وربما تزيد من هوة البعد عن الحقيقة.- التقلبات الفكرية والمنهجية التي تبين أن الخصومة مع التيار الاسلامي هي ذريعة للانقلاب على الحريات والمبادئ التي تكفل حقوق الشعوب، وتتبين حالة التقلبات والتناقضات الليبرالية في الموقف من الربيع العربي الذي أدت كثيراً من نتائجه لوصول تيارات إسلامية، فالدكتورة شيخة الجاسم على سبيل المثال عندما قالت الأفضل الصبر على السلطان الجائر والديكتاتور أفضل من عمل أمر ثوري لا طاقة للشعوب به!، فهل هذا الموقف من شيخة الجاسم وغيرها ينسجم مع الشعارات المتكررة أم أن الأمور تقف عند انتصار المخالف التاريخي المزعج؟- مسار التيار العلماني وتقلباته منذ بدايته يدل على أن هذه التطورات اليسارية ثم القومية ثم الليبرالية بتناقضاتها الفكرية تدل على أن هذا التيار ينتقل من فكرة إلى أخرى حتى لو كانت متناقضة من أجل مواجهة المشروع الإسلامي فهم عندهم مشكلة مع التيار الإسلامي وما يطرحه من أفكار، ولذلك عندما نريد أن نعرف التيار العلماني الكويتي بما يطرحه من أفكار وتاريخه وتقلباته نستطيع أن نقول «هم كل من يخاصم التيار الإسلامي ولا يريد تطبيق المفاهيم الإسلامية التشريعية».وبعد هذا النتاج العلماني الليبرالي في الواقع المحلي، هل يستطيع الليبرال الاعتراف بقصورهم في فهم الشريعة الإسلامية، وضعفهم التأصيلي فيها وكذلك تناقضهم في أفكارهم الليبرالية والعلمانية؟، فإذا لم يقوموا بتصحيح هذا المسار، فسيستمر هذا التيار باعتباره حالة مضادة للتيار الإسلامي وأفكاره ولا يملك قيمة فكرية تأصيلية واضحة، وإذا كنا نريد أن نكون عمليين لنعقد جلسات عميقة ومنهجية لمناقشة الأفكار والتأصيلات وبعدها نعرف من هم أصحاب الفكر ومن هم أصحاب النزعات المضادة.bomo6ar@gmail.com