شكّل لقاء الساعات الخمس الذي جمع الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ليل الأحد - الاثنين إشارة متقدّمة الى ان الحليفين، اللذين ساد «مدّ وجزر» علاقتهما على خلفية ملفات عدّة أبرزها الانتخابات الرئاسية، نجحا في بلوغ إطار لتنظيم الاختلافات بينهما بما يصون دورهما كرافعتين مسيحية وإسلامية لتحالف 14 آذار العابر للطوائف.وعكس البيان الذي صدر عن اللقاء الذي تخلله عشاء عمل اضافة الى كلام زعيم «المستقبل» بعد زيارته امس رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر عن العلاقة «المميزة» مع رئيس «القوات»، ان فسحة أكثر من شهرين ونصف الشهر التي فصلت بين عودة الحريري الى بيروت في 14 فبراير الماضي كانت كفيلة بتبريد «الهبة الساخنة» التي سادت هذه العلاقة منذ ان اعلن الرئيس السابق للحكومة في نوفمبر الماضي تأييد زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، حليف النظام السوري و«حزب الله» لرئاسة الجمهورية، ليردّ «الحكيم» في يناير بالانسحاب من السباق الرئاسي لمصلحة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي يُعتبر المرشح المعلن لـ «حزب الله» وايران.واكتسب اجتماع اول من امس أهميته في الشكل والمضمون، ذلك انه اللقاء الثاني بين الرجلين منذ عودة الحريري الى بيروت بعدما كان الأخير زار جعجع في 15 فبراير لاحتواء «الغضبة الشعبية» المسيحية على خلفية الـ «لطشة» التي وجّهها رئيس «المستقبل» الى رئيس «القوات» خلال احياء الذكرى 11 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري.وفي المضمون بدا «ردّ الزيارة» من جعجع للحريري مرتبطاً، الى جانب استكمال استكشاف آفاق الاستحقاق الرئاسي في ضوء زيارات زعيم «المستقبل» لكل من موسكو وبعدها تركيا وبحث قانون الانتخاب، بالانتخابات البلدية ولا سيما في بيروت، في ظلّ الحاجة الى توفير مظلة سياسية حقيقية لـ«الهدف» الرئيسي الذي رسمه الحريري للمعركة في العاصمة يوم الأحد المقبل وهو «فوز المناصفة» المسيحية - الاسلامية من خلال لائحة «البيارتة» المؤلفة من 24 عضواً وتفادي حصول اي اختراقات لها يمكن ان تكسر «العُرف» الذي كان أرساه الرئيس الشهيد رفيق الحريري (رغم الرجحان العددي للمسلمين) في أول انتخابات بلدية عرفها لبنان بعد الحرب الأهلية.وقد علمت «الراي» من مصادر على صلة بالمجتمعين في بيت الوسط اول من امس ان اللقاء كان مريحاً وساهم في تنفيس الاحتقانات التي اعترت العلاقة بين الجانبين إثر افتراقهما حيال المرشح الأكثر ملاءمة لرئاسة الجمهورية.واشارت هذه المصادر الى ان الحريري وجعجع استمرا على اختلافهما في شأن الاستحقاق الرئاسي ولكن على نحو أقلّ تشنجاً وحدّة، وتفاهما على إدارة العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» على قاعدة نزع الشوائب.وبحسب البيان الذي صدر عن المجتمعين فقد «تطرق الاجتماع الى مشكلة الفراغ في رئاسة الجمهورية وتداعياتها السلبية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى مناعة لبنان في مواجهة العواصف المحيطة. كما جرى البحث في سبل تفعيل تحالف 14 آذار بصفته مكان التقاء القوى السيادية والاستقلالية المؤمنة بمشروع الدولة»، موضحاً انه «في الشأن الإقليمي، دان الحريري وجعجع حرب الإبادة التي يشنها نظام الأسد على المدنيين في حلب، واعتبرا ان ما تشهده هذه المدينة الشهيدة هو قمة الإرهاب»، ولافتاً الى انه «تمّ التأكيد على التحالف بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل في الانتخابات البلدية في بيروت، والاتفاق على التنسيق بينهما في سائر المناطق».وبعد زيارته المطران بولس مطر، اعلن زعيم «المستقبل» ان البحث تناول الملف الرئاسي و«أهمية المناصفة في بلدية بيروت، وبالنسبة لي هذه المناصفة هي خط أحمر، أرساه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهذا ما سيحصل إن شاء الله»، موضحاً «كذلك أطلعتُ سيادته على أجواء اللقاء الذي جمعني بالدكتور جعجع، وقد أكدت له أن الحوار مع الحكيم سيستمر، وانني على علاقة مميزة معه. وقد تكون هناك بعض الاختلافات، ولكن العلاقة المتينة بين(القوات)و(المستقبل)ستبقى مستمرة بإذن الله».