نكست أعلام الشعر الشعبي حزنا بفقد أحد فرسانها والذي أعاد للشعر الشعبي هيبته ورونقه الذي كاد أن يفقده بوجود المتطفلين عليه، لقد رحل الفقيد سعد بن جدلان وترك بصمة واضحة في جزالة الشعر لم تُمحها الأيام والسنين لما يمتلك من مقومات القصيدة المتكاملة فهو يختار الموضوع الهادف ويصوغه في غالب جزيل بالمعاني والصور الجميلة المستساغة فهو يجتهد لأرضاء الذائقة الادبية من شوارد الفكر ليختار أجملها للمتلقي دون تكلف وقد تندهش وينتابك الذهول عندما تقرأ قصائده وأنت تعرف أنه امي لم يدرس وبالكاد أن يكتب بخرابيش لايستطيع فك رموزها الا هو ومع ذلك كتب أجمل الابيات في الحكمة والفلسفة والدين ناهيك عن الابواب الأخرى والتي طرقها بصورة مميزة لاتشبه شاعر آخر غيره، فكل بيت من قصائده له وجوده في القصيدة بعيدا عن الحشو الزائد حتى في القوافي الصعبة والتي يكتبها الشعراء تحديا لشاعريتهم ولكنهم يضطرون أن يكتبوا أبياتا تجبرهم عليها القافية دون أن يكون لها أي تأثير في القصيدة بعكس شاعرنا والذي يقول في أحد قصائده الصعبة والصعوبة تاتي في قلة حروف القافية لكنه أجاد وأبدع بقوله:ان كان بك هم يضك الصدر ضكاركه على القرآن خله يفكهمايشفي المهموم لاصار منتكالاكلام الله من دون شكهوان كان هاجوسك بتال العشى دكاربط احزامك وانحر خطوط مكهلو جيتها وانته على صدرك بلكوالله لتنطلها بلكه بلكهثم أنظر لفلسفة هذا البيت:الطير ياكل نملة الأرض ويعيشوان مات ترجع تاكل الطير نمله,ثم نراه في الوصف في الشيب حيث يقول:لاقفت مجاهيم عليها مزاهب طيبيالله في مغاتير ن تدخلني الجنهوهكذا هي قصائده في جميع ابواب الشعر تجد فيها الجزالة الأدبية فأنا لم استشهد الا بالشوارد المتناثرة من شعره ولم أكتب عن عيون الشعر لقصائده لأنكم حتما قد سمعتموها, ولكن المستغرب أن الشاعر يقرض الشعر منذ أن كان في العشرين من عمره الى أن توفاه الله وهو قد شارف السبعين من العمر والغرابة في الأمر أننا لم نكن نعرفه اعلاميا الا في العشر سنوات الاخيرة وهذا يعني انه لم يكن مهتما في الاعلام كما انني أجزم بأن هناك الكثير من القصائد للشاعر لم تر النور مقارنة بخمسة عقود من الشعر فنحن لم نستمع الا للقليل من شعره ونأمل أن يكون مدونا لدى ذويه لينشروه لاحقا، والجدير بالذكر ان شاعرنا يجيد شعر العرضة الجنوبية والمحاورة بالاضافة الى الشعر النبطي والذي وصلت قصائده للجميع بالرغم من أن القاءه لم يكن بالمستوى الجيد، ولكن الشعر الجزل حتما سيأخذ مكانه الصحيح كما وصلنا الشعر القديم لفطاحل الشعراء دون أن نستمع اليهم والذي سيضاف اليهم سعد بن جدلان بكل جدارة واستحقاق،اخيرا ليس لنا الا الدعاء له بالرحمة والمغفرة وأن يتجاوز عن سيئاته ويزيد في حسناته، وهذا المقال لايفيه حقه وحتما هناك من كتب ومن سوف يكتب لما قدمه للشعر من عطاء وجزالة فالى رحمة الله أيها النابغة الأكلبي.